-

من هم الترك

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

التّرك

التّرك في اللغة هم جيلٌ من المغول، والمفرد منها تركي والجمع أتراك. وهناك العديد من الآراء حول المكان الّذي جاء منه التّرك ومن هذه الآراء:[1][2]

  • يقال أنّ الأتراك من قبيلة مَذْحِج اليمنيّة التي كانت لها مكانةٌ عاليّةٌ بين القبائل، إلّا أنّ هذا الرّأي لم يكن مقبولاً.
  • يقال أنّ الأتراك أصلهم عائد إلى قنطوراء، وقنطوراء هي جارية النّبي إبراهيم عليه السّلام، وهذا الرّأي لم تثبت صحّته.
  • هناك رأيٌ يذكر أنّ الأتراك هم من نسب يافث بن نوح عليه السّلام، وهذا الرّأي ليس له دليلٌ منطقيٌ أو تاريخيٌ.
  • يقال أنّ الأتراك هم من قبيلة التّرك وهذه القبيلة سيطرت على القبائل التّركيّة جميعها.

مواطن الشّعوب التّركيّة

تؤكّد لنا نقوش أورخون أنّ تخوم الصّين هي المواطن الأولى لدى الشّعوب التّركيّة، فهم قبائل بدويّة تشابه القبائل اليمنيّة في نظامها الإجتماعيّ والسياسيّ. وأول دولة عاشت بالقرب من الحدود الصينيّة هي الدّولة الهونيّة، وكان ذلك في القرن الثّالث عشر قبل الميلاد، وقد أجبرت هذه الدّولة الصّينيين على القيام ببناء سور كبيرٍ وعظيمٍ لحماية أنفسهم من غارات الدّولة الهونيّة المتكررة.[1]

ومن المواطن الأولى للأتراك الّتي انطلقوا منها نحو العالم الإسلامي هي منطقة تركستان ( ما وراء النّهر) أي بلاد التّرك في منطقة آسيا الصّغرى، وهي تمثّل اليوم كلّاً من كازاخستان، وتركمانستان، وأوزباكستان وكذلك قيريغيزيا. وتمتدّ المنطقة الّتي كان يعيش فيها الأتراك من شمال الصّين شرقاً، وهضبة منغوليا إلى بحر قزوين من الغرب، ومن السّهول السّيبيريّة من الشّمال إلى فارس وشبه القارّة الهنديّة جنوباً.[1]

إنّ منحدرات منغوليا شرق جبال ألتاي هي من المناطق الّتي جائت منها القبائل التّركيّة، وظهور الأتراك في منغوليا كان بشكلٍ تدريجيٍ وغير محددٍ، وكان ظهورهم الأول عندما اكتسبت القبائل التّركيّة السّلطة في المناطق الجديدة الّتي وصلوا إليها، سواءٌ أكانوا من السّلاجقة، أو الخزر، أو أي مجموعةٍ أخرى من التّرك.[3]

ذكر الأتراك للمرّة الأولى في الحسابات الصينيّة، من خلال ذكر الإمبراطوريّة العظيمة التي أنشأها البدو في القرن السّادس الميلادي، وامتدّت هذه الإمبراطوريّة من شمال سور الصّين العظيم في الشّرق وحتّى البحر الأسود في الغرب، وتُعرف هذه الإمبراطوريّة باسم غوك ترك، وبعد توسّع هذه الإمبراطوريّة في منغوليا توسّعت من بعدها امبراطوريّة خازارس في الجزء الغربي من أراضي غوك ترك.[3]

الأتراك السّلاجقة

السلاجقة هم من أسرةٍ تركيّةٍ يعود نسبها إلى زعيمها سلجوق بن قاق الّذي عُرف بقدرته الحربيّة العالية، وله من الأولاد أرسلان وموسى وميكائيل الّذي كان من أبرز أولاده، وكان لميكائيل طغرل بك ( محمد ) وجغرى بك ( داوود ) وهما من كان على يدههما المجد للسّلاجقة. ويُذكر أن سلجوق بن قاق قد أسلم هو وأتباعه.[1]

هاجر السّلاجقة إلى خراسان التي كانت وقتها تحت نفوذ الغزنويين، ودارت بينهم صراعاتٌ كثيرةٌ انتهت لمصلحة السّلاجقة الذين سيطروا على إثرها على خراسان. وكان لانتماء السّلاجقة إلى المذهب السّنّي دورٌ مهمٌ في توطيد وتمكين سلطانهم؛ حيث أعلنوا ولاءهم وانتمائهم للخليفة العباسي القائم بأمرالله، وقد وسّع السّلاجقة مملكتهم وبسطوا نفوذهم على طبرستان، وجرجان عام 433 هجريّة، وسيطروا أيضاً على الري، وخوارزم، وهمدان عام 434 للهجرة، وفي عام 443 هجريّة سيطروا على أصبهان، وسيطروا عام 446 لهجرة على أذربيجان، وكانت تطلعاتهم نحو بغداد للسّيطرة عليها، وكان أوّل السّلاطين السّلاجقة في بغداد هو طغرل بك.[1]

جاء بعد طغرل بك السّلجوقي "ألب أرسلان" الّذي كان له أثرٌ كبيرٌ في توسيع حدود الدّولة السّلجوقية، فاستولى على حلب، وعزز وجود المسلمين في أرمينيا. ومن السّلاجقة الأتراك السّلطان "ملكشاه" الذي استمر في توسيع حدود مملكة السّلاجقة حتى أصبحت حدودها تمتد من أقصى البلاد الإسلاميّة في الشّمال وحتّى نهاية بلاد اليمن، ومن الحدود الصينيّة حتّى نهاية بلاد الشّام.[1]

صفات التّرك

عند حديثنا عن صفات الاْتراك لا بدّ لنا من اْن نفرّق بين الصّفات الخُلُقيّة والخَلقيَّة لهم، فمن أهمِّ صفاتهم الخُلُقيّة لينُهم في القولِ، وكرههم للنميمة، والرّياء والتّصنُع، ويُعرف الأتراك بأنّهم غير مخادعين، ولا منافقين، ولا متفاخرين بسياسةٍ، أوعلمٍ أو حتّى أسبقيّةٍ إلى الدّين، أمّا صفاتهم الخَلقيَّة فتظهر في قدرتهم على الصّبر، والقدرة على التّدريب الحربيٍّ؛ فأجسامهم قويَّة وذات خفّة.[1][4]في حديثنا عن صفات التّرك لابدّ لنا من أن نذكر رأي الجاحظ فيهم، حيث يعتبر الجاحظ اْوّل من تنبّه لوجود وأهميّة التّرك في الحضارة الإسلاميّة. إذ يُذكر أنّ الجاحظ كان يتمنّى لو أنّ الأتراك استقبلوا الأنبياء والحكماء منذ القدم، كما أنّه اتّفق مع القائلين بأنّ الأتراك يحبون الخيول وركوبها، ويحبون الصّيد والبريّة، إضافة إلى عشقهم لأوطانهم، ويرى الجاحظ أنّ التّرك لهم مهارة بالغةٌ في الحرب.[5]

علاقة التّرك بالمسلمين

منذ بداية القرن الهجريِّ الأول كان المسلمون يسعون إلى الوصول إلى بلاد التّرك، وكانت هناك غارات من قبل الجانب التّركيِّ على المسلمين، إلّا أنّ أوّلَ اتّصالٍ مباشرٍ بين المسلمين والتّرك كان في عهد الخليفة عمر بن الخطّاب؛ عندما اجتمع الفرس والتّرك عام 23 للهجرة لمواجهة المسلمين وعبور نهر جيحون، إلّا أنّ قائد الجيش الإسلاميِّ الأحنف بن قيس تمكَّن من دخول معسكر خاقان التّركي وقتل قادته الثّلاثة.[1][6]في فترة حكم الخليفة عثمان بن عفّان استطاع المسلمون دخول بلاد الأتراك، وذلك بعد قضائهم على ملك الفرس يزدجرد. أمّا في العصر الأموي فقد عرف الكثير من الأتراك الإسلام واعتنقوه، وفي العهد العباسي - وتحديداً في بدايته - كان الأتراك يُعامَلون معاملةً تعسّفيّةً، إلّا إنه ومع ظهور الفتن فيما بينهم قامت الدّولة العباسيّة بالقضاء على تلك الفتن واستقدمتهم للعمل في بلاط الخلافة، ليُصبحوا فيما بعد الحرسَ الخاص للخليفة المأمون. أمّا الخليفة المعتصم فقد استقدم الكثير من الأتراك وجعل لهم ميزة خاصّة ومكانة عنده، فأخذهم معه ليقيموا في العاصمة التي أنشأها وهي مدينة "سُرّ من رأى" (سامرّاء)، وأعطاهم مناصب في الدّولة فمنهم من كان حرساً شخصيّاً له، ومنهم من كان من أمراء ولايات دولته، أمّا في العهد العثماني فقد كان للأتراك قوَّةٌ كبيرة؛ إذ إنّ مؤسس الدّولة العثمانية هو عثمان بن أرطغرل وهو من أسرةٍ تركيّةٍ من قبيلة قاتي من قبائل الغز التّركمانيّة.[1]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ محمود حسن عمر (30-8-2015)، "الأتراك العثمانيون (النشأة والتطور)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-12-2017. بتصرّف.
  2. ↑ "تعريف و معنى ترك في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2017. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "HISTORY OF THE TURKS ", www.historyworld.net, Retrieved 15-1-2018. Edited.
  4. ↑ أحمد أمين، ظهر الإسلام: المجدل الأول و والمجلد الثاني، القاهرة - مصر: الدار المصرية اللبنانية، صفحة 45. بتصرّف.
  5. ↑ محمد شعبان أيوب، ""الأتراك قوم لا يعرفون الملَق ولا الخلابة ولا النفاق ولا السعاية ولا التصنّع""، midan.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2017. بتصرّف.
  6. ↑ أحمد النعيمي، الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط، عمان -الاردن: المنهل، صفحة 13. بتصرّف.