قام جون بانفارد (بالإنجليزية: John Banvard) برسم أطول لوحة بانوراما لنهر المسيسيبي بما تحتويه على مناظر طبيعية محيطة به، حيث قرّر أن يبحر في قارب صغير، ولمدّة عامين من مدينة سانت لويس إلى مدينة نيو أورلينز، لينجح برسم صورةٍ سحرت كلّ من رآها من المجتمع الأمريكي والأوروبي، حيث قام بانفارد بعمل جولاتٍ بين الدول لعرض لوحته الشهيرة، والتي ادرّت عليه الكثير من الأموال ليصبح من أغنى الرجال في أمريكا.[1]
أطلق بانفارد على لوحته اسم لوحة الثلاثة أميال (The Great Three-Mile Painting)، وقد تطلّبت هذه اللوحة الكثير من الجهد والوقت لإنجازها، فهي ليست ضخمة وحسب، بل كانت مشروعاً يعرض فكرة الرسم البانورامي، والذي كان أسلوباً حديثاً في ذلك الوقت، إذ احتوت لوحة المسيسيبي على الكثير من المناظر الطبيعية، والتي جمعها معاً في لوحة واحدة؛ لتعطي رؤيةً شاملةً للمنطقة الممتدة على طول النهر.[2]
وقد استلزم عرض لوحة المسيسيبي ألواحاً خشبية يزيد طولها عن 350 متراً، كما ابتكر نظاماً لعرض لوحته لتكون معلّقة بشكلٍ ثابتٍ، ولتجنّب تعرّضها للتلف والانحناءات، هذا عدا عن أنّ مهارة بانفارد الاستعراضية ساعدته على التسويق للوحته، فقد أعلن للجمهور أنّ طول لوحته يبلغ ثلاثة أميال، على الرغم من كونها لم تصل تماماً لهذا الطول.[2]
ولد بانفارد في عام 1815م في مدينة نيويورك، وقد حصل على الدعم من والده الرسّام، حيث شجّعه على الرسم، والتصميم، وكتابة الشعر أيضاً، ما جعله قادراً على كتابة 1700 قصيدةٍ شعريةٍ في حياته.[3]
وفي عام 1850م كان بانفارد أول رسّام مليونير، وذلك لما حصلت عليه لوحته الشهيرة من إقبال، ولكن ثروته لم تصمد طويلاً، فقد قرّر أن يبني قصراً ضخماً ليعيش فيه، وبعدها قام بإنشاء مشاريع تجارية، كبناء متحف، وداراً للأوبرا، ولكنه لم يكن ماهراً في مجال التجارة كما كان في الرسم، ما أدّى به إلى الفشل وبيع جميع ممتلكاته، وقد توفّي عام 1891م فقيراً معدماً، بحيث لم تجد عائلته مالاً لدفع تكاليف جنازته.[4]