العمل والإنتاج سبيل لنهضة المجتمع
العمل والإنتاج
العمل والإنتاج مقترنان ببعضهما البعض، وهما من ضروريات الحياة، حتّى بات العمل واجباً على المسلم، فكل حياته وأمنه واستقراره، وأمن المجتمع واستقراره منوط بالعم-ل، وفي خضم الحديث عن العمل والانفتاح، هناك آداب فيهما لا بدَّ أن تتحقق، إذ إنّ أثر العمل تظهر في ]المجتمع بأسره، إن سلباً فسلب، وإن ايجابياً فإيجاب، وفي الإسلام نجد أنّ هناك اهتمام بالعمل سواءً كان ذلك في القرآن الكريم، أو في السنة النبويّة، كما أنّ هناك علاقة بين العمل والإنتاج ونهضة المجتمعات.
آداب العمل والإنتاج
- الإخلاص والصدق والأمانة عند القيام بالعمل، كمن يُستأمن على أعمال يوميّة أو شهريّة بأجر.
- إتقان العمل، فعلى العامل أن يؤدي عمله على أحسن وجه، وإلى ذلك يشير صلى الله عليه وسلم حيث يقول:(إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ) [حسن]
- امتلاك الخبرة اللازمة للقيام بالعمل، فكل عمل حِرفي أو غيره يحتاج إلى خبرة، وهذه الخبرة يأخذها العامل تدرجياً بالمِراس والتعلّم، فلا بدَّ من امتلاكها لأداء العمل على أحسن وجه.
- المزج بين جانب العمل وجانب العبادة، فلا يؤثر العمل على أداء المسلم للعبادة.
- تمتًّع العامل بحقوقه كاملة، فلا يُحَمّل من العمل ما يزيد على قدرته وطاقته، ويجب أن يكون الأجر الذي يتقاضاه مناسباً للمجهود الذي يقوم به.
الإسلام والعمل
- حثَّ الإسلام على العمل ورغَّب فيه، ويظهر ذلك في عدة أمور، منها:
- السعي وطلب الرزق، فقي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الجمعة: 9-10] فالآية حثَّت المسلمين بعد الانتهاء من صلاة الجمعة والانتشار، والسعي في الأرض بحثاً عن العمل وسبل الرزق الحلال.
- تعدد مجالات عمل الرسول صلى الله علي وسلم، حيث عمل في التجارة في شبابه قبل الدعوة، وعمل راعياً للغنم منذ نعومة أظفاره، وقد رفع صلى الله عليه وسلّم منزلة وقيمة هذه المهنة، وهذا يدل على ان العمل مهما كان فهو يرفع قيمة الإنسان.
- الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعملون بالعديد من المهن، وقد عاب عمر رضي الله عنه على جماعة من الصحابة كانوا يجلسون في المسجد ولما سألهم عن سبب مكثهم في المسجد، قالوا: نحن المتوكّلون. فرد عليهم بأنّهم المتواكلون، ففهم عمر رضي الله عنه أنَّ التوكل على الله يجب أن يكون مقروناً بالأخذ بالأسباب، حيث وبخهم وحثهم على العمل معللاً ذلك بأنّ السماء لا تمطر درهماً ولا ديناراً.
- عمل علماء المسلمين في شتى المهن، حتّى أنّهم سُمُّوا بأسماء المهن التي كانوا يعملون بها، فنسمع مثلاً عن: الساعاتي، الذي عمل في إصلاح الساعات، والذهبي الذي عمل في الذهب وتجارته، والجصاص الذي عمل في البلاط، والحريري، نسبة إلى عمله في الحرير.
- المسلمون من المهاجرين عندما حلّوا ضيوفاً على الأنصار بعد الهجرة إلى المدينة، ولم يقبلوا أن يبقوا عالة عليهم، بل انطلقوا للعمل كلّ في ميدان عمله وتخصصه.
العمل والإنتاج ونهضة المجتمع
إنّ للعمل والإنتاج آثارٌ عظيمة، فبالنسبة للفرد يحقق به كفايته، ويسدُّ عوزه، ويبني ذاته فيعيش واثقاً من نفسه عزيزاً، لا يتكفف الناس، ولا يسألهم، أمَّا بالنسبة للمجتمع فحاجات أبنائه مرتبطة بكلّ ما يملكونه من خبرات وطاقات، ففي العمل تقدم وازدهار وقوّة وتماسك، ما يؤدي إلى إقامة المؤسسات التي تخدم أبناءه، كالمدارس المستشفيات، وتنظيم البنى التحتيَّة، وتحقيق كفايته في شتى المجالات.
كما يسهم العمل بشكلٍ كبير في خفض نسبة البطالة، وبالتالي تعزيز القدرة الإنتاجيّة وما يترتب على ذلك من زيادة للفائض وإمكانيّة التصدير للخارج، وله أثرٌ عظيم في نشر القيم السامية كالتعاون والتكافل، وما في ذلك من اندماج بين أفراد المجتمع، كما يحقق التماسك الأسري، ويمنع انتشار ظاهرة التسوّل وأطفال الشوارع، فيكون المجتمع بذلك مجتمعاً أمناً مستقراً يحظى باحترام غيره من المجتمعات، ويكون محط أنظارهم.