-

من الذي جمع القرآن

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

القرآن الكريم

أنزل الله سبحانه وتعالى على نبيه محمد - عليه الصلاة والسلام - معجزةَ القرآن الخالدةِ إلى قيام السّاعة، فالقرآن الكريم هو كتابُ الله الذي شَكّل دستوراً للأمّة ومرجعاً للأحكام الفقهيّة والتشريعيّة التي تَصلح لكلّ زمانٍ ومكان، وفي حين امتدّت يد التّحريف إلى الكتب السماوية التي أنزلت من قبل مثل التوارة والإنجيل، فقد تعهد الله سبحانه بحفظ كتابه، فلا تمتدّ إليه يد العابثين وأهل الأهواء، قال تعالى: (إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون).

جمع القرآن في عهد النبي الكريم

قد تنزّلت آيات القرآن الكريم على النبي - عليه الصلاة والسلام - مُتفرّقة حسب أسباب النّزول، وقد كان بين يدي النّبي عددٌ من الصحابة الكرام الذين أخذوا على عاتقهم كتابةَ الوحي وحفظ آيات القرآن الكريم، ومن هؤلاء الصحابة العظام عُرف: مُعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبي ابن كعب - رضي الله عنهم أجمعين - حيث كانوا مِمّن جمعوا القرآن، وكان الجمع يتم من خلال كتابته على الرّقاع، والجريد، والعسب، والأكتاف، وكذلك بحفظه في الصّدور.

مرحلة الجمع الأوّل للقرآن الكريم

بعد أنْ توفي النّبي - عليه الصلاة والسّلام - استخلف أبا بكر الصّديق - رضي الله عنه - وارتدتْ الكثيرٌ من قبائل العرب عن الإسلام، فَقرّر أبو بكر مقاتلة المرتدين، وشارك الصّحابة - رضوان الله عليهم - في حروب الرّدة ممّا أدّى إلى استشهاد الكثير من حَفَظة القرآن الكريم، فشاور أبو بكر الصّديق كبار الصحابة في ذلك وعلى رأسهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فأشاروا عليه أنْ يَجمع القرآن الكريم من خلال تَتَبّع آياته التي كانت مكتوبةً في عهد الرّسول - عليه الصلاة والسّلام - في الرِّقاع والأكتاف وما حفظته الصّدور.

كَلَّف أبو بكر - رضي الله عنه - عدداً من الصّحابة بهذه المُهمّة الجليلة حتى تَمكن من جمعِ آياتِ القُرآن الكريم في صُحُفٍ مَكتوبةٍ بَقيتْ عَنده، ثمّ عند عمر - رضي الله عنه - من بعده، ثمّ أخيراً عند حَفصة بنت عمر - رضي الله عنهما -.

مرحلة الجمع الثاني للقرآن الكريم

في عهد عثمان - رضي الله عنه - وفي ظلّ اتساع رُقعة الدولة الإسلامية ودخول الكثير من الشعوب غير العربية في الإسلام، واختلاف اللهجات ظهر اللحن في قراءة القرآن، كما ظهر اختلاف بين النّاس في اتباع قراءات الصحابة ممّا دفع الخليفة عثمان - رضي الله عنه - إلى أنْ يَجتمع بالصحابة، ويُقرّر جمع النّاس على مصحفٍ واحد بلهجةٍ واحدةٍ هي لَهجةُ قريش، وقد كَلَّف الصحابيان الجليلان سعيد بن العاص وزيد بن ثابت - رضي الله عنهما - بتلك المُهمة، وتكلّلت جهودهما المباركة في إخراج مصحفٍ جامعٍ سُمّيَ بالمصحف العثماني، وكان هذا الجمع هو الجمعُ الثاني للقرآن الكريم.