-

من الذي اكتشف رأس الرجاء الصالح

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

رأس الرجاء الصالح

هو بروز صخري في نهاية الطرف الجنوبي لشبه جزيرة كيب في مقاطعة كيب الغربية، في جنوب أفريقيا.[1] وقد عُرف رأس الرجاء الصالح قديماً باسم رأس العواصف، وقد تغير اسمه بعد أن أعاد البحار البرتغالي فاسكو دي جاما تسميته برأس الرجاء الصالح. ويعود سبب التسمية أنه كان الطريق الوحيد الواصل بين أوروبا وآسيا عن طريق البحر حول أفريقيا وذلك قبل شق قناة السويس،[2] ويختلف أصل التسمية بحسب المصدر حيث يعود ذلك إلى عدة مكتشفين، فهناك روايات تقول أن ملاحاً برتغالياً يدعى بارتولوميو دياز كان في رحلة للتأكد من الحدود الجنوبية للقارة الأفريقية، وفي أثناء عودته إلى البرتغال رأى الجزيرة فقام بتسميتها برأس العواصف، وتقول روايات تاريخية أخرى أن جون الثاني من البرتغال أعاد تسميتها برأس الرجاء الصالح، إلا أن البعض يرجح التسمية الحالية لدياز نفسه. ويتسم الطقس في منطقة رأس الرجاء الصالح عادة بأنه عاصف، وهو نقطة الالتقاء بين الموزمبيق الحارة في المحيط الهندي وتيار بنغويلا البارد في القطب الجنوبي، كما يتميز رأس الرجاء الصالح بوجود النباتات والشجيرات المنخفضة، والجدير بالذكر أنه توجد منارة تبعد حوالي 2كم إلى الشرق من رأس الرجاء الصالح.[1]

مكتشف رأس الرجاء الصالح

إن أول من بدأ عمليات الاكتشاف هم البرتغاليون، وكان ذلك في شبه جزيرة أيبيريا في القرن الخامس عشر الميلادي، وقد ساعدت حركة الكشوفات الجغرافية هذه في نشوء الإمبراطورية البرتغالية، وهناك عدة عوامل وأسباب دفعت الأهالي للقيام برحلات الاستكشاف، وتشتمل هذه العوامل على وجود الميناء البحري (لشبونة)، وطبيعة الأرض التي سكنها شعب البرتغال حيث إنها كانت جبلية، وساحلية، وذات موارد محدودة لا تفي باحتياجات السكان، كما أن الأمراء المتحكّمين بالسلطة في البرتغال كانوا مستبدّين ويتطلعون إلى ترك بلادهم ونشر سلطتهم خارجها، وقد استفاد البرتغاليون في الحصول على معلوماتهم الاستكشافية من معلومات العرب الملاحية عن المحيط الهندي وبحر الصين، بالإضافة إلى دراساتهم المتعلّقة بالتيارات البحرية ومواعيد الرياح.[3]

الأمير هنري الملاح

عاش الأمير هنري الملاح في الفترة 1394-1460م، ويُعد من الرائدين في حركة الاكتشافات الجغرافية الحاصلة في القرن الخامس عشر، حيث قام بتجهيز كل ما يلزمه من سفن، ومخازن، وإعداد الأشرعة للبدء في رحلته لاكتشاف الطريق البحري المؤدي إلى الهند. وفي عهده استطاع البرتغاليون اكتشاف عدة جزر، وهي جزر الكناري، والآزور، وماديرا، ومصب نهر السنغال، والرأس الأخضر، ورأس بوجادور. وقد أدت مشاركته في الحملة العسكرية في أكتوبر عام 1458م إلى احتلال ميناء ومدينة القصر الصغير على الساحل المغربي عام 1460م، وقد استطاع بحملاته واكتشافاته الوصول إلى سيراليون.[3]

بارتولوميو دياز

أدّت عودة الحملات الاستكشافية في عام 1487م في حكم الملك يوحنا الثاني إلى اكتشاف رأس الرجاء الصالح، وذلك عندما قام الملك بإرسال بعثة استطلاعية حول أفريقيا برئاسة بارتولوميو دياز الذي عاش في الفترة 1450-1500م، وقد كان الهدف من هذه الحملات الوصول إلى الهند بحراً، حيث تمكّن من الوصول إلى جنوب قارة أفريقيا وسط ظروف جوية صعبة وأطلق على المنطقة اسم رأس الزوابع، ثم عاد إلى لشبونة لإخبار الملك أنه قد اكتشف الطريق إلى الهند وأصبح واضح المعالم. ولأن هذا الطريق بَشر ببلوغ الرجاء وهي أرض الهند وكشف الطريق البحري المؤدي إليها، وأزال مخاوف الملّاحين، قام الملك بتسميته الرجاء الصالح.[3]

وفي عام 1488م تم اعتبار بارتولوميو دياز أول أوروبي يقترب من الطرف الجنوبي للقارة الأفريقية، وبالتالي فتح الطرق البحرية من أوروبا إلى آسيا، وقد بدأت سفن دياز بالإبحار عن طريق رأس الرجاء الصالح للوصول إلى أقصى جنوب أفريقيا، والدخول إلى مياه المحيط الهندي، وتعتبر أهم الأسباب التي دفعت البرتغال إلى استخدام الطرق البحرية الصعبة والسعي لاكتشافها إغلاق الطريق التجاري البري بسبب غزو الإمبراطورية العثمانية. وقد أدت هذه الانتصارات البحرية التي حققتها البرتغال إلى زيادة التجارة مع الهند والبلاد الآسيوية الأخرى، كما سمحت للمستكشف جينوان كريستوفر كولومبوس بالعيش في البرتغال، والحصول على رعاية ملكية لإنشاء طريق بحري إلى الشرق الأقصى.[4]

فاسكو دي جاما

مرت رحلة الاستكشاف البرتغالية بفترة من الركود إلى أن قام عمانويل الأول بتكليف فاسكو دي جاما باستئناف حركة الكشوفات في عام 1479م، والذي قام بالإبحار مستخدماً أسطولاً مكوناً من أربع سفن، على متنها 160 بحاراً، وذلك لاستكشاف طريق بحري إلى الهند حول أفريقيا، وقد استغرقت هذه الرحلة أحد عشر شهراً في الذهاب، وسنة كاملة في العودة، ولم يعد معه سوى عدد قليل من البحّارة الذين بقوا على قيد الحياة، وقد عاد محملاً بكنوز الشرق ومعاهدات تجارية مع سكان مالندي.[3]

ويُعرف فاسكو دي غاما عند البرتغاليين بأدميرالتي والذي يعني أمير البحار. وقد وُلد في مدينة ساينس قرب ستوبال جنوب غرب البرتغال وعاش في الفترة 1460-1524م. وقد أبحر خروجاً من ميناء لشبونة حول رأس الرجاء الصالح وصولاً إلى مدينة مالندي على الساحل الشرقي لأفريقيا، ثم استعان بدليل هندي للوصول إلى ميناء كلكوتا، وتمت مقاومته من قبل الأهالي هناك، وقُتل 40 من بحارته، ولكنه عاد إليها بعد ثلاث سنوات للانتقام لهم، وفي طريقه إلى هناك أسّس مستعمرات في الموزمبيق وسوفالا، وعاد من ميناء كلكوتا بثلاث عشرة سفينةً محملةً بالغنائم.[3][5]

ونتيجة لإنجازاته مُنح دي غاما امتيازاتٍ ملكيةً، واستمر في تقديم المشورات للملك بشأن الأمور الهندية، حتى تم ترشيحه في عام 1524م نائباً للملك البرتغالي في الهند، وأُرسل للتعامل مع الفساد الذي أخذ في التصاعد بين السلطات البرتغالية هناك، وتوفي نتيجة المرض في 24 ديسمبر من عام 1524، ونُقل جثمانه عام 1539م ليتم دفنه في البرتغال.[6]

أهمية رأس الرجاء الصالح

يُعتبر رأس الرجاء الصالح جزءاً من شبه جزيرة كيب، حيث يقع في الطرف الجنوبي منها، ويحتوي على العديد من المناظر الخلّابة، حيث يوجد هناك حديقةٌ، ومحميةٌ طبيعيةٌ، كما أنه موطنٌ لحوالي 250 نوعاً من الطيور، ويُعزى السبب في ذلك إلى الطبيعة النادرة من النباتات، كما أنه يتميّز بوجود الحيوانات الكبيرة، مثل قطعان الحمُر الوحشية ومجموعةٍ من الظباء المتنوعة، بالإضافة إلى الثروة من الحيوانات الصغيرة مثل السحالي، والثعابين، والسلاحف. كما أن الموقع المتميز والاستراتيجي لرأس الرجاء الصالح يجعله غنياً بالحياة البحرية، حيث يوجد أنواعٌ نادرةٌ من الحيتان والدلافين، كما يحتوي على 1,100 نوع من النباتات، ويتميز بالتربة الحمضية.[7]

وقد أدّى اكتشاف البرتغاليين لرأس الرجاء الصالح إلى إلغاء الوساطة الإسكندرية والبندقية حيث كانت تتجمّع السّلع الشرقية فيهم قبل انتقالها إلى أوروبا وبالتالي تصل إليهم بأسعار باهظة، وأصبح البرتغاليون يتحكمون في مصادر هذه السلع من أرجاء المحيط الهندي وينقلونها مباشرة إلى سوق الاستهلاك مثل إنجلترا وغيرها من الدول الأوروبية، وقد أدى هذا التحول التجاري من مصر والبحر المتوسط على أيدي البرتغاليين إلى تشكيل الخطر على مدينة البندقية، ولذلك بدأ سكانها بمحاولة إقناع سفراء ملوك الهند بعدم قدرة البرتغاليين على نقل بضائعهم دون مساعدة مالية من البندقية، وقد شُكّلت حملاتٌ عديدة من جهة السفارة الدبلوماسية في البندقية هدفها قطع علاقة الهنود بالبرتغالين وإقفال موانئهم في وجه سفنهم، إلّا أن جميع المحاولات قد باءت بالفشل، وغمر البرتغاليون الأسواق الأوروبية بالمنتوجات الشرقية مما أدى إلى أزمة اقتصادية عند المماليك والبنادقة.[8][9]

المراجع

  1. ^ أ ب "Cape of Good Hope", www.britannica.com, Retrieved 2018-2-18. Edited.
  2. ↑ "معنى اسم رأس الرجاء الصالح في قاموس معاني الأسماء"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-18. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج "اوروبا في عصر النهضة انتساب"، www.uqu.edu.sa، 2017-3-11، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-18. بتصرّف.
  4. ↑ "BARTOLOMEU DIAS", www.history.com, Retrieved 2018-2-18. Edited.
  5. ↑ "نبذة عن حياة الملاح فاسكو دي غاما "، www.ksag.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-18. بتصرّف.
  6. ↑ "Vasco da Gama (c.1460 - 1524)", www.bbc.co.uk, Retrieved 2018-2-18. Edited.
  7. ↑ "Cape of Good Hope", www.newworldencyclopedia.org, Retrieved 2018-2-18. Edited.
  8. ↑ سامي بن عبدالله المغلوث، أطلس تاريخ العصر المملوكي، صفحة 232. بتصرّف.
  9. ↑ سامي بن عبدالله المغلوث، أطلس تاريخ العصر المملوكي، صفحة 234. بتصرف.