تاريخ المسجد الأقصى

تاريخ المسجد الأقصى

بناء المسجد الأقصى

يُعَدُّ المسجد الأقصى ثاني بيت وُضِع؛ لعبادة الله -تعالى- على وجه الأرض، وذلك بعد 40 سنة من إرساء قواعد المسجد الحرام، ومن المُرجَّح أنّ أوّل من بنى المسجد الأقصى هو سيِّدنا آدم -عليه السلام- بأمر من الله -تعالى-، حيث بُنِي في أرض لم يسبقه فيها معبد، أو هيكل، أو كنيسة، ثمّ خَضَع المسجد بعد ذلك للإعمار على يد سيِّدنا إبراهيم -عليه السلام-، وذلك في نحو عام 2000ق.م، ثمّ جدَّد سيِّدنا سليمان -عليه السلام- بناءه في عام 1000ق.م.[1]

العهد العُمريّ

في عام 15 هجريّة؛ الموافق لعام 636م، حدثت أعظم الفتوحات الإسلاميّة في التاريخ؛ حيث انتقل الخليفة المسلم عُمر بن الخطّاب برفقة أصحابه أبي عبيدة عامر بن الجرّاح، وخالد بن الوليد، وأبي ذَرٍّ الغفاريّ، وسعد بن أبي وقّاص من المدينة المُنوَّرة إلى القُدس، ودخلها فاتحاً، واستلمها من أهلها وِفق الاتِّفاق المعروف بالعُهدة العُمريّة، ونظَّف بنفسه ساحة الأقصى، والصخرة المُشرَّفة، كما أمرَ ببناء مسجد صغير في المكان الذي عَرَج منه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-.[1]

العهد الأمويّ والعبّاسي

بعد انتقال الخلافة الإسلاميّة إلى الخليفة الراشديّ الثالث عُثمان بن عفّان في عام 21 هجريّة، وضع القائدَ المسلم، وكاتبَ الوحي معاوية بن أبي سُفيان؛ ليكون والياً على فلسطين، ومدينة القدس، ودمشق، وقد تولّى معاوية شؤون الإمامة، والخطابة بالمسجد الأقصى، علماً بأنّ المسجد كان في ذلك الوقت مُحاطاً بسور عليه 84 بُرجاً، وله 6 أبواب، ثمّ تولّى حُكمَ المنطقة بعد ذلك الخليفةُ الأمويّ مروان بن الحَكَم، وبعدها استلم الحُكم ابنه عبدالملك بن مروان، والذي شَهِد المسجد الأقصى في عهده تطوُّراً واضحاً؛ فقد أمر بإعمار المسجد الأقصى على النحو الذي يظهر لنا عليه اليوم، وبناء مسجد قُبّة الصخرة المُشرَّفة، كما تمَّ في العهد الأمويّ بناء المُصلَّى المروانيّ في الجهة الجنوبيّة الشرقيّة من المسجد الأقصى.[2]

وبعد العهد الأمويّ، خضعت القدس، والمسجد الأقصى لحُكم الدولة العبّاسية؛ حيث زار الخليفة العبّاسي أبو جعفر المنصور المدينة في عام 141 هجريّة، و أمر بإصلاح، وترميم المسجد الأقصى بعد الزلزال الذي ضَرَب المنطقة، وتوالَت بعد ذلك عمليّات ترميم المسجد الأقصى في عهد الخلفاء العبّاسيين، مثل: هارون الرشيد، والمأمون العبّاسي.[2]

العهد الفاطميّ والمملوكيّ

بعد العهد العبّاسي خضعت القدس، والمسجد الأقصى للحُكم الفاطميّ، وتمَّ في عام 413 هجريّة تجديد قُبّة الصخرة، حيث شَمِلت عمليّات الترميم، والإصلاح المسجدَ الأقصى، ومرافقَه، وبعد ذلك، سيطر المماليك على القُدس، والمسجد الأقصى، واستمرَّ حُكمهم مدّة ثلاثة قرون حرصوا خلالها على مُحاربة الصليبيّين، وأنقذوا المسجد الأقصى من الغزو المغوليّ في معركة عين جالوت، كما أنّهم جدَّدوا عمارته، ووضعوا نقوشاً بأسماء القادة الذين حافظوا عليه، وحرصوا على حمايته من العدوان على جُدرانه.[3]

العهد الأيّوبي والعُثمانيّ

تولَّى القائد المسلم صلاح الدين الأيّوبي حُكم مدينة القدس، وحرص خلال حُكمه على محاربة الصليبّيين، وتطهير قُبّة الصخرة من الهياكل، والتماثيل التي بُنِيت فيه، كما تمّت إزالة الجدار الصليبيّ الذي كان على محراب المسجد الأقصى، وأعدَّ نور الدين زنكي المنبر الخشبيّ الشهير، ووضعَه في المسجد الأقصى. وبعد ذلك، خضعت المدينة لسيطرة العُثمانيّين الذين منحوا اهتمامهم، وعنايتهم للمسجد الأقصى؛ حيث تمّ إجراء عمليّات توسعة فيه، وإضافة عدد من العمارات الإسلاميّة.[3]

الاحتلال الصهيونيّ

في عام 1948م، تعرّض المسجد الأقصى للاعتداء من قِبل الصهاينة، فأصابوا هيكل المسجد بأضرار جسيمة، ثمّ توالت الاعتداءات بعد ذلك، ومنها ما حدث عام 1967م؛ حيث استباح اليهود حُرمة المسجد الأقصى، وقتلوا المُصلِّين، والأبرياء، وحفروا تحت قواعد المسجد؛ بحجّة البحث عن هيكل سليمان، كما حدث أسوأ اعتداء على المسجد الأقصى في عام 1969م، حيث اشعلَ شابٌّ يهوديّ النار في المسجد، ممّا أدّى إلى حريق ألحقَ أضراراً جسيمة بمعظم أجزاء المسجد الأقصى، ومن الجدير بالذكر أنّ الصهاينة ما زالوا إلى وقتنا الحاليّ يستبيحون حُرمة المسجد، ويعتدون على المُصلِّين فيه.[3]

المراجع

  1. ^ أ ب "ماذا تعرف عن المسجد الأقصى؟"، www.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-1-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب الشيخ عبد الله نجيب سالم، المجد المنيف للقدس الشريف، صفحة 55-63. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت دائرة المعارف العالمية، باحثون عرب، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية )، السعودية: مؤسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 209،210، جزء الثالث والعشرين. بتصرّف.