تعريف بيعة الرضوان

خروج النبي لأداء مناسك العمرةخرج النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من بلده مكة مرغماً مضطراً، بعد ما ازداد إيذاء المشركين له، ولأصحابه، فتوجّه إلى المدينة؛ لبناء

تعريف بيعة الرضوان

خروج النبي لأداء مناسك العمرة

خرج النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من بلده مكة مرغماً مضطراً، بعد ما ازداد إيذاء المشركين له، ولأصحابه، فتوجّه إلى المدينة؛ لبناء قواعد الدولة الإسلامية، بعد ذلك رغب النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بأن يزور مكة معتمراً، زائراً لبيت الله الحرام، وذلك حقّ مشروعٌ له بالطبع، فإنّ الناس من كلّ الأديان والمعتقدات، كانت تزور البيت الحرام، وتطوف به، فأعلن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في السنة السادسة للهجرة رغبته بالخروج إلى مكة معتمراً، وحثّ أصحابه على ذلك، وحتى يُثبت النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لأهل مكة أنّه أتاها زائراً لا يريد حرباً، ولا قتالاً، فقد سيّر أمام قوافل المسلمين سبعين بدنةً من المواشي، وحمل معه السيوف فقط، ولم يحمل المسلمين أيّ عتادٍ للقتال، وذلك إمعاناً في توضيح الرغبة بالزيارة والاعتمار فقط.[1]

في الطريق أرسل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عيوناً له ليتقصّى أخبار قريشٍ، فوصله الخبر بأنّ قريشاً قد علمت بخروج النبي -صلّى الله عليه وسلّم- متوجهاً إلى مكة، وأخرجوا تجاهه مجموعة فرسانٍ ليجبروه على العودة، فلمّا علم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك، غيّر الطريق من تلقاء نفسه؛ لعدم رغبته بمواجهة قريشٍ، وبقي النبي -صلّى الله عليه وسلّم- سائر المسير على صعوبته وشدّته، حتى إذا أوشك الوصول إلى مكة، وبلغ منطقةً تُدعى الحديبية بركت ناقته القصواء، فظنّ الصحابة أنّها خرجت عن أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: (ما خلَأَتِ القصواءُ، وما ذاك لها بخُلُقٍ، ولكن حبَسَها حابسُ الفيلِ، ثم قال: والذي نفسي بيدِه، لا يَسْأَلُونَنِي خطةً يُعَظِّمون فيها حرماتِ اللهِ إلا أَعْطَيْتُهم إيَّاها)،[2] وكان في ذات الوقت أن تنزّل على النبي -صلّى الله عليه وسلّم- توجيهٌ من الله تعالى، يحثّه به على السلم والمسالمة.[1]

التعريف ببيعة الرضوان

أثناء مكوث النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على مقربةٍ من مكة، منتظراً الفرصة لدخولها زائراً، حدثت مفاوضاتٌ كثيرةٌ بينه وبين رجالٍ من قريشٍ؛ ليمنعوه من دخول مكة، ثمّ رأى أن يرسل رسولاً من عنده إلى قريشٍ؛ للتفاوض معها بأمر دخول المسلمين إلى مكة لأداء العمرة، واختار لذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه، ولمّا دخل عثمان مكة، غاب فيها بضعة أيامٍ، أشيع حينها أنّه قُتل، فتعامل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- مع الخبر بكلّ جديةٍ وصرامةٍ، واجتمع بأصحابه الحاضرين معه على وجه السّرعة، وانتظر من يبايعه على القتال والموت في سبيل تلك الغاية، فتسابق الصحابة إلى مبايعته على القتال حتى الموت، فكانت تلك بيعة الرضوان، وسمّيت بيعة الرضوان؛ لأنّ الله -تعالى- أنزل آياتٍ كريماتٍ تذكر رضا الله -عزّ وجلّ- على من شهد تلك البيعة المباركة، حيث قال: (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا).[3][4]

سمّيت بيعة الرضوان بيعة الشجرة كذلك؛ لأنّ المسلمين كانوا جالسين تحت شجرةٍ، حين بايعوا رسول الله على القتال، وتعدّ بيعة الرضوان من أعظم المبايعات التي حصلت في التاريخ؛ وذلك لصعوبة الظرف الذي كان فيه المسلمون، فإنّهم قد أتوا من سفرٍ، ولا يحملون إلّا سلاح المسافر، ثمّ عاهدوا على القتال حتى الموت، دون فرارٍ أو وجلٍ، ضدّ من أهان دولتهم، وضد من لم يحترم القوانين والأعراف التي كانت سائدةً باحترام الرسل، وكان من إقبال المسلمين على مبايعة النبي صلّى الله عليه وسلّم، أنّ بعضهم قد بايع ثلاث مراتٍ؛ وهو سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، والغريب في تلك الحادثة أنّ حرباً لم تقع بعدها، فإنّ عثمان بن عفان جاء بعد البيعة مباشرةً، فلم يكن قتيلاً كما أُشيع الخبر، وأخبر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّ قريشاً قد وافقت على إبرام صلحٍ بينهما، وسيأتي قريباً من يفاوض النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على بنود الصلح.[4]

إبرام صلح الحُديبية

بعد أن أطلقت قريش عثمان بن عفان -رضي الله عنه- سارعت إلى إرسال من يفاوض النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في بنود الصلح بينهما، فأرسلوا إليه سهيل بن عمرو، فتكلّم سهيلٌ طويلاً، ثمّ بدأ بالحديث عن القواعد الرئيسية في الصلح، وفيما يأتي بيان البنود التي تمّ الاتفاق عليها بين المسلمين وكفار قريش يوم الحُديبية:[5]

  • ألّا يدخل المسلمون مكة في عامهم ذلك، بل يرجعون إلى المدينة، ويعاودون المجيء إليها في العام الذي يلي ذلك العام، ويمكثون فيها ثلاثة أيامٍ فقط.
  • أن تتوقّف الحروب، ويسود السلم بين الطرفين مدة عشرة أعوامٍ.
  • فتْح الباب أمام القبائل العربية للدخول في حلف قريشٍ، أو في حلف النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويُمنع بعد ذلك أن يعتدي أيّ من الطرفين على أيّ قبيلةٍ دخلت في حلف الطرف الآخر، فيكون ذلك اعتداءً محرّماً.
  • من أتى من الأفراد من قريشٍ إلى المسلمين دون إذنهم؛ ردّه المسلمون، ولا يسمحون له بالإقامة بينهم، وإعلان إسلامه، ولكن من رغب من المسلمين بالعودة عن دينه إلى قريشٍ؛ فإنّ قريشاً ترحّب وتستقبله في حلفها.

وبالرّغم من أنّ المسلمين لم تعجبهم العديد من بنود الاتفاق، وشعروا بالظلم قد وقع عليهم، إلّا أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وافق على ذلك في النهاية، ولقد عدّه الله -تعالى- فتحاً مبيناً، حيث قال: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا)،[6] إذ كان مقدمةً لفتح مكّة، ونشر الدين الإسلامي، واتّساع رقعة المسلمين.[5]

المراجع

  1. ^ أ ب "الفتح المبين في الحديبية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-22. بتصرّف.
  2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، الصفحة أو الرقم: 2731، صحيح.
  3. ↑ سورة الفتح، آية: 18.
  4. ^ أ ب "بيعة الرضوان والدروس المستفادة منها"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-27. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "صلح الحديبية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-27. بتصرّف.
  6. ↑ سورة الفتح، آية: 1.

المقال السابق: طريقة كاري الدجاج
المقال التالي: تعريف بابن تيمية

تعريف بيعة الرضوان: رأيكم يهمنا

تعريف بيعة الرضوان

0.0 / 5

0 تقييم

5
(0)

4
(0)

3
(0)

2
(0)

1
(0)

التعليقات

تعليقات الزوار: