فوائد حفظ القرآن

فوائد حفظ القرآن
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

القرآن الكريم

هناك خلاف بين العلماء في تعريف القرآن لغةً، فمنهم من قال بأن القرآن اسم علمٍ لكتاب الله -تعالى- وليس مُشتقاً، ومنهم من قال بأن القرآن مشتق من فعل مهموز وهو اقرأ أو قرأ، ويعني تفهم، أو تدبر، أو تعلم، أو تفقه، أما اصطلاحاً فيُعرف القرآن الكريم بأنه كلام الله تعالى، الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، المتعبد بتلاوته، والمعجز بمعناه ولفظه، المنقول إلينا بالتواتر، والمكتوب في المصحف، وأول سوره الفاتحة، وآخرها الناس، وتجدر الإشارة إلى أن للقرآن الكريم ثلاثة تنزُّلات؛ الأولى: ثبوته في اللوح المحفوظ، والثانية: نزوله جملة واحدة ليلة القدر، والثالثة: نزوله منجماً ومُفرقاً خلال ثلاثة وعشرين عاماً، ثم نُقل إلينا بالتواتر، حيث نقله الصحابة -رضي الله عنهم- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جمعه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بعد حروب الردة بمشورة من عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما قال له: (إنَّ القتلَ قدِ استَحَرَّ يومَ اليمامةِ بقُرَّاءِ القرآنِ، وإني أخشى أن يَستَحِرَّ القتلُ بالقُرَّاءِ بالمواطنِ، فيذهَبُ كثيرٌ منَ القرآنِ، وإني أرى أن تَأمُرَ بجمعِ القرآنِ).[1]

وفي عهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- جُمع القرآن الكريم في مصحف واحد بلهجة واحدة ولغة واحدة، بعد أن كان يُقرأ على سبعة أحرف، وقد جعل الله -تعالى- القرآن الكريم معجزة أيّد بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، حيث تحدى العرب في مكة، وأهل الكتاب في المدينة في عدة مواضع من كتابه الكريم بأن يأتوا بمثله، وسيبقى التحدي قائماً إلى قيام الساعة، مصداقاً لقول الله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)،[2] وقوله تعالى: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا).[3][1]

فضائل وفوائد حفظ القرآن

هناك العديد من الفضائل المترتبة على حفظ القرآن الكريم، ويمكن ذكرها فيما يأتي:[4]

  • تحقيق حفظ الله -تعالى- للقرآن من التحريف: حيث إن حفظ القرآن الكريم في الصدور يجعل تحريفه مستحيلاً في السطور، تحقيقاً لقول الله تعالى: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ)،[5] وفي حال حاول أحد ما تحريف القرآن الكريم كتابةً يردّه الحفاظ الذين حفظوه في الصدور.
  • إقامة الحجة: حيث إن حفظ القرآن الكريم يساعد على إقامة الحجة على المخالف عند الحاجة إلى ذلك.
  • القراءة في الصلاة: حيث إن حفظ القرآن الكريم يمكِّن المسلم من تلاوته في صلاته، ويستطيع قراءة ما يحفظه من آيات القرآن الكريم في أي وقت في حال عدم توفر المصحف.
  • سبب للنجاة من النار: إذ إن حفظ القرآن الكريم يُنجي صاحبة من نار جهنم، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو جُمِعَ القرآنُ في إِهابٍ، ما أحرقه اللهُ بالنَّارِ).[6]
  • اتباع السنة النبوية: حفظ القرآن اتباع لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد حفظه النبي عليه الصلاة والسلام، وكان جبريل عليه السلام يراجعه في كل عام، مصداقاً لما روته فاطمة رضي الله عنها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أخبرها: (أنَّ جبريلَ كان يعارضُه بالقرآن ِكلَّ عامٍ مرَّةً، وإنه عارضَه به في العام مرتَينِ).[7]
  • سبب لنيل الشفاعة: حيث إن حفظ القرآن الكريم سببٌ لنيل الشفاعة يوم القيامة، فقد رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (اقْرَؤوا القرآنَ، فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه).[8]
  • سبب لنيل الرفعة في الجنة: حيث إن حفظ القرآن الكريم وترتيله يرفع صاحبه درجات في الجنة، مصداقاً لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يُقالُ لصاحبِ القُرآنِ يومَ القيامةِ اقرَأْ وارْقَ ورتِّلْ كما كُنْتَ تُرتِّلُ في دارِ الدُّنيا فإنَّ منزلتَك عندَ آخِرِ آيةٍ كُنْتَ تقرَؤُها).[9]
  • سبب لنيل الاحترام والتوقير: فقد بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تعظيم حامل القرآن الكريم دلالة على تعظيم الله تعالى، حيث قال: (إنَّ من إجلالِ اللَّهِ تعالى إكرامَ ذي الشَّيبةِ المسلمِ وحاملِ القرآنِ غيرِ الغالي فيهِ والجافي عنهُ وإكرامَ ذي السُّلطانِ المقسِطِ).[10]
  • سبب لنيل الرفعة في الدنيا: حيث بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن حفظ القرآن الكريم سبب للرفعة في الدنيا والآخرة، حيث قال: (إنَّ اللهَ يرفعُ بهذا الكتابِ أقوامًا ويضعُ به آخرِينَ).[11]
  • استحقاق الإمامة في الصلاة: فقد أكد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أولوية حافظ القرآن الكريم في إمامة الصلاة، حيث قال: (يؤمُّ القومَ أقرؤُهم لكتابِ اللهِ).[12]
  • نيل منزلة عظيمة عند الله تعالى: فحفظة القرآن الكريم هم أهل الله وخاصته، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنَّ للهِ أَهْلينَ منَ النَّاسِ، قال: قيل: مَن هُم يا رسولَ اللهِ؟ قال: أهلُ القُرآنِ هُم أهلُ اللهِ، وخاصَّتُه).[13]

وسائل تساعد على حفظ القرآن الكريم

ميّز الله -تعالى- أمة الإسلام بخاصية لم تكن لأحد من أهل الكتب من قبلهم، وهي أنهم يحفظون كتاب ربهم في صدورهم ويقرؤونه عن ظهر قلب، ولحفظ القرآن الكريم فوائد عظيمة قد سبق الإشارة إليها، وثمة العديد من الوسائل المعينة على حفظه، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:[14]

  • الإخلاص: حيث إن النية الخالصة لله -تعالى- سبب التيسير والقبول.
  • الإقلاع عن المعاصي والذنوب: فالمعصية تحرم العبد نور العلم، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: (إن الرجل ليحرم العلم بالذنب يصيبه).
  • الهمة العالية والعزيمة الصادقة: حيث إن حفظ القرآن الكريم يحتاج إلى همة وعزيمة، واتباع منهجية صحيحة، والمتابعة والاستمرار عليها.
  • القراءة الصحيحة: حيث إن قراءة القرآن الكريم مع ضبط الحركات، وتصحيح مخارج الحروف يساعد على الحفظ.
  • كثرة التكرار: يجب تكرار ما تم حفظه من القرآن الكريم، لا سيما أنه يتفلت من صاحبه كتفلت البعير، ويمكن ذلك من خلال قراءة ما تم حفطه في صلاة النافلة، أو أثناء إمامة الناس للصلاة، أو التسميع للغير، أو الاستماع لبعض القرّاء من خلال الأشرطة القرآنية.

المراجع

  1. ^ أ ب أمين الدميري (7-12-2016)، "التعريف بالقرآن الكريم لغة واصطلاحا"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-1-2019. بتصرّف.
  2. ↑ سورة هود، آية: 13.
  3. ↑ سورة الإسراء، آية: 88.
  4. ↑ "الحكمة من حفظ القرآن الكريم في الصدور"، 18-12-2005، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-1-2019. بتصرّف.
  5. ↑ سورة الحجر، آية: 9.
  6. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عصمة بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5266، حسن.
  7. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2450، صحيح.
  8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 804، صحيح.
  9. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 766، أخرجه في صحيحه.
  10. ↑ رواه النووي، في تحقيق رياض الصالحين، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 173، حسن.
  11. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 817، صحيح.
  12. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي مسعود البدري، الصفحة أو الرقم: 2144، أخرجه في صحيحه.
  13. ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 12292، إسناده حسن.
  14. ↑ "أسس وقواعد تعين على حفظ القرآن"، www.archive.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-1-2019. بتصرّف.