-

لماذا الربا حرام

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

قال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة عن الرّبا:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ "، فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بترك الرّبا، وحرّم التعامل بالرّبا بين المسلمين، وذلك لما له من أخطار جسيمة على الفرد والمجتمع، وإنّ مسألة الرّبا هي من المحرّمات ومن الكبائر، ويكون الرّبا بين طرفين، حيث يطلب الطرف الأول من الطرف الثّاني مبلغاً من المال، ليستعين به لقضاء حاجته، ويوافق الطرف الثّاني على إقراض و إعطاء مبلغ من المال إلى الطرف الأوّل، ولكن بشرط سداده، ويكون قد زاد على المبلغ الأصليّ مقداراً من المال، ومثال ذلك اقترض شخص مبلغ خمسمائة دينار، وعند السّداد يرجع المبلغ خمسمائة وخمسون، حيث يعتبر مبلغ الخمسين ديناراً من الرّبا الذي حرّمه الله تعالى.

لماذا الربا حرام

لقد أورد الفخر الرازي وغيره خمسة أوجه لتحريم الرّبا، وهي على النّحو التالي: (1)

  • أنّ الرّبا يعتبر أخذاً لمال إنسان آخر من غير عوض، لأنّ من يبيع الدّرهم بالدرهمين نقداً أو نسيئة، يكون له زيادة درهم من غير عوض، وإنّ مال الإنسان يكون متعلقاً بحاجته، وإنّ له حرمةً عظيمةً عند الله سبحانه وتعالى، قال عليه الصّلاة والسّلام:" حرمة مال الإنسان كحرمة دمه "، وبالتالي يجب أن يكون أخذ مال الإنسان لغيره من غير عوض أمراً محرّماً.
  • أنّ الرّبا يمنع النّاس عن اشتغالهم بمكاسبهم ورزقهم، وهذا لأنّ صاحب المال في حال تمكّن من خلال عقد الرّبا أن يحصّل درهماً زيادة سواءً من خلال النّقد أو النّسيئة، فإنّه يخفّ عليه اكتساب وجه المعيشة، وبالتالي لا يقدر على تحمّل مشقّة الكسب والتجارة والصّناعات الشّاقة، ممّا يؤدّي إلى انقطاع منافع الخلق، ومصالح العالم معروف أنّها لا تنتظم إلا من خلال التّجارات، والحرف، والصّناعات، والعمارات.
  • أنّ الرّبا يؤدّي إلى أن ينقطع المعروف بين النّاس من القرض.
  • أنّ من يعطي القرض على الأغلب يكون صاحب مال، وغنيّاً، وأنّ المستقرض يكون فقيراً، فالقول بجواز عقد الربا هو تمكين للغني من أن يأخذ من الفقير الضعيف مالاً زيادةً عن ما يحلّ له، وهذا أمر غير جائز برحمة الرّحيم.
  • أنّ الرّبا قد ثبتت حرمته بالنّص، ولا يجب أن يكون حكم جميع التكاليف معلومة للخلق، فوجب القطع بحرمة عقد الرّبا.

موقف الإسلام من الربا

لقد حرّم الإسلام من الرّبا، ومن التعامل به بين النّاس، وذلك عدّة نصوص مختلفة من القرآن الكريم والسّنة، وبما أنّ كتاب الله وسنّة رسوله - صلّى الله عليه وسلّم - هما مصدرا التّشريع، فإنّ من أخذ بهما واتبع ما جاء فيهما قد فاز وأفلح، ومن أعرض عنهما فإن له معيشة ضنكاً، وسيحشر يوم القيامة أعمى، وممّا جاء في حكم الرّبا في القرآن الكريم، ما يلي: (2)

  • قال الله تعالى:" الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "، البقرة/275.
  • وقال سبحانه وتعالى:" يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ "، البقرة/276.
  • وقال عزّ وجلّ:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ "، البقرة/278-279.

مفاسد الربا وأضراره

إنّ للربا مفاسدأً وأضراراً تعود على الفرد والمجتمع، ومنها: (2)

  • أنّ للرّبا أضراراً أخلاقيّةً وروحيّةً على كلّ من الفرد والمجتمع، وذلك لأنّنا لا نجد من يتعامل بالربا إلا إنساناً منطبعاً في نفسه طبع البخل، ويكون صدره ضيّقاً في العادة، وقلبه متحجّراً، وعبوديّته منصبّة نحو الأموال، ومتكالب على المادّة، وما إلى ذلك من الصّفات السّيئة والرّذيلة.
  • أنّ للرّبا أضراراً اجتماعيّةً، وذلك أنّ المجتمع الذي يتعامل بالرّبا يعتبر مجتمعاً مُنْحَلاً، ومُتفكِّكاً، ولا يتساعد أفراده فيما بينهم، ولا يُساعد أحد غيره إلا في حال كان له مصلحة من وراء ذلك، والطبقات الموسرة فيه تضادّ وتعادي الطبقات المعدمة.
  • أنّ للرّبا أضراراً اقتصاديّةً جسيمةً، وذلك لأنّ الرّبا إنّما يتعلق من نواحي الحياة الاجتماعية بما يجري فيه التّداين بين النّاس، وذلك على اختلاف صوره وأشكاله.
  • أنّ في الرّبا تعطيلاً للطاقة البشريّة، وذلك لأنّ البطالة تحصل للمرابي بسبب الرّبا.
  • أّن في الرّبا تضخّماً لدى النّاس، وذلك بدون عمل.
  • أنّ في الرّبا توجيهاً للاقتصاد وجهةً منحرفةً، وبذلك يحصل الإسراف.
  • أنّ الرّبا خلق وعمل من أعمال أعداء الله اليهود، قال الله عزّ وجلّ:" وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً "، النساء/161.
  • أنّ الرّبا من أخلاق أهل الجاهلية، فمن تعامل به وقع في صفةٍ من صفاتهم.
  • أنّ من يأكل الرّبا يُبعث يوم القيامة كالمجنون، قال الله تعالى:" الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "، البقرة/275.
  • أنّ من يتعامل بالرّبا يوقع في حربٍ من الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، قال الله عزّ وجلّ:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ "، البقرة/278-279.

المراجع

(1) بتصرّف عن فتوى رقم 11446/ الحكمة من تحريم الربا/ 25-2-2004/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ .islamweb.net

(2) بتصرّف عن كتاب الربا/ د. سعيد بن وهف القحطاني/ مطبعة السفير- الرياض/ الجزء الأول.