-

من هم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الحكمة من تعدّد زوجات النبي

أباح الله -تعالى- للمسلمين الزواج من أربع نساءٍ، فقد قال الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا)[1] ووجود الشرط وجوابه في الآية الكريمة له دلالةٌ عظيمةٌ، فمطلع الآية يُظهر حال الذي يخاف من عدم العدل في حق اليتيمة التي وُلِّي أمرها، وأراد الزواج بها أو تزويجها لابنه، لكنه لا يملك المهر، والنفقة، والسُكنى لها، فجاء الأمر بالآية الكريمة لمن كان هذا حاله أن ينصرف عنها، وينكح ما طاب له من النساء من غيرها، على أن يحقق العدل بينهنّ، فيعدل في الإنفاق، والمبيت، والسُكنى، فقد كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يُقسّم النفقة بين زوجاته، ويُستثنى من العدل الميل القلبي، فالواجب على الزّوج توفير الاحترام، والإكرام لكلٍ منهن.[2]

وقد شكّك أعداء الإسلام في الدين الإسلامي، بالاستناد إلى جواز التعدّد، فهم يزعمون أنَّ الله -تعالى- أباح للنّبي -صلّى الله عليه وسلّم- الزّواج بأكثر من أربع زوجاتٍ لدوافع شهوانيّةٍ، والحقيقة أنَّ العقل والوقائع التاريخيّة تُثبت أنَّ الحكمة وراء تعدّد زوجات النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- خلاف ذلك، فلو كان السّبب شهوانيّاً لما كان زواج النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- الأوّل وهو شاباً الذي يشهد فيه الرّجل أعلى طاقاته الشّهوانيّة من السّيدة خديجة التي كانت تكبره خمسة عشر عاماً، ثمَّ تزوَّج بسودة بنت زمعة التي كانت تكبره بخمس سنوات، وممّا يُبطل هذه الدعوى الباطلة أنَّ السّيدة عائشة كانت البكر الوحيدة التي تزوجها النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد كانت أُمّهات المؤمنين مرجعاً لنساء الصّحابة في الفُتيا والتّعليم، وغيرها الكثير من الحكم في تعدد زوجات النبي؛ منها الحكم الاجتماعية، والحكم التشريعية، وكذلك الدعوية.[2]

من هم زوجات النّبي عليه الصّلاة والسّلام

تزوَّج النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- من إحدى عشر امرأةً، وقد تُوفّي منهنَّ اثنتان في حياته، وتسعة بعد وفاته، أمَّا أسماؤهنَّ بالتّرتيب:[3]

  • خديجة بنت خويلد القرشيّة الأسديّة: كان عمرها عند زواجها من النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- أربعون سنةً، وقد أحبَّها النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- محبّةً كبيرةً؛ فقد آزرته في حياته، وأعانته على الدّعوة إلى الله -تعالى- بنفسها ومالها، فلم يتزوّج بغيرها في حياتها، وشرَّفها الله -تعالى بأن كانت أوّل من آمن بدعوة النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- من النّساء، فجاء جبريل إلى النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- فقال له: (يا رسولَ اللهِ، هذه خديجةُ قد أَتَتْ، معها إناءٌ فيه إِدامٌ أو طعامٌ أو شرابٌ، فإذا هي أَتَتْكَ فاقَرِأْ عليها السلامَ مِن ربِّها ومنِّي، وبِشِّرْهَا ببيتٍ في الجنةِ مِن قَصَبٍ لا صَخَبٌ فيه ولا نصبٌ)[4] وقد كان وفاتها -رضي الله عنها- قبل هجرة النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- بثلاث سنواتٍ، فحزن النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- عليها حزناً شديداً، كما أنَّه كان يُكثر من ذكرها، ويُكرم صديقاتها حتّى بعد وفاتها.
  • سودة بنت زمعة القرشيّة: فقد تزوجها رسول الله بعد وفاة خديجة، وتوفّيت في آخر خلافة عمر رضي الله عنهما.
  • عائشة بنت أبي بكرٍ رضي الله عنهما: كانت تُكنَّى بأُم عبد الله، ولم يكن لها أولادٌ، ولم يتزوَّج النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- بكراً غيرها، وكانت من أحبّ نسائه إليه، فقد قال: (أحبُّ النَّاسِ إليَّ عائشةُ ومنَ الرِّجالِ أبوها)،[5]، وهي الّتي افترى النّاس عليها بحادثة الإفك، فأنزل الله -تعالى- لتبرئتها آياتٍ تُتلى إلى قيام السّاعة، وعُرفت السّيدة عائشة بكثرة العلم والفقه، فقد كان الصّحابة الكرام -رضوان الله عليهم- يستفتونها في أدقّ المسائل، ويرجعون إليها في كثيرٍ من الأحكام.
  • حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: كانت زوجةً لخُنيس السّهمي قبل زواجها من النّبي صلّى الله عليه وسلّم.
  • زينب بنت خزيمة القيسيّة: من بني هلالٍ، حيث توفّيت بعد زواجها من النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- بشهرين.
  • هند بنت أبي أُميّة القرشيّة المخزوميّة: كانت تُكنَّى بأُمّ سلمةٍ، وكانت آخر نساء النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- وفاةً.
  • زينب بنت جحشٍ: أنزل الله -تعالى- فيها قوله: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ مَفْعُولًا)[6] فتزوّجها النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- بعد الصّحابي زيد بن حارثةٍ؛ للإشارة إلى عدم قبول التبني في الإسلام.
  • جويرية بنت الحارث: وكانت جويرية -رضي الله عنها- من سبايا بني المصطلق.
  • رملة بنت أبي سفيان القرشيّة الأُمويّة: كانت تُكنَّى بأُم حبيبة، وقد توفّيت في خلافة أخيها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.
  • صفيّة بنت حييّ بن أخطب: وقد كان أبيها حييّ سيّد بني النضير.
  • ميمونة بنت الحارث: وهي آخر من تزوّج بها النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- بمكّة المكرّمة.

الأدب مع أمّهات المؤمنين

فضَّل الله -تعالى- أُمّهات المؤمنين وأثنى عليهنَّ في القرآن الكريم، يقول القرطبي: (شرّف الله أزواج نبيه صلّى الله عليه وسلّم بأن جعلهن أمهات المؤمنين أي: وجوب التعظيم، والمبرة، والإجلال، وحرمة النكاح على الرجال، وحجبهن رضي الله عنهن بخلاف الأمهات)، وقد أوصى النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- بأهل بيته، والأهل في اللغة تُطلق على الزوجة، ويكفي أنَّهنَّ آثرن الآخرة على الدّنيا وزينتها، فأعدَّ الله -تعالى- لهنَّ الثّواب الجزيل، وقد قضى الله -تعالى- لهنَّ في القرآن الكريم بحكم الأُمومة لجميع المسلمين، وهذه الأُمومة تتطلّب الإقرار بفضلهنَّ وعِظم منزلتهنّ، وإن كان الإسلام قد أقرَّ للأُم مكانةً ساميةً، فإنَّ هذه المكانة تتأكّد في حقّ أُمّهات المؤمنين، فعلى المسلمين الترضّي عليهنَّ والدعاء لهنَّ، والاقتداء بهنَّ في سيرتهنَّ العطرة، والتصدي لمن يطعن بهنَّ.[7]

المراجع

  1. ↑ سورة النساء، آية: 3.
  2. ^ أ ب د. مصطفى مسلم (23-10-2018)، "الحكمة من تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2019. بتصرّف.
  3. ↑ "عدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وأولاده"، www.islamway.net، 18-3-2008، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2019. بتصرّف.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3820، صحيح.
  5. ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عمرو بن العاص و أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 204، صحيح.
  6. ↑ سورة الأحزاب، آية: 37.
  7. ↑ أبو عبد العزيز الزمانان، "الأدب مع أُمهات المؤمنين"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2019. بتصرّف.