من هو عبد الله بن مسعود
الصحابة رضي الله عنهم
إنّ حبّ أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام من الأمور الواجب الإيمان بها في عقيدة أهل السنة والجماعة، وقال الطحاوي رحمه الله في ذلك: (ونحبُّ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا نفرِّط في حبّ واحدٍ منهم، ولا نتبرّأ من أحدٍ منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكُرهم، ولا نذكُرهم إلّا بخير، وحبُّهم دين وإيمان وإحسان، وبُغضهم كفرٌ ونفاق وطغيان)، فالصحابة من أفضل الناس بعد الأنبياء والرسل عليهم السلام، وتجدر الإشارة إلى أنّ تعظيم مكانة الصحابة ومحبّتهم من تعظيم ومحبّة الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن الفضائل التي تخصّص الصحابة بمكانةٍ رفيعةٍ خيريتهم؛ حيث إنّهم خير القرون، وممّا يدل على ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (خيرُ هذه الأمةِ القرنُ الذين بعثتُ فيهم، ثمّ الذين يلونهم)،[1] كما أنّهم نقلوا الشريعة من الرسول إلى الأمّة من بعده، ونشروا بينهم العديد من الفضائل والأخلاق الكريمة من الصدق والنصح وغيرها، وقدّموا البطولات العظيمة في الفتوحات الإسلامية.[2]
عبد الله بن مسعود
هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب، يُكنّى بأبي عبد الرحمن الهذلي المكيّ المُهاجريّ البدريّ، كان حليفاً لبني زهرة، ومن الصفات الخًلقية التي اتصف بها أنّه لم يكن ذا طول، وكان وزنه خفيفً جداً، أما إسلامه فرُويَ أنّه كان من أوائل الذي أسلموا، وقيل إنه سادس من أسلم، وشارك في غزوة بدر، وأُحُد، والخندق، وبيعة الرضوان، وغيرها من الغزوات والمشاهد، وهاجر الهجرتين، وأمّه من بني زهرة وهي أمّ عبد بنت عبد ودّ بن سوي.[3]
إسلام عبد الله بن مسعود
لم يتوانَ الرسول صلى الله عليه وسلم في أمر الدعوة وإبلاغ الدين للناس من حوله، رغم العديد من الجدال والمناقشات التي كانت بينه وبين الكفار من قريش، فانّ الرسول عليه الصلاة والسلام يستغّل أي فرصة يمكن من خلالها إيصال الدعوة وتبليغها، دون الاستهانة بالشخص المدعوّ، وروى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الحادثة التي جعلته مؤمناً برسالة محمد عليه السلام؛ حيث قال: (كنتُ غلامًا يافعًا أرعى غنمًا لعقبةَ بنِ أبي معيطٍ فجاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ وأبو بكرٍ رضِيَ اللهُ تعالَى عنهُ وقد فرَّا من المشركينَ فقالا: يا غلامُ هل عندَك من لبنٍ تسقيَنا ؟ قلت: إنّي مؤتَمنٌ ولستُ ساقيَكما فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ: هل عندَك من جزعةٍ لم ينزِ عليها الفحلُ ؟ قلت: نعم فأتيتُهما بها فاعتقلها النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ ومسح الضرعَ ودعا فحفلَ الضرعُ، ثم أتاه أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنهُ بصخرةٍ منقعرة ٍفاحتلب فيها فشرب وشرب أبو بكرٍ ثم شربتُ ثم قال للضرعِ اقلُصْ فقلص فأتيته بعد ذلك فقلت: علِّمني من هذا القولِ قال: إنك غلامٌ مُعلمٌ قال: فأخذت من فيه سبعينَ سورةً لا ينازعُني فيها أحدٌ)،[4] وتجدر الإشارة إلى أن فرار الرسول مع أبي بكر الوارد في الرواية السابقة لم يكن فراراً من أذىً ماديٍّ أو جسديّ، وإنما من المناظرات والنقاشات التي كانت مع الكفار.[5]
حياة عبد الله بن مسعود
لازم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه النبي عليه الصلاة والسلام، وروى عنه الكثير من الأحاديث، وآخر الرسول بينه وبين سعد بن معاذ رضي الله عنه بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، وتجدر الإشارة إلى أن عبد الله بن مسعود كان شديد وغزير العلم، وقال عن نفسه: (والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلّا أنا أعلم أين نزلت، ولا أُنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أُنزلت، ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لأتيته)، وأضاف قائلاً: (والله لقد أخذت مِنْ فِيْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بضعاً وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أني مِنْ أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم)، فكان من فقهاء الأمة وعلمائهم، ووردت العديد من الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام التي تبيّن مكانته ومنزلته وفضله.[6]
كانت غزوة الخندق من الغزوات التي شارك فيها ابن مسعود رضي الله عنه، وثبت مع الرسول عليه الصلاة والسلام مع ثمانين آخرين من الصحابة مهاجرين وأنصاراً، وكان ذلك من الأسباب التي أدّت إلى تولّي المشركين على أعقابهم، كما كان لابن مسعود العديد من المواقف مع الصحابة رضي الله عنهم، ومن ذلك ما كان من ثناء عمر بن الخطاب رضي الله عنه عليه عندما أرسله إلى الكوفة مُعلّماً ووزيراً، وكتب إلى أهل الكوفة مخاطباً لهم: (إنّي قد بعثت عمار بن ياسر أميرًا، وعبد الله بن مسعود معلمًا ووزيرًا، وهما من النجباء من أصحاب رسول الله من أهل بدر؛ فاقتدوا بهما وأطيعوا واسمعوا قولهما، وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي)، وروي عن ابن مسعود العديدُ من الأقوال الغنيّة بالحكم والمواعظ، منها قوله: (اغْدُ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا أَوْ مُسْتَمِعًا، وَلاَ تَكُنِ الرَّابِعَ فَتَهْلِكَ)، كما قال: (مَنْ أَرَادَ أَنْ يُكْرَمَ دِينُهُ فَلاَ يَدْخُلْ عَلَى السُّلْطَانِ، وَلاَ يَخْلُوَنَّ بِالنِّسْوَانِ، وَلاَ يُخَاصِمَنَّ أَصْحَابَ الأَهْوَاءِ)، وكانت وفاته في السنة الثانية والثلاثين من الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة، بعد أن أتمّ من عمره بضعاً وستين سنةً، وتمّ دفنه في البقيع بعد أن صلّى عليه عثمان بن عفان رضي الله عنه.[3]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمران بن حصين، الصفحة أو الرقم: 2535، صحيح.
- ↑ "فضل الصحابة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب "عبد الله بن مسعود"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2108. بتصرّف.
- ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 6/190، إسناده صحيح.
- ↑ "قصة إسلام عبد الله بن مسعود"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2018. بتصرّف.
- ↑ "مقتطفات من سيرة عبد الله بن مسعود"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2018. بتصرّف.