تعريف الزواج المبكر

تعريف الزواج المبكر
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

حقيقة الزواج المبكر

الزواج كما هو معروف لدى الجميع أنّه الرباط المقدس الذي يربط بين شخصين برباطٍ شرعي وقانوني، فقد شرع الله سبحانه الزواج لغايات وأهدافٍ كثيرةٍ وعظيمةٍ، وأهم هذه الغايات الاستقرار النفسي للطرفين، والعيش بمودةٍ وهدوءٍ وسلامٍ في جوٍ أسريٍ يتميز بالصحة النفسية والبدنية.[1]

تزايد الاهتمام في الآونة الأخيرة بقضايا عديدة، ومن هذه القضايا قضية الزواج المبكر التي اعتبرها البعض من القضايا الهامة جداً؛ لما يترتب عليها من أبعادٍ اجتماعيةٍ واقتصاديةٍ وصحيةٍ ونفسية، فقد لاقى هذا الموضوع اهتماماً كبيراً، وأصبح مدار جدلٍ ونقاشٍ عام؛ لأنّ الأسرة هي أساس المجتمع، وهي المؤسسة التربوية التي ترتقي بها الأمم وتزدهر، وقد ظهر للزواج المبكر العديد من الآراء فيما يتعلق بإجازته أو منعه، فكانت الآراء متباينة بين المجيز له، والمحبب والمشجع، وبين المانع والرافض له، ولكلا الطرفين المانع والمُجيز وجهة نظرٍ في ذلك الأمر سيتم بيانها إن شاء الله تعالى في هذا المقال.[2]

تعريف الزواج المبكر

يختلف تعريف لفظ الزواج المبكر باختلاف نظرة كل جهة إلى سن الزواج المسموح به والمعتبر لديهم من حيث النمو العقلي، والعاطفي، والجسدي، فكان رأي البعض أنّ المُحدّد الرئيس للزواج المبكر أو فيما يعتبره زواجاً مبكراً هو العمر، بينما عرّف آخرون معنى الزواج المبكر بناءً على البلوغ؛ ذلك أنّ سن الفتاة أو الشاب عند الزواج يُعدّ عاملاً أساسياً يؤخذ بعين الاعتبار، وهو العامل الذي يُعتمد عليه في نجاح هذه العلاقة من فشلها، فالعلاقة الزوجية يجب أن يتوافر فيها التفاهم والسكن بين الزوجين، والطمأنينة المبنية على الحب والمودة والرحمة بينهما، ومن التعريفات العديدة للزواج المبكر ما يلي:[3][4][5]

  • الزواج المبكر هو العلاقة الزوجية الصحيحة التي تبدأ في سن مبكر تؤهل كل من الطرفين القيام بواجباته تجاه الآخر والقيام بجميع الالتزامات المترتبة على هذه العلاقة من تكوين الأسرة إلى إنجاب الأطفال، والنفقة عليهم، ورعايتهم الرعاية الصحية السليمة، وكل ذلك في سن مبكر أي قبل بلوغ السن القانوني للزواج.
  • يُسمي البعض الزواج المبكر بالزواج الإجباري؛ لأنّ الفتاة في هذا العمر أي ما قبل 18 عاماً لم تبلغ النضج كاملاً والإدراك الصحيح حتى تستطيع أن تتخذ قراراً مهماً في حياتها، بل هو القرار المصيري لها.
  • استخدم البعض لفظ زواج الطفل عوضاً عن لفظ الزواج المبكر؛ لأنّ الزواج على هذا النحو فيه انتهاكٌ لحقوق الإنسان وحقوق الطفل باعتبار أنّ أحد طرفي عقد الزواج أو كلاهما لم يصل لسن الرشد بعد، وفي هذه الحالة سيتخذ ولي الأمر أو من ينوب عنه القرار في اختيار الطرف الآخر، ودون موافقة صاحب الشأن، وهذا يُشكل خطورة كبيرة، وهو من إحدى انتهاكات الحرية وحقوق الإنسان.
  • هناك من ربط الزواج المبكر بالبلوغ، فقالوا: الزواج المبكر باعتبار الناحية الطبية هو الزواج قبل البلوغ، وأنّ تسمية الزواج المبكر بهذا الاسم مرتبط بالبلوغ فقط، فلا يُطلق مسمى زواج مبكر على الفتاة التي تتزوج قبل الثامنة عشر؛ لأنّ ذلك القول لا يستند إلى قاعدة شرعية أو قاعدة علمية، ذلك أنّ الزواج يرتبط بالبلوغ، والبلوغ هو الفترة الزمنية عند الفتاة التي تتحول فيها من طفلة إلى بالغة، فتحدث التغيرات الفسيولوجية والسيكولوجية العديدة في جسم الفتاة، وهذه الفترة قد تستمر سنوات عديدة حتى تكتمل عملية البلوغ؛ فهي ترتبط بعوامل عديدة مثل العوامل الوراثية والبيئية والصحية والعوامل الجينية وغيرها.
  • البعض من الباحثين عرّف الزواج المبكر بأنّه تزويج الفتى أو الفتاة في عمرٍ صغير دون النظر للبلوغ، أي السن المحصور ما بين عمر الحادية عشر وعمر السابعة عشر سنة، وهذا العمر الذي تم تحديده هو سن المراهقة؛ الذي يتميز فيه الفرد بالنمو الجسدي أكثر من النمو العقلي والفكري، فيكون المراهق مندفع الشخصية، متهور، غير قادر على اتخاذ القرارات، ولا يملك الاستقرار العاطفي.

ممّا سبق نلاحظ أنّ جميع التعريفات السابقة التي عرفت الزواج المبكر لم تتّفق على فئة عمرية معينة يُعدّ فيها الزواج مُبكراً، فَسِنّ الزواج أمرٌ هامٌ في نجاح العلاقة الزوجية بين الطرفين، وهو أيضاً له أهمية في بناء الأسرة واستقرارها، وسن الزواج يختلف من بيئة إلى أخرى باختلاف الأنماط الطبيعية، والاجتماعية، والدينية، ودرجة الوعي التعليمي والتربوي.

آراء حول الزواج المبكر

  • الفريق الأول: مجموعة من الأشخاص أو المنظمات وجدت أنّ الزواج المبكر فيه ظلمٌ للفتاة وللشاب، وقد قيّدوا مسمّى الزواج بعمرٍ معين؛ كأن يكون 18 عاماً، فما كان من زواجٍ قبل هذا السن اعتبروه زواجاً مبكراً يقع فيه الظلم من كافة الأوجه والصور على الفتاة تحديداً، فهو يحرِم الفتاة من حق التعليم، وحقها في الحماية من جميع أشكال وألوان العنف كالعنف الأسري في المعاملة السيئة، والعنف الجسدي، واللفظي، والجنسي، وحقّها في التمتُّع بالصحة الجيدة، وأن تنال الرعاية الكاملة التي تحتاجها.[3]
  • الفريق الثاني: يؤيّد فكرة الزواج في السن المبكّرة، ويعتبره زواجاً طبيعياً لا خلل فيه؛ لأنّ الدين الإسلامي لم يحدّد سنّ الزواج، ولم يجدوا مستنداً شرعياً في الفقه الإسلامي يمنع هذا الزواج، بل على العكس هم يرون أنّ فكرة تحديد الزواج بسنّ معيّن جاء من الغرب، والأفكار الغربية تختلف عن الأفكار والمنهج الذي يسير عليه الفرد المسلم عقيدةً وسلوكاً، فمنهجه واضحٌ أقرّه الدين الإسلامي، ومتى وصل الشاب أو الفتاة البلوغ جاز له الزواج، ويتحقق بلوغ الشاب بالحلم، وبلوغ الفتاة بالحيض، فالضابط عند من يؤيد فكرة الزواج المبكر هو البلوغ فقط.[6]

دوافع تزويج القاصر

ينتشر الزواج المبكر في مجتمعات عديدة ويعود ذلك لأسباب مختلفة كالعادات والتقاليد، أو أسباب اجتماعية ومن هذه الأسباب ما يلي:[7][8]

  • الجهل: إنّ الجهل وقلة الوعي يدفع أولياء الأمور إلى تزويج فتياتهم في سنّ مبكرة؛ فهم غير مدركين أن القاصرة لا تستطيع تحمّل مسؤولية وأعباء الأسرة والأبناء وتقديم ما عليها من واجبات تجاه زوجها.
  • الفقر: إنّ للفقر دوراً كبيراً في تزويجِ الفتيات القاصرات؛ ليخفف الأب من العبء المالي الذي يقع على عاتقه، أو قد يكون تزويج الفتاة سبباً في كسبٍ مادي يحسّن به وضعه الاقتصادي فتكون الفتاة صفقة رابحة، وبالتالي زواجها أصبح خالياً من معالم الإنسانية والرحمة.
  • الخوف: خوف ولي أمر الفتاة من العنوسة لابنته، أو خوفه من موته واختفاء المعيل لها، وخوفه من فتنة ابنته، وخوفه على شرفه، فالمخاوف كثيرة والحل لهذه المخاوف واحد وهو الزواج للفتاة.
  • الموروث الاجتماعي: إنّ العديد من القبائل وبخاصة الريفية منها تُشجع على مثل هذا النوع من الزواج، وتجده الأنسب والأفضل للفتاة.

المراجع

  1. ↑ فوزي خميس وأرليت تابت ونادين مشموشي (2014م)، حماية القاصرات من الزواج المبكر الواقع والمرتجى (الطبعة الأولى)، بيروت: الجامعة اللبنانية الأمريكية، صفحة 8، جزء 1. بتصرّف.
  2. ↑ ميسون بنت علي الفايز (2012م)، زواج الصغيرات (الطبعة الأولى )، السعودية: مركز الأبحاث الواعدة في البحوث الاجتماعية ودراسات المرأة، صفحة 3، جزء 1. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "النديم: الزواج المبكر ظلم للبنات وموت لهن"، الوفد، اطلع عليه بتاريخ 23-6-2017. بتصرّف.
  4. ↑ هناء جاسم محمد السبعاوي (2007م)، أثر الزواج المبكر للفتيات في عملية التنمية الاجتماعية (الطبعة الأولى)، صفحة 4، جزء 1. بتصرّف.
  5. ↑ ميسون بنت علي الفايز (2012م)، زواج الصغيرات (الطبعة الأولى)، السعودية: مركز الأبحاث الواعدة في البحوث الاجتماعية ودراسات المرأة، صفحة 4، جزء 1. بتصرّف.
  6. ↑ ميسون بنت علي الفايز (2012م)، زواج الصغيرات (الطبعة الأولى)، السعودية: مركز الأبحاث الواعدة في البحوث الاجتماعية ودراسات المرأة، صفحة 4، جزء 1. بتصرّف.
  7. ↑ حنان خويلد وآمال نايلي (2014م)،أسباب انتشار ظاهرة الزواج المبكر وأثرها على المجتمع (الطبعة الأولى)، الجزائر: جامعة قاصدي مرباح ورقلة، صفحة 12، جزء 1. بتصرّف.
  8. ↑ عادل العبد الجبار، زواج القاصرات بين الدين والعادات (الطبعة الأولى)، صفحة 6 - 7، جزء 1. بتصرّف.