من هو صاحب الحوت
يونس عليه السلام صاحب الحوت
يُعتبر نبيُّ الله يونسَ عليه السلام، واحدًا من الأنبياء العظماء الّذين ذكر الله تعالى أخبارهم في كتابه الحكيم؛ لما في هذه الأخبار من عظاتٍ، وحكم يستفيد منها الإنسان في سائر أوقاته الحياتيّة، وشؤونه الدينيّة والدّنيوية المختلفة. لقّب القرآنُ الكريمُ النّبيُّ الكريمُ يونُس بن متّى عليه السلام بصاحب الحوت، وفيما يأتي نورد قصّة هذا النّبيّ الكريم، وكيف ارتبط اسمه بهذا المخلوق البحريّ.
قصة نبي الله يونس عليه السلام
أرسلَ الله تعالى نبيَّه الكريمَ يونُس عليه السلام إلى أهل نينوى؛ الواقعة في شمال العراق، بالقرب من أرض الموصل، فدعاهم إلى الله تعالى؛ حيث قوبلت دعوتُه بالرّفض؛ شأنها شأنَ سائر الدّعوات الأُخرى التي جاء بها الأنبياء عليهم السلام من قبله وبعده، ولمّا رأى يونسُ عليه السلام ما كان منهم من صدٍّ، وإعراض، خرج من أرضهم، وتوعدَّهم بأنّ العذاب سينزل بهم نظيرَ إعراضهم عن دعوته له.
عندما خرج النبي الكريم يونس من بينهم، أيقن القوم أنّ العذاب نازل بهم لا محالة، فتابوا، وآمنوا بما جاء به نبي الله يونس بفضلٍ من الله ومِنَّة، وأخذوا يتضرَّعون إلى الله تعالى، أما النبي يونس عليه السلام، فقد ذهب إلى البحر، وركب السّفينة، فماجت، واضطربت، وصار لا بد من تخفيف حمولتها، فاتّفق الركّاب على إجراء قرعة فيما بينهم، ومن تقع عليه، يلقوه من السفينة، وقد وقعت القرعة على النبي يونس عليه السلام، فلم يوافق الرُّكّاب على إلقائه، فأعادوها مرّةً ثانية، فهمَّ بالقفز، فأبوا، وأعادوها للمرة الثالثة، فوقعت عليه أيضاً، فألقى بنفسه، وهذا كلُّه من أمر الله وتدبيره.
عندما ألقى النبي الكريم نفسه في البحر، أرسل الله تعالى إليه الحوت، وكان أمر الله تعالى لهذا الحوت يقتضي بأن لا يأكلَ لحمَه، أو يكسر عظامه، بل أن يُبقيه سليماً، فمكث يونس الكريم في بطن الحوت فترة، وقد أثنى القرآن الكريم على يونس عليه السلام؛ نظراً لكونه من المُسبّحين في بطن الحوت، وبسبب تسبيحه أنقذه الله تعالى ممّا كان فيه، قال تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 87]، ومن هنا تتّضح العلاقة بين نبيّ الله يونس عليه السلام وبين الحوت.
مكانة نبي الله يونس عليه السلام
لنبيّ الله تعالى يونس عليه السلام مكانةٌ رفيعةٌ؛ ويكفيه رفعة أن ذكره الله تعالى في القرآن الكريم في عدد من المواضع المُشرّفة بين أعظم البشر من إخوانه باقي الأنبياء والرسل -عليهم السلام جميعاً-، كما أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف، أنّه لا يجوز لأي أحد أن يقول إنّه خير من يونس، قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى) [صحيح البخاري]، وفي ذلك تبيان لفضله، ومكانته السامية.