ورد اسم يحيى في القرآن الكريم في سورة مريم إشارةً إلى ولد زكريّا -عليه السلام-، ولم يُذكَر اسم يحيى لأحدٍ قبله أوغيره في ثنايا آيات القرآن الكريم، والراجح عند أهل العلم أنّ الله -عزّ وجلّ- تولّى تسمية يحيى -عليه السلام- بهذا الاسم، وقد ذكر الطبري -رحمه الله- في تفسيره أنّه لم يُسمّى أحدٌ قبل يحيى -عليه السلام- بهذا الاسم؛ استناداً إلى قول الله سبحانه: (يا زَكَرِيّا إِنّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسمُهُ يَحيى لَم نَجعَل لَهُ مِن قَبلُ سَمِيًّا).[1][2]
ذكر العلماء سبب تسميته بهذا الاسم وجوهاً عدّةً، أبرزها أنّ الله -عز وجل- أحياه بالإيمان، وقيل: لأنّ الله تعالى قدّر أنّه سيموت شهيداً، وذهب بعض أهل العلم إلى أنّ التسمية جاءت من كون الله -عزّ وجلّ- أحيا له الناس بالهدى،[2] إذ لا يخفى أنّ ولادة يحيى -عليه السلام- جاءت استجابةً لدعاء زكريا -عليه السلام- الذي كان يخشى على أمر الدّين من بعده، فجاءت الاستجابة بولادة يحيى حمايةً لاستمرار الدعوة إلى الله -تعالى-.[3]
يُشير السّياق القرآني في الآية السابقة إلى الأمر إلإلهي لزكريا -عليه السلام- بتسميته يحيى، فقوله تعالى: "اسمه يحيى" أي: سمّه يحيى، وقد أكرم المولى -عزّ وجلّ- زكريا إذ جعل اسمه مُبتَكر، ومعلوم أنّ الأسماء المُبتَكرة لها ميّزةً عن غيرها من الأسماء لعدم اشتراكها مع أحدٍ، خاصّة في اسم يحيى -عليه السلام-، كما أنّ الاسم المُبتكر يحمل ميّزةً أخرى من حيث اقتداء الناس بتسمية أبنائهم به، وقد أصبح اسم يحيى يسمّى تيمّناً، لا سيّما أنّه اسمٌ سمّاه الله به، وقد امتنّ الله -سبحانه- عليه إذ جعله نبيّاً في صباه،[4] فضلاً على أنّ ولادته جاءت خلاف ما هو مألوف بين النّاس مِن أن تنجب المرأة العجوز وهي عقيم أصلاً من رجل بلغ من الكِبر عتيّاً.[3]