نبذة مختصرة عن صلاح الدين الأيوبي

نبذة مختصرة عن صلاح الدين الأيوبي
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

صلاح الدين الأيّوبي

هو يُوسف بن أيّوب بن شاذي بن مروان، المُكنَّى ب(أبي المُظفَّر الأيّوبي)، قاهر الصليبيِّين، وفاتح بيت المقدس، وُلِد الناصر صلاح الدين عام 532هـ،[1] في مدينة تكريت، وهو من أصلٍ كُرديّ، وقد نشأ نشأة إسلاميّة في طفولته، ثمّ أرسله والده عندما أصبح في سِنِّ البلوغ إلى مدرسة المدينة، حيث تعلَّم القراءة، والكتابة باللُّغة العربيّة، واستطاع حِفْظ القرآن الكريم، وقد عرف عنه زملاؤه ذكاءه الشديد، وطباعه الهادئة، وحُبَّه للكُتُب، والمُطالعة، ويُذكَر أنَّ صلاح الدين كان على دراية بقصص الأبطال، والمُجاهدين؛ إذ كانت تُروى له وهو صغير، وهذا ما جعل منه بطلاً من أبطال الأُمَّة الإسلاميّة.[2]

إنجازات صلاح الدين الأيّوبي

صلاح الدين الأيّوبي قائد مُجاهد كان مُهتمّاً بدولته، ونهضتها، فأنشأها على أساس إداريّ عِلميّ؛ حيث استحدث منصباً جديداً فيها سمَّاه (نائب السُّلطان)؛ حتى ينوب عنه في غيابه عن الدولة، ومن الجدير بالذكر أنَّه اهتمَّ بأسطول دولته؛ فخصَّص له ميزانيَّة خاصّة، وسلَّمه لأخيه العادل، كما أنَّ هناك العديد من الإنجازات الأخرى التي حقَّقها صلاح الدين على صعيد اهتمامه بمُؤسَّسات دولته، وشعبه، ومنها:[3]

  • بناء المُستشفَيات في القاهرة، كمُستشفى المارستان، علماً بأنّه جَلَب إليها أطبّاء مُتخصِّصين، وزوَّدها بالأدوية، والأَسِرَّة.
  • إنشاء العديد من المدارس، كالمدرسة السيوفيّة التي تُعتبَر أوَّل مدرسة تُدرِّس المذهب الحنفيّ، والمدرسة الصالحيّة الخاصَّة بالمذهب الشافعيّ، ومدرسة القُدس التي أنشأها بعد تحرير بيت المقدس عام 583هـ.
  • إلغاء الضرائب التي فُرِضت على من يمرُّ من مصر من الحُجَّاج؛ لتخفيف أعباء الحياة عن الناس.
  • الإنفاق على الغُرباء، والفُقراء، وتخصيص مأوىً خاصّ للغُرباء؛ وهو مسجد ابن طولون.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ إنجازات صلاح الدين لم تكُن فقط في المجالات العِلميّة، والإداريّة للدولة فحسب، بل كانت له عِدَّة إنجازات مُهمَّة، ومنها:[4]

  • فَتْح برقة، واليمن، والسَّير نحو دمشق، وأَخْذها من الصالح إسماعيل بن نور الدين.
  • بناء قلعة الجبل، وبناء سُورٍ على القاهرة، ومصر.
  • عبور الفرات، وأَخْذ الرَّقة، وسروج، وحرَّان، والبيرة، ونصيبين، وآمد.
  • فَتْح طبريّا، وبيروت، وعكّا، وبيت المقدس.

دور صلاح الدين الأيّوبي في معركة حطِّين

أوكل أمير الشام إلى صلاح الدين الأيّوبي قيادة الجُند؛ وذلك لشجاعته، وأهليّته لهذه المهمّة، حيث استطاع المُسلمون الانتصار على الصليبيِّين بقيادته، وتوالَت الانتصارات على الرغم من تلك الإمدادات التي كانت تصل إلى الصليبيِّين، حتى جاءت موقعة حطِّين التي بدأت بتخلُّص الناصر صلاح الدين من الخونة،[2] وبعد أن تمّ ذلك، بدأ بالتمهيد لمعركة حطِّين من خلال سيطرته على طبريّا؛ حتى يمنع الماء عن الصليبيِّين المُوجودين في صفورية، وفي الرابع والعشرين من ربيع الآخر من عام 583 للهجرة، وقعت المعركة المنشودة (معركة حطِّين)، وهُزِم فيها الصليبيُّون شرّ هزيمة، كما أُسِر كلٌّ من الأمير الصليبيّ أرناط، والملك جاي.[5]

لقد كان انتصار صلاح الدين في حطِّين سبباً في تفكيره بفتح بيت المقدس، وخصوصاً بعد أن استسلمت له كلٌّ من عسقلان، وغزَّة، حيث حاصر بيت المقدس لمُدَّة وصلت إلى 12 يوماً، دخل بعدها المُسلمون إلى بيت المقدس سِلماً بعد مُفاوضات سُلِّمت مفاتيحُ القدس على إثرها للناصر صلاح الدين، وذلك في السابع والعشرين من رجب من عام 583هـ،[5] وقد جاء انتصار صلاح الدين، وفتحه لبيت المقدس؛ نتيجةً لعِدَّة أسباب، وهي:[6]

  • اتّصاف صلاح الدين بتقوى الله، وبُعده عن المعاصي؛ فلم يكن يُؤخِّر صلواته، كما أنّه كان يسمع القرآن بخشوع، ويُداوم على سماع الحديث.
  • اتّصافه بالإيمان، واهتمامه بتحرير القدس، وإعداد العدَّة، والخُطَّة لذلك.
  • توحيده للبلاد تحت راية واحدة.
  • إخلاصه في نيّته؛ حيث كان هدفه الوحيد من القتال هو إعلاء كلمة الله -تعالى-، ولم يكن هدفه الحصول على رضا الناس، وثنائهم، أو إذاعة صيته.

وفاة صلاح الدين الأيّوبي

خرج صلاح الدين الأيّوبي؛ للقاء الحجيج العائدين من مكَّة المكرَّمة في الرابع عشر من صفر من عام 589هـ، حيث كان لقاؤه بهم لقاءً مُؤثِّراً؛ إذ بكى فيه الناصر صلاح الدين؛ لأنَّه لم يكُن معهم في هذه الرحلة المُباركة، وعند عودته أصابته حُمَّى صفراويّة، واشتدَّ مرضه، وازداد عليه حتى لم يَعُد يعلم الأطبّاء ما الذي يمكنهم فعله، فيئسوا من علاجه، وشاع خبر مرض صلاح الدين بين الناس في دمشق، وأصابتهم حالة من اليأس، والحُزن؛ لما حلَّ بسُلطانهم، واتّجهت جُموع غفيرة من الناس نحو قلعة دمشق؛ حتى يطمئنُّوا عليه، إلّا أنَّه لم يدخل أيّ أحد إلى القلعة عدا القاضي الفاضل، والقاضي ابن شدَّاد.[7]

ومن الجدير بالذكر أنَّ القاضيَين كانا مُلازمَين لصلاح الدين طيلة فترة مرضه، حتى جاء اليوم الثاني عشر من مرضه، حيث ساءت حالته الصحِّية بشكلٍ كبير، ودخل في غيبوبة لم يَفِق منها إلّا في حالات نادرة طَلَب خلالها أحدَ المُقرِئين؛ ليقرأ القرآن الكريم في حضرته، وعندما وصل إلى قوله -تعالى-: (فَإِن تَوَلَّوا فَقُل حَسبِيَ اللَّـهُ لا إِلـهَ إِلّا هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظيمِ)،[8] ظهرت ابتسامة على وجهه، وأسلم روحه إلى خالقها، وكان ذلك في السابع والعشرين من صفر من عام 589هـ بعد صلاة الفجر، وبعد انتشار خبر وفاته بين الناس أصابتهم حالة من الذهول، والصدمة؛ بسبب رحيله، وقد دُفِن صلاح الدين في قلعة دمشق حيث تُوفِّي، إلّا أنَّ ولده أعدَّ له قبراً بالقُرب من الجامع الأمويّ في دمشق، حيث نُقِل رُفاته إليها بعد ثلاث سنوات من وفاته -رحمه الله-.[7]

تُوفِّي صلاح الدين عن عُمر يُناهز 57 عاماً، تاركاً في نفوس الناس الإجلال، والاحترام، ولم يُخلِّف صلاح الدين الكنوز، والأملاك لعائلته؛ إذ لم يُخلِّف في خزانته إلّا 47 درهماً ناصريّاً، وديناراً واحداً، وقد رثاه الشُّعراء، وذكروا محاسنه، وفضائله، ومنهم (عماد الدين الأصبهانيّ) الذي قال فيه:[7]

المراجع

  1. ↑ خير هواشين‎، "صلاح الدين الأيوبي"، books.google.jo، اطّلع عليه بتاريخ 19-11-2018. بتصرّف.
  2. ^ أ ب جهاد الترباني، مائة من عظماء أمة الإسلام غيرو مجرى التاريخ، مصر: دار التقوى، صفحة 319-321. بتصرّف.
  3. ↑ راغب السرجاني (2-9-2013)، "صلاح الدين والنهضة العلمية"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-11-2018. بتصرّف.
  4. ↑ "سيرة القائد التكريتي البطل المجاهد"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-11-2018. بتصرّف.
  5. ^ أ ب أحمد سالم، "صلاح الدين الأيوبي"، www.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-11-2018. بتصرّف.
  6. ↑ "صلاح الدين الأيوبي"، islamstory.com، 13-12-2010، اطّلع عليه بتاريخ 21-11-2018. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت عبد الله علوان، صلاح الدين، مصر: دار السلام، صفحة 64-68. بتصرّف.
  8. ↑ سورة التوبة، آية: 129.