من هو سلطان العلماء
سلطان العلماء
إنّ الشخص الملقّب بسلطان العلماء هو أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن بن محمد بن مهذّب السُلمي،[1] حيث لُقّب بهذا اللقب عن طريق تلميذه الأول وهو شيخ الإسلام ابن دقيق العيد، وقد ذُكر سببان لذلك اللقب؛ الأول أنه رفع مكانة العلماء وأكدها، أما السبب الثاني أنه استمر بالتجديد وابتعد عن التقليد، كما أنه تمكن من الوصول إلى مرتبة الاجتهاد.[2] وقد ولد أبو محمد عز الدين في مدينة دمشق، وهو من أصل مغربي، ووافته المنية في جمهورية مصر العربية، كما عُرف باسم العز بن عبد السلام، وكان يُلقب بعدة ألقاب غير سلطان العلماء مثل: بائع الأمراء، كما أنه كان يتبع المذهب الشافعي.[1]
نشأة العز بن عبد السلام ومولده
ولد العز بن عبد السلام في محافظة دمشق في الجمهورية السورية عام 577 هجري، وقد قيل أيضاً أنه ولد في عام 578 هجري، حيث نشأ في عائلة فقيرة، وكان أباه يصول ويجول جميع الأسواق بحثاً عن عمل، وحينما كبُر العز أصبح يذهب برفقة والده لتقديم المساعدة له، فقد كان يمد له يد العون في الأعمال التي تحتاج جهداً بدنياً مثل أعمال إصلاح الطرق، وكان يحمل الأمتعة في الأعمال التي تتطلب أمتعة ثقيلة، كما كان ينظّّف الواجهة الأمامية لبعض المحلات التي يملكها تجار من البلدة، ولكن لم يلبث العز حتى بقي وحيداً بلا أب، فقد مات والده وبقي العز يتيماً لا يملك طعاماً أو مأوى، ولم يعد يستطيع القيام بأعمال والده كالسابق حتى قابل شيخاً فاضلاً توسّط له وأمن له وظيفة في الجامع الأموي، فأصبح العز يساعد كبار السن في أعمال التنظيف ويساعدهم على حماية نعال المصلين أو الأشخاص القادمين للمسجد لحضور الحلقات الدينية التي تقام هناك، مع تأمين مكان النوم له، فقد سُمح له بالنوم في زاوية من زوايا الجامع على الرخام.[1]
حياة العز بن عبد السلام وتعليمه
بسبب الوضع المادي الذي كان يتعرض له العز بن عبد السلام في صغره لم يستطع بأي شكل من الأشكال أن يكمل تعليمه، فكان أثناء فترة عمله في الجامع الأموي يشاهد الحلقات العلمية التي كانت تقام في المسجد، وكان من بين الطلبة المتواجدين فيها من هم في نفس سنّه أو أصغر منه، وكانت إحدى أمنياته الانضمام إليهم والتواجد معهم في تلك الحلقات، وفي يوم من الأيام رآه الشيخ الذي تواسط له لدخول الجامع وهو يبكي بسبب عدم إمكانيته للانضمام إلى تلك الحلقات العلمية، ومنذ ذلك اليوم تعهد الشيخ أن يهتم به ويتحمل عبأه حتى يكمل تعليمه.[1]
حين بدأ العز بن عبد السلام بالتعلّم أقبل بشغف كبير على التعليم، والقراءة، والكتابة، وحفظ القرآن، وبعد أن اطمأن الشيخ على العز وتأكد من أنه أتم حفظ القرآن وأتقن تجويده، وأتقن كذلك القراءة والكتابة وأصبح يمتلك الخط الجميل، أخبره بأنه سوف يسمح له بمشاركة الطلبة الآخرين حلقته، كما أنه تكفّل بشراء ثوب جديد له يمكّنه من القدوم إلى الحلقة العلمية خاصته، ثمّ أكمل بعدها العز بن عبد السلام تعليمه في مدينة دمشق التي كانت تعتبر من المدن المليئة بالعلماء خلال العصر الأموي وما بعده، وكان يأتيها العلماء من شرق العالم وغربه طلباً للعلم.[1]
لمّا كبُر العز وأصبح شيخاً له مكانته بين العلماء اتّصف بصفات عديدة، مثل الشجاعة والجرأة الكبيرة؛ فلم يخشَ من قول الحق، وأمر به ونهى عن المنكرات، كما ساعد بإعادة الإنكار العلمي على كل من السلاطين والأمراء، وكان يستخدم هذا الأسلوب معهم في الغالب وبشكل علني، فهذه الصفات التي كان يحملها العز هي ذاتها الصفات التي كان يمتلكها الصحابة رضوان الله عليهم، وقد كان ينكر أعمال بعض أعالي القوم والملوك وغيرهم بشكل علني وواضح، ومن بعض فوائد هذا الإنكار:[3]
- أنّ في ذلك عذراً للعالم أنه أنكر التصرّف ورفضه، ولكن الشخص الآخر لم يطعه فبالتالي لا يستطيع أي أحد لومه.
- قد يؤدي إلى جعل البشر يتبعون منهج هذا العالِم إذا ما رأوه لا يخشى قول الحق ويمتلك الشجاعة لذلك.
كما كان لديه مواقف كانت توصف بأنها خيالية وعجيبة، ولولا أنه تمّ كتابتها من قِبل العلماء الذين كانوا في زمانه وعاشوا معه لقيل إنها أعجوبة.[3]
مكانة العز بن عبد السلام عند الأمة
لقد كان للشيخ العز بن عبد السلام مكانة كبيرة لدى جميع البشر، فقد كان بمثابة الحلقة الواصلة بين الحكام والمحكومين، وذلك لأن الحكام يحتاجونه في تأييدهم وكسب الناس في صفهم، لذلك كان الملوك حينما يتولون الحكم بشكل رسمي يبايعونه قبل أي شخص آخر، ثم من بعدهم الوزراء، ثم بعد ذلك يبايعه الناس، فقد كان العلماء يدركون جيداً أنهم لا يستطيعون حكم هذا الشعب إلا إذا اتبعوا نهج العلماء وأرضوهم، حيث إنهم يعتبرون الواسطة بين الأمة والحكام، حيث كان الحكام يحتاجون العلماء، وفي الوقت ذاته يحتاجهم الشعب بسبب امتلاكهم مطالب كثيرة لا يستطيعون إيصالها للحاكم بأنفسهم فينوب عنهم العالِم في ذلك، فقد كان العالِم مناصراً لمصلحة الشعب سواءً كانت مصالح عامة أو خاصة.[3]
العلوم التي برع فيها العز بن عبد السلام
من أشهر العلوم التي ألّف فيها العز بن عبد السلام كتباً، هي:[1]
- علم التفسير.
- علم الحديث.
- علم الفقه.
- علم الأصول.
- علم النحو والبلاغة.
- علم الكلام.
- علم السيرة والتصوف وفضائل الأعمال.
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج ح أنوار الجرف، العز بن عبد السلام (الطبعة الأولى)، صفحة 13,14,18,15. بتصرّف.
- ↑ د.محمد الزحيلي، العز بن عبد السلام (الطبعة الأولى)، دمشق: دار القاسم، صفحة 42,43. بتصرّف.
- ^ أ ب ت سلمان العودة، سلطان العلماء (الطبعة الأولى)، صفحة 16,17,20,30,72,73,74. بتصرّف.