غسّل النبي عليه الصلاة والسلام عدداً من الصحابة أغلبهم من آل البيت، فتولى عليّ بن أبي طالب تغسيله، وأسامة بن زيد، وشقران مولى النبي كانا يصبّا الماء، أما عم النبيّ والعباس بن عبد المطلب وقثّم والفضل وأولاده وأوس بن خولي الأنصاري كانا يقلبونه، وكان ذلك في العشرين من شهر ربيع الأول، يوم الثلاثاء،[1]وقد اختلف الصحابة رضوان الله عليهم في تجريد النبي عليه السلام من ثيابه من عدمها، فسمعوا من داخل البيت مناديًا يقول لهم أن غسِلوا رسول الله في ثيابه، فغسّل الصحابة النبي عليه السلام بأن صبّوا عليه الماء وهو في ثيابه، كفنوه بعد ذلك بثلاثة أثواب بيضاء من قطن، ليس في هذه الأثواب لا قميص، ولا عمامة، وصلّى الناس على نبي الله صلّى الله عليه وسلّم فرادى.[2]
اختلف الصحابة أيضًا في مكان دفن النبي عليه السلام وكيفيته، ثمَّ قرروا أن يدفنوه في البقعة التي توفي فيها، أي في حجرة عائشة رضي الله عنها، أسفل سريره، وقد دُفن بطريقة اللحد، وهي طريقة أهل المدينة، وبهذه الطريقة يشق القبر ويحفر بالطريقة الاعتيادية، ثمَّ تحفر حفرة أفقية جانبية، فيصير القبر كالزاوية القائمة، ويدفن الميت في تلك الحفرة الجانبية أسفل القبر، وكان الذي حفر قبر النبي عليه السلام هو الصحابي أبو طلحة الأنصاري، أما من نزل في قبر النبي هم علي بن أبي طالب، وقثم والفضل ابني العباس، وشقران مولى النبي، ثمَّ أهالوا التراب عليه بعد أن وضعوه في القبر.[1]
كان النبي عليه الصلاة والسلام قد بشّر باقتراب أجله، وقد أثَّر عليه السمّ الذي دُس له في طعامه بمؤامرة من اليهود، وبدأ مرضه في بداية شهر ربيع الأول، واشتّد وجعه به،[3] مما ورد في ذلك حديث عائشة أم المؤمنين: (رجعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ منَ البَقيعِ فوجَدَني وأنا أجِدُ صُداعًا في رَأسي وأنا أقولُ وا رَأساهُ فقالَ بل أنا يا عائشَةُ وا رَأساهُ ثمَّ قالَ ما ضرَّكِ لَو مِتِّ قَبلي فقُمتُ علَيكِ فغسَّلتُكِ وَكفَّنتُكِ وصلَّيتُ عليكِ ودفنتُكِ)،[4]وقد خُيّر عليه السلام بين أن يموت أو يخلّد، فاختار الرفيق الأعلى.[3]