من بنى مدينة تدمر طب 21 الشاملة

من بنى مدينة تدمر طب 21 الشاملة

مدينة تدمر

تقعُ منطقة تدمر في الجمهوريّة السوريّة، في محافظة حِمص، وتحديداً على دائرة عَرض 34.56، وخطّ طول 38.28، وعلى ارتفاع 418 متراً فوق مُستوى سطح البحر، وهي تقع في وسط بادية الشام، وتَبعدُ عن العاصمة دمشق 243كم، ومن الجدير بالذكر أنّ الكثافة السكّانية لمدينة تدمر تبلغ حوالي 51,015 نسمة، مٌشكِّلةً بذلك ثالث أكبر مدينة في محافظة حِمص السوريّة.[1][2]

لم يُعرَف أيّ معنىً مُؤكَّد لاسم (تدمر)؛ حيث يرجع أقدم ذكر لاسم تدمر إلى الألف الثاني قَبْل الميلاد، وقد قِيل إنّ هذا الاسم من ناحية المنطق مُشتَقٌّ من "دَمَر" بمعنى: "حَمَى"، والاسم اليونانيّ له هو (بالميرا)، وهو مُشتَقٌّ من كلمة لاتينيّة معناها: النخيل، وينسبُ بعض الباحثين منشأ الاسم للإسكندر الأكبر الذي دخل إلى تدمر، وسمّاها (بالميرا)؛ لما رأى فيها من الغابات المليئة بأشجار النخيل، وقد ظلَّ هذا الاسم منسوباً إلى تلك المنطقة منذ ذلك الوقت.[2][3] وقد ذُكرت مدينة تدمر في عدّة مواضع في النصوص القديمة على مَرّ التاريخح حيث وَرَد اسم أحد التدمُريّين (بوزور آشور) في مخطوط آشوريّ اكتُشِف في مدينة (كول تبه) في (كبادوكيا) الموجودة في منطقة الأناضول، وذلك في القرن التاسع عشر قَبْل الميلاد، كما ذُكِرت مدينة تَدمُر في نصوص تعود إلى مملكة ماري في القرن الثامن عشر قَبْل الميلاد، إضافة إلى أنّ ذِكْر تَدمُر قد ورد أيضاً في نصوص إيمار في القرن الرابع عشر قَبل الميلاد.[4]

أوّل من بنى مدينة تَدمُر

نزل الإنسان القديم محيطَ مدينة تدمر، حيث تعود أقدم آثار لقاطِني تدمُر إلى العصر الحجريّ القديم؛ أي قَبْل 75,000 سنة مَضَت؛[4] حيث بُنِيت تدمر كمستوطنة صغيرة بالقُرب من واحة في وسط الصحراء في العصر الحجريّ، وقد ساعد توفُّر الماء، وخصوبة التربة على نشوء حضارة إنسانيّة في المنطقة،[2] وبعد ذلك، أصبحت مُستعمَرة لبلاد ما بين النهرَين تحت الحُكم الآراميّ في الألفيّة الثانية قَبل الميلاد، ثمّ نزل العرب مدينة تدمر في الألفيّة الأُولى قَبل الميلاد، حيث شكَّلوا غالبيّة أهلها، وأصبح هناك نوعٌ من التعايُش والتواؤُم بين الحضارتَين، وقد استخدمَ العرب اللغة الآراميّة في شأنهم، كالنَّبَطيّين الذين استخدموا اللغة الآراميّة، ويرى الباحثون أنّ العرب أخذوا يزحفون إلى المناطق الخصبة التي تقع ناحية الشرق من أرض كنعان بعد أن سقطت دولة بابل، إذ كانت اللغة الآراميّة هي اللغة الدارجة في منطقة غرب الفرات، كما تظهر في بعض الكتابات الآراميّة بعضُ المفردات والمصطلحات العربيّة الأصيلة.[3][5]

تاريخ تدمر

إنَّ المعلومات المُتوفِّرة عن مدينة تدمر في زمن الدولة البابليّة الحديثة، وفي عصر الدولة الأخمينيّة غير وفيرة، إلّا أنّ المعلومات تُؤكّد على أنّ مدينة تدمر كانت ذات أهمّية كبيرة في عهد الدولة السلوقيّة (312-64ق.م)؛ حيث إنّ المعلومات تُشير إلى أنّ مدينة تدمر كانت في عهد السلوقيّين مدينة مُزدهرة تحت حُكم الإمارة العربيّة، وحين تمّ الاستيلاء على تدمر من قِبَل الرومان في عام 64 قَبل الميلاد، أصبحت تدفع للروم الجزية، علماً بأنّ من أبرز حُكّام الروم الذين مَرّوا على تدمر: الإمبراطور تيبيريوس (بالإنجليزيّة: Emperor Tiberius)، كما أنشأ فيها الإمبراطور الرومانيّ تراجان فرقة نظاميّة من التدمُريّين؛ لتساندَ الجيش الرومانيّ، وأُنشِئت أوّل حامية رومانيّة في تدمر آنذاك، كما تمّ مَنح المدينة لقب (المدينة الحرّة) من قِبَل الإمبراطور "هادريان" في عام 129م، وترتَّب على ذلك إعطاء المدينة شكلاً من أشكال الحُكْم الذاتيّ، وإدارة أمورها، كفَرْض الضرائب، وغيرها.[4][2][5]

اتَّخذ التدمُريّون عائلة تدمريّة؛ لتوليتها الحُكم، وذلك في القرن الثالث الميلاديّ، حيث تولّى الحُكم آنذاك الملك أُذينة، وبعد وفاته هو ووليّ عهده في ظروف غامضة، تولّى الحُكم ابنه وهب اللات، إلّا أنّ صِغَر سنّه في ذلك الوقت جَعَل أمّه زنوبيا حاكمة على تدمر بالوصاية، ومن الجدير بالذكر أنّه خلال فترة حُكم زنوبيا، ازدهرَت المدينة، ووصلَت إلى حالة من الاستقلال عن الحُكم الرومانيّ، وتوسَّعت زنوبيا، واحتلَّت مصر، والأناضول، وصولاً إلى بلاد الشام، الأمر الذي أقلق الإمبراطور الرومانيّ أورليان، حيث حاولت الملكة زنوبيا مُقاومة الرومان، وسَيَّرت جيشاً لمواجهتهم، إلّا أنّ الجيش هُزِم على يد الإمبراطور أورليان الذي استولى على تدمر، وألقى القبض على الملكة زنوبيا.[4][2]

وقد تمّ دخول مدينة تدمر من قِبَل المسلمين على يد الصحابيّ خالد بن الوليد صُلْحاً في عام 634م، ثمّ جاء العهد الأمويّ الذي ازدادت فيه المدينة أهمّيةً؛ وذلك لوقوعها بين قصرَي الحير الشرقيّ، والحير الغربيّ، واللذين بناهما هشام بن عبدالملك، وفي العهد العبّاسي أُهمِلت المدينة، ثمّ ضُرِبت المنطقة بزلازل في القرن العاشر الميلاديّ؛ الأمر الذي أدّى إلى هَدْم العديد من مبانيها، بالإضافة إلى حَصْد العديد من أرواح سُكّانها، وفي العهد الأيّوبي، والمملوكيّ، رُمِّمت قلعة تدمر لتصبح قلعة فخر الدين المعني الثاني، كما تمّ ترميم جُدران معبد بل، وحُوِّل الهيكل إلى مسجد، إلى حين دخول تيمورلنك مدينة تدمر في أواخر القرن الرابع عشر الميلاديّ؛ حيث هَدَمها، وحَدَّ من أهمّيتها، ومكانتها، وتجارتها عبر التاريخ، وظَلَّت مُهمَلة، ومهجورة في عهد العثمانيّين،[4] كما أصبحت قرية تشكو وتعاني غزوات البدو.[2]

المعالم الأثريّة

تزخرُ مدينة تدمر بالعديد من المعالم الأثريّة، والطبيعيّة البارزة، والتاريخيّة التي تعود إلى حِقَب زمنيّة مختلفة، ومنها:[2]

تدمر في العصر الحديث

في عام 2016م، تعرَّض موقع مدينة تدمر إلى خراب ودمار؛ نتيجةً للمعارك التي دارت هناك، وقد أرسلت مُنظَّمة اليونسكو بعثة؛ لتقييم الأضرار التي حلَّت بمدينة تدمر، وقد عايَنَ الخبراء وكشفوا على كلٍّ من المتحف، والموقع الأثريّ لمدينة تدمر، ووجدوا أنّ معظم التماثيل، والتوابيت الحجريّة ثقيلة الوزن التي لا يُمكن نَقْلها إلى مكان آمن، قد تعرَّضَت للتخريب، والتحطيم، ومنها ما وُجِد مقطوع الرأس ومَرميّاً على الأرض، وقد حدَّدت البعثة والخبراء فيها إجراءات، وتدابير طارئة؛ لتأمين بناء المتحف، والمحافظة عليه، بالإضافة إلى الأعمال اللازمة؛ من أجل توثيق كلّ ما يمكن إيجاده، وحفظه؛ وذلك لإخلائه، وحمايته، عدا عن أنّ العمل ما زال جارياً؛ لتوثيق الأضرار، ونَشْر التوعية وطنيّاً، ودوليّاً، في ما يتعلَّق بأهمّية الموقع، وضرورة المحافظة عليه كأحد أهمّ، وأقدم المواقع الأثريّة في العالَم.[6]

المراجع

  1. ↑ "Where is Tadmur, Syria?", www.worldatlas.com, Retrieved 29-6-2018. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ "تدمر"، www.discover-syria.com،29-6-2018، Retrieved 29-6-2018. Edited.
  3. ^ أ ب عبد الحميد حسين حمودة (2006)، تاريخ العرب قبل الإسلام (الطبعة الأولى)، القاهرة، مصر: الدار الثقافية للنشر، صفحة 112،113. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج "تدمر - بالميرا"، ww.dgam.gov.sy،29-6-2018، Retrieved 29-6-2018. Edited.
  5. ^ أ ب "palmyra", www.history.com, Retrieved 27-8-2018. Edited.
  6. ↑ "موقع تدمر الأثري", www.ar.unesco.org, Retrieved 29-6-2018. Edited.