طريقة سهلة لحفظ القرآن

طريقة سهلة لحفظ القرآن
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

فضل القرآن الكريم وأهله

إنّ القرآن الكريم هو كلام الله تعالى الذي أنزله على نبيه محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم؛ ليكون معجزته التي قدّمها للبشر كافةً، ويبيّن الله تعالى فضل وعلوّ هذا القرآن، فيقول: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا)،[1] والله سبحانه يصف كلامه بأنّه أحسن الحديث، فيقول: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ)،[2] ويروي النبي -عليه السلام- في فضل هذا القرآن، وفضل أهله، ومن يتعاهده بالتلاوة والتعلّم؛ فيقول: (خيرُكم مَن تعلَّم القرآنَ وعلَّمه)،[3] ولقد وصف النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أهل القرآن بأحسن الصفات، إذ يقول: (إنَّ للهِ أهلين من النَّاسِ، قالوا: يا رسولَ اللهِ من هم؟ قال: هم أهلُ القرآنِ، أهلُ اللهِ وخاصَّتُه)،[4] ومن فضل القرآن على أهله كذلك ما رُوي عن النبي -عليه السلام- في الحديث الصحيح: (وما اجتمعَ قومٌ في بيتِ من بيوتِ اللهِ، يتلون كتابَ اللهِ، ويتدارسونه بينهم، إلّا نزلتْ عليهم السكينةُ، وغشيتْهم الرحمةُ وحفّتهم الملائكةُ، وذكرَهم اللهُ فيمن عنده).[5][6]

وكان من فضل القرآن الكريم على أهله؛ أنّهم يتميّزون عمّن سواهم يوم القيامة أيضاً، في الأجور وفي رفعة الدرجات، ففي الحديث عن النبي -عليه السلام- ورد: (يُقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرأ وارتَقِ ورتِّل كما كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها)،[7] والقرآن شافعٌ لأصحابه بإذن الله تعالى، وذلك كما ذكر النبي -عليه السلام- أنّه شافعٌ مشفّعٌ، ومجادلٌ عن صاحبه؛ لما كان متّبعاً، ومطبّقاً له في حياته الدنيا، والقرآن كما في حديثٍ آخرٍ يأتي يوم القيامة ينصر صاحبه، ويعطيه مقابل تجارته وعمله به في الدنيا الملك بيمينه، والخلد في شماله، ويلبسه تاج الوقار وحلّته، ولكلّ هذه الأفضال العظيمة للقرآن الكريم وغيرها على أهله، فقد عدّ النبي -عليه السلام- أنّ الحسد في الدنيا لا يصحّ، أو يحقّ إلّا في اثنتين، فجعل أحدهما حفظ القرآن، وتلاوته، والعمل به، قال الرسول عليه السلام: (لا حسدَ إلا في اثنتَينِ: رجلٌ علَّمه اللهُ القرآنَ فهو يَتلوه آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ، فسمِعه جارٌ له فقال: ليتَني أوتيتُ مِثلَ ما أوتيَ فلانٌ، فعمِلتُ مِثلَ ما يَعمَلُ).[8][6]

طريقةٌ سهلةٌ لحفظ القرآن

يرشد أهل العلم والقرّاء وحفظة القرآن الكريم أنّ هناك طريقةً سهلةً مثاليّةً لحفظه، وتثبيته، وقد سار عليها الكثير من العلماء والحفّاظ، تبدأ بالاستعانة بالله سبحانه، والتوجّه إليه بأن يرفع همّته، ويعينه على تحقيق غايته، ثمّ يتوجّه الطالب إلى حافظٍ متقنٍ للقرآن الكريم، يلازمه فيستمع إليه، ثمّ يتلو المقرّر أمامه، فيصحّح له التلاوة، ويعلّمه الأخطاء التي وقع بها، ثمّ يباشر الطالب بحفظ المقرر من الآيات، ولو كانت آيةً واحدةً، فيكرّرها ويراجعها طيلة اليوم حتى يستيقن أنّه أتقنها، ورسخت في ذهنه، ثمّ إذا جاء اليوم التالي يفعل ما فعله في سابق الأيام، ويلازم تلك الخطوات حتى إذا زاد الحفظ على الطالب، صار عنده وِردَين، ورد حفظٍ، ووِردُ مراجعةٍ وتثبيتٍ، ويجب أن تكون كلّ هذه الخطوات بطريقةٍ منظّمةٍ، يكون واضحاً فيها وقت الحفظ، والمراجعة، وأفضلها وقت الفجر، والساعات الأولى من النهار، ويُستعان على ذلك كلّه بالصبر، والمجاهدة، ومداومة الالتزام ولو بالقليل، حتى ينجز الطالب غايته، ويحقّقها.[9]

نصائح عامّةٌ لحفظ القرآن الكريم

بالإضافة إلى البرنامج الذي يضعه الطالب خلال حفظه للقرآن الكريم، هناك إرشاداتٍ ونصائح عدّةٍ يقدّمها العلماء لمن قصد في حياته حفظ القرآن الكريم، وتثبيته، فيما يأتي ذكرٌ لجانبٍ منها:[10]

  • إخلاص النية لله تعالى، والتوجّه إليه في تحقيق هذا الهدف العظيم، قال الله تعالى: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ).[11]
  • التوجّه إلى الله بالدعاء، والإلحاح فيه أن يُعينه على إنجاز هذا الهدف، ونيل الأجر العظيم من ورائه.
  • الاستغفار، وكثرة الإنابة، وترك المعاصي والحرام، فهي الطريق إلى إصلاح القلب، وجعله مهيأً لاستقبال القرآن الكريم وحفظه.
  • الصبر، والهمّة العالية، فعلى طالب حفظ القرآن أن يعلم أنّ طريقه طويلةٌ، وقد تكون صعبةٌ خصوصاً في البداية، فلا بد له من همّةٍ عظيمةٍ، وصبرٍ ملازمٍ، حتى ينتهي من تحقيق مراده.
  • تفريغ الأوقات، والانصراف عن الانشغال الطويل في الدنيا، فإنّ أيّ شيءٍ قد ينشغل المرء فيه في دنياه لا شكّ أنّه دون القرآن الكريم، والانشغال فيه في الفضل والأجر، والله تعالى يقول: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّـهَ بِهِ عَلِيمٌ).[12]
  • استثمار البكور، وهي ساعات أوّل النهار، فالنبي -عليه السلام- دعا لأمته بالبركة في البكور، فقال: (اللهمَ باركْ لأمتي في بكورِها)،[13] فكلّما بدأ الطالب بحفظ وِرده في وقتٍ أبكر من النهار، خرج بنتيجةٍ أفضلٍ، وذلك لقلّة الانشغالات، ولصفاء الذهن في الأوقات المبكّرة.
  • مصاحبة أهل القرآن، ومجالستهم، وتلاوة القرآن على أهل الإتقان منهم، فإنّ الالتزام في العرض على حافظٍ، والمداومة على ذلك يطرد الملل، ويزيد النشاط لصاحبه، وفيه محافظةٌ على الأوقات بسبب الإنجاز السريع.
  • المداومة على ما سنّ النبي -عليه السلام- من سننٍ؛ لقراءة بعض السور القرآنية في أوقاتٍ محددةٍ، كقراءة سورة الكهف كلّ جمعةٍ.
  • القراءة جهراً؛ لأنّ فيها إضافةٌ إلى التسميع والتثبيت، جمع الفكر، والانصراف إلى التفكّر في الآيات عمّا سواها، وبها يزداد النشاط، ويُطرد الكسل.

المراجع

  1. ↑ سورة الإسراء، آية: 9.
  2. ↑ سورة الزمر، آية: 23.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 5027، صحيح.
  4. ↑ رواه الزرقاني، في مختصر المقاصد، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 227 ، صحيح.
  5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2699 ، صحيح.
  6. ^ أ ب "فضل القرآن وفضل أهله وأهمية قراءته للمسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-10. بتصرّف.
  7. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1464، حسن صحيح.
  8. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5026، صحيح.
  9. ↑ "الطريقة المثالية لحفظ القرآن الكريم"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-10. بتصرّف.
  10. ↑ "خطوات حفظ القرآن الكريم"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-10. بتصرّف.
  11. ↑ سورة الزمر، آية: 11.
  12. ↑ سورة آل عمران، آية: 92.
  13. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن صخر بن وداعة الغامدي، الصفحة أو الرقم: 1212، حسن.