-

من الذي حفر بئر زمزم

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

ماء زمزم

ماء زمزم ماءٌ مبارك، ينبع في أطهر بقعة على وجه الأرض، وقد فجّر الله -تعالى- هذا البئر الطيب الطاهر قبل خمسة آلاف سنة كرامة لإسماعيل -عليه السلام- وأمه هاجر، فكانت زمزم من الآيات المعجزة في بيت الله الحرام، وسبباً لعمران مكة المكرمة ووقود الحياة فيها، ولماء زمزم العديد من الفضائل، فهو شفاء من كل داء، وطعام طُعم، مصداقاً لما رُوِي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنَّها مبارَكةٌ، وهي طعامُ طُعمٍ، وشِفاءُ سُقمٍ)،[1] بالإضافة إلى قوله عليه الصلاة والسلام: (خَيرُ ماءٍ على وجْهِ الأرضِ ماءُ زَمْزَمَ، فِيه طعامٌ من الطُّعْمِ، و شِفاءٌ من السُّقْمِ)،[2] وفي زمننا الحاضر أثبتت التحاليل المخبرية أن زمزم أنقى ماء على وجه الأرض، ولا بُد من الإشارة إلى بعض السنن في شرب ماء زمزم، كالتضلُّع؛ أي الإكثار من الشرب حتى يتمدد الجنب والأضلاع، والتنفس ثلاث مرات أثناء الشرب، والتسمية قبل الشرب وحمد الله بعده، وقد كانت بئر زمزم ظاهرة في الحرم الشريف ولا يفصلها عن الكعبة المشرفة إلا بضعة أمتار، ولكن بسبب كثرة الحجاج تم توسعة المطاف، فجُعل لبئر زمزم بدروماً تحت المطاف، وكان الناس يدخلون إليه ويشربون منه، وفي الآونة الأخيرة تم إغلاق البدروم، وجُعل لماء زمزم صنابير خاصة خارج الحرام الشريف.[3]

الشخص الذي حفر بئر زمزم

ورد في عدد من المصادر أن جد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد المطلب هو من أعاد حفر بئر زمزم، حيث ذكر ابن كثير -رحمه الله- في كتاب البداية والنهاية قصة إعادة حفر بئر زمزم، واستدل على ذلك بما رُوي عن عبد الله بن رزين الغافقي -رضي الله عنه- أنه قال: (سمعتُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ وهو يُحدِّثُ حديثَ زمزمَ قال: بينا عبدُ المطلبِ نائمٌ في الحِجرِ أُتِيَ فقيل له: احفُرْ بَرَّةً، فقال: وما بَرَّةُ ؟ ثم ذهب عنه، حتى إذا كان الغدُ نام في مضجعِه ذلك فأُتِيَ فقيل له: احفِرِ المضنونةَ، قال: وما المضنونةُ ؟ ثم ذهب عنه، حتى إذا كان الغدُ فنام في مضجعِه ذلك فأُتِيَ فقيل له: احفِرْ طَيْبَةَ، فقال: وما طَيْبَةُ ؟ ثم ذهب عنه، فلما كان الغدُ عاد لمضجعِه فنام فيه فأُتِيَ فقيل له: احفِرْ زمزمَ، فقال: وما زمزمُ ؟ فقال: لا تُنزَفُ، ولا تُذمُّ. ثم نعت له موضعَها فقام يحفرُ حيثُ نُعِت).[4][5]

تاريخ بئر زمزم

تُعتبر ماء زمزم من أهم المعالم في بيت الله الحرام، وفي الحقيقة أنه مر عليها العديد من الأحداث، وفيما يأتي بيانها:[6]

  • ظهور ماء زمزم: روى البخاري في صحيحه ما يدل على أن ظهور ماء زمزم يرجع إلى عهد إبراهيم الخليل عليه السلام، فبعد أن استقرت رحال الخليل عليه السلام في مكة المكرمة وبرفقته ولده إسماعيل وزوجته هاجر، أُمِر بترك طفله الرضيع إسماعيل -عليه السلام- وأمه والرحيل عنهم، فرحل عنهم، ولم يكن مع هاجر إلا القليل من الماء التي سرعان ما نفدت، ثم أخذت الأوضاع بالتأزم شيئاً فشيئاً، حيث انقطع حليبها، فجاع الطفل الرضيع وأجهش بالبكاء من شدة الجوع والعطش، وأمه تنظر إليه حتى ظنت أنه سيموت، فانطلقت مسرعةً نحو جبل الصفا تبحث عن أحد يغيثهم فلم تجد، فانطلقت من الصفا إلى المروة، ثم عادت إلى الصفا، وأعادت المشي بينهما سبع مرات باحثةً عمن يساعدها ولكن من غير جدوى، فرجعت إلى ابنها، وهناك سمعت صوتاً، فقالت: (أسمع صوتك فأغثني إن كان عندك خير)، وكان ذلك الصوت من جبريل عليه السلام، فضرب الأرض فتفجرت ماء زمزم تحت أقدام إسماعيل عليه السلام، فأسرعت أمه تحيط الماء بالرمل خشية أن يفوتها، ثم شربت ودرّت على ولدها.
  • عمران مكة المكرمة: كان ظهور ماء زمزم في مكة المكرمة السبب الرئيسي لعمرانها، حيث روى الطبري في كتاب تاريخ الرسل والملوك، والأزرقي في كتاب تاريخ مكة أن قبيلة جرْهم مروا من مكة وهم عائدون من بلاد الشام، فلما رأوا الطير على الماء، تعجبوا وقال بعضهم لبعض أنه ما كان في هذا الوادي ماء ولا بشر، فلما ذهبوا إلى موقع الماء، وجدوا أم إسماعيل -عليه السلام- عندها، فاستأذنوها بالنزول والإقامة عند الماء فأذنت لهم، فكانت تلك بداية عمران مكة المكرمة، وبعد بناء بيت الله الحرام على يد إبراهيم وابنه إسماعيل -عليهما السلام- تكاثر العمران في مكة المكرمة وتولت قبيلة جرهم أمر الحرم وماء زمزم، وبقي الأمر على ما هو عليه إلى أن جاءت قبيلة خزاعة من اليمن بعد تهدم سد مأرب، فوقعت حرب بين القبيلتين وانتصرت قبيلة خزاعة على قبيلة جرهم وأخرجتهم من مكة، وتولت أمر الحرم وماء زمزم، وفي القرن الخامس الميلادي تولى قصي بن كلاب أمر مكة بعد أن طرد قبيلة خزاعة منها، وأنزل قريش فيها.
  • حفر عبد المطلب بئر زمزم: ضمرت بئر زمزم في زمن قصي بن كلاب، وبقيت بلا أثر إلى أن أعاد حفرها عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك بعد حادثة الفيل مباشرة، حيث رأى عبد المطلب في منامه منادياً يقول له أُحْفر زمزم، ثم عاد المنادي وقال له: (أُحفر زمزم بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب، في قرية النمل مستقبلة الأنصاب الحمر)، فلما استيقظ ذهب إلى المسجد الحرام وجلس فيه، وبينما هو جالس إذ ببقرة قد هربت من جَزّارها، فلحق بها وذبحها في الحرم، وجاء غراب ووقع في فرثها، واجتمع النمل حول ما تبقى، فقام عبد المطلب وحفر هناك، وحاول رجال من قريش منعه عن الحفر في الحرم، إلا أنه أصر على حفر زمزم وكان برفقته يومها ابنه الحارث، فوجد سيوفاً ذهبية عند زمزم، فلما رأت قريش ذلك طلبوا منه أن يُجْزهم منها، فقال لهم هذه السيوف لبيت الله الحرام، واستمر بالحفر حتى بدأت ماء زمزم بالتدفق من باطن الأرض، ثم بنى عليها حوضاً، وكان يسقي منه حجيج بيت الله الحرام.

المراجع

  1. ↑ رواه البويصري، في إتحاف الخيرة المهرة، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 3/246، صحيح.
  2. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3322، صحيح.
  3. ↑ "ماء زمزم"، 28-8-2016، www.articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2019. بتصرّف.
  4. ↑ رواه الألباني، في إزالة الدهشة، عن عبد الله بن زرير الغافقي، الصفحة أو الرقم: 26، صحيح.
  5. ↑ "خبر حفر عبد المطلب لبئر زمزم"، 30-6-2005 www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2019. بتصرّف.
  6. ↑ محمود شل وعبد الرحمن عبد الواحد، "زمزم تاريخ وأحداث"، www.archive.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2019. بتصرّف.