مقال عن سماحة الدين الإسلامي

مقال عن سماحة الدين الإسلامي

سماحة الدين الإسلامي

السّماحة؛ تحمِلُ كُلَّ معاني الّلين، واليُسر، والسُّهولة، وهي في اللغة دالَّةٌ على السّلاسة، وقد تميَّزَ الدِّينُ الإسلاميُّ باليُسر والسَّماحة؛ فقد شملَ بتلك المعاني كُلَّ الأحكام، والأوامر، والنَّواهي، وبما أنَّ الإسلامَ دينٌ عالميٌّ يُخاطِبُ كُلَّ الألوانِ، والأعراقِ، والأديانِ، فقد ذَكَر لنا التَّاريخُ أنَّ الأمّمَ السالِفَة، لم تَعرِف مثلَ المُسلمينَ، فاتحينَ راحمينَ مُتسامِحين، فأخلاق الإسلام جميلةٌ طيّبة، وأحكامه من أعدل الأحكام ِوأقومِها.

أظهَرَ الإسلامُ الكثير من السّماحة في العبادات؛ حيث خفَّف على المريضِ الصلاة قائماً، وراعى حالةَ المُسافرِ وتعبه حين أباحَ له قَصرَ الصلاةِ وجمعِها، ومَنَحَ الصائمَ غير المقتدر أعذاراً لفداء صيامه، أمَّا ما تدّعيه تلك النّداءات الزائفة؛ فهو من فعلِ أهل المُنكر؛ حيثُ يصفونَهُ بأنَّهُ دينٌ إقصائيٌّ يدعو للتّطرُّفِ والعنف، ويُعتَبَرُ من باب البُهتانِ والزّورِ والكذِب على هذا الدّين العظيم.

صور من سماحة الإسلام

حمَلَ الإسلامُ في طيّاتِهِ العديدَ من الأخلاقِ الحميدةِ التي يُمكِنُ وَصفُها بجسرٍ يُوصِلُ إلى السماحَةِ المرجوَّة؛ فدعا إلى طلاقة الوجه، ولين الجانب، وإفشاء السلامِ، وإيواء من كانوا على غير الإسلام، ومنذ أن جاء الإسلامُ رافِعاً رايةً تحمل شِعارَ: لا إكراه في الدّين، لم يُجبَر فردٌ على الدّخول في الإسلام، فاحترمَت مبادىءُ الإسلامِ كُلَّ أصحابِ الدِّيانات الأخرى، وشَرَعَت الحقوق والواجباتِ من أجل تنظيمِ الحياة داخلَ المُجتمعِ الإسلاميّ وخارجَه، ونذكر من ذلك:

  • توجُّه الله -عزَّ وجلَّ- بخطاب الدّائنين في القرآن الكريم، حيث دعاهم إلى التّيسيرعلى المدينين المعسرين؛ وذلك بالصّبر على عدم سدادهم لأموالهم التي استدانوها، وهو بذلك يُعلِّمُهم سماحةَ النّفسِ، وحُسنَ الصّبر على المعسرين.
  • الدّعوة إلى حُسن التَّعامل في البيع والشراء؛ تفادياً لنَزْعِ البَرَكَةِ في الرّزق، وذلك في قول النبي: (رَحِمَ اللهُ رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى) [رواه البخاري].
  • تجاوُزُ محمد -عليه الصلاة والسلام- لكلِّ الإيذاء الذي لَقيَهُ من قريشٍ خلال كُلِّ السّنواتِ التي سبقت فتح مكَّة، إلّا أنَّه حين صار إليه الأمر، عفا عنهم، وقد خافوا على أنفسهم، وأولادهم، وأموالهم قبل ذلك.
  • تحريم إيذاءَ كلِّ مُعاهِدٍ أو مُستأمن دخل ديار الإسلام، وتغليظ عقوبةَ من يمارس ذلك الإيذاءِ سواءً كان بالفعل أو القول؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا) [رواه البخاري].
  • تحريم التعرُّضَ لدور عبادَةِ غير المُسلمين حال الحرب والسّلم، وتحريم قَتل الذين لم يتجهّزوا للمشاركة في الحرب، كالنّساء والأطفالِ والشيوخِ كبار السّن؛ إذ كانت من وصايا أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه عند إرسال أُمَرائِهِ قوله: "يا يزيد: لا تقتل صبياً ولا امرأةً ولا صغيراً ولا تخربنَّ عامراً، ولا تعقرنَّ شجراً مثمراً، ولا دابةً عجماءَ، ولا بقرةً، ولا شاةً إلا لمأكلة، ولا تحرقنَّ نخلاً، ولا تغرقنَّه، ولا تغلُل ولا تُجبِن".