تاريخ الأنبياء

تاريخ الأنبياء

الأنبياء

يُعتبر الإيمان بالأنبياء ركناً من أركان الإيمان، ومن أنكر نبوّة نبيٍّ من الأنبياء، أو حجد بها، أو كفر نبوتهم جميعاً، فهو ليس من أهل الإيمان، ويمكن القول إنّ كلمة نبيٍّ مشتقّةٌ من النبأ بمعنى الخبر، وهو ما يدلّ على أنّ النبيّ مُخبَرٌ من الله تعالى عن طريق الوحي، ومُخبِرٌ عن الله تعالى، ويُقال إنّ كلمة نبيٍّ مشتقّةٌ من النبوّة، والتي تعني المنطقة المرتفعة من الأرض، وهو ما يدلّ على أنّ النبيّ صاحب مكانةٍ مرتفعةٍ وقدرٍ عظيمٍ، وثمّة فرقٌ بين الأنبياء والرسل؛ فالرسول بُعث بشريعةٍ جديدةٍ لقومٍ كفّارٍ بالله تعالى، بينما بُعث النبيّ؛ ليذكر الناس بشريعة الرسول الذي سبقه.[1]

تاريخ الأنبياء

اصطفى الله تعالى من البشر أنبياءً يوحي إليهم ما فيه خير الدنيا والآخرة، وما فيه خلاص الناس من ظلام الكفر والشرك، وقد ذكر التاريخ لنا بعض الأنبياء الذين اصطفاهم الله تعالى، ومنهم:[2]

  • آدم عليه السّلام: آدم عليه السلام هو أول مخلوقٍ من البشر، حيث خلقه الله تعالى من طينٍ ثم خلق منه زوجته حواء، فهو أبو البشر، وأول نبيٍّ في الوجود، ومن نسله بدأت البشريّة، وقد استخلفه الله تعالى في الأرض، كما قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ ).[3]
  • إدريس وشيث عليهما السّلام: بعد وفاة آدم وقبل بعثة نوحٍ عليهما السّلام، بعث الله تعالى نبيين، هما؛ إدريس، وشيث بن آدم عليهما السّلام.
  • نوح عليه السّلام: سمّي نوحٌ -عليه السّلام- بهذا الاسم؛ بسبب كثرة بكائه، وهو أوّل الرسل ومن أولي العزم، وممّا يدلّ على أهميّة قصة دعوته لقومه؛ ورود سورةٍ كاملةٍ في القرآن الكريم باسمه؛ وهي سورة نوح، وقد دعا قومه لتوحيد الله تعالى: (قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ* أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ)،[4] ولكنّ قومه رفضوا دعوته، وكذّبوه، وسخروا منه، حتى يأس منهم فدعى عليهم، كما قال تعالى: (وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا* إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا)،[5] ثمّ استجاب الله تعالى دعاءه، فأنجاه والمؤمنين في السفينة، وأهلك قومه بالطوفان.
  • هود عليه السّلام: وبعد أن أنجى الله تعالى نوحاً والمؤمنين معه، تكاثرت ذرّيّتهم، وبعد وفاة نوحٍ -عليه السّلام- بأجيالٍ استطاع الشيطان أن يضلّ قومه؛ فنسوا دعوة نوحٍ وعبدوا الأصنام، فأرسل الله تعالى إليهم هوداً عليه السّلام، ومن الأقوام الذين دعاهم قوم عادٍ، الذين كانوا يعيشون في رغدٍ من العيش، فقد كانوا أصحاب حضارةٍ عمرانيّةٍ، وقوةٍ ماديّةٍ عظيمةٍ، وقد أمدّهم الله تعالى من البساتين والزروع، فلمّا دعاهم هودٌ -عليه السّلام- إلى توحيد الله تعالى، وترك عبادة الأصنام، كان ردّهم؛ الشتم، والتكذيب، والاتّهام بخفّة العقل؛ فتبرّأ هودٌ -عليه السّلام- منهم ومن آلهتهم، وأهلكهم الله تعالى بالريح العقيم التي لم تبقي منهم أحداً، إلا هودٌ -عليه السّلام- ومن آمن معه.
  • صالح عليه السّلام: بعث الله تعالى صالحاً -عليه السّلام- إلى قوم ثمود؛ ليدعوهم إلى توحيد الله تعالى، وترك عبادة الأصنام، وممّا كان يميز قوم ثمود؛ القدرات العقليّة المتقدّمة، والحضارة العمرانيّة والزراعيّة الهائلة، فكانوا يسكنون في الصيف بيوتاً في أعالي الجبال، وفي الشتاء بيوتاً نحتوها في الصخر، وبعد أن دعاهم صالحٌ -عليه السّلام- فترةً من الزمن، طلبوا منه معجزة تدلّ على صدقه، فأخذ عليهم موثقاً إن جاءهم بمعجزةٍ أن يؤمنوا بالله وحده، فوافقوا على ذلك، فكانت المعجزة بأن يخرج لهم من الصخرة ناقةً جوفاء عشراء، فأخرج لهم الناقة، فآمن فريقٌ منهم، وكفر فريقٌ آخر، ثمّ حذرهم صالح -عليه السّلام- من أن يمسوا الناقة بسوءٍ، فيأخذهم العذاب، ولكنّهم لم يأخذوا بالنصيحة، فقام تسعةٌ من كبراء ثمود بالتخطيط لقتل صالح -عليه السّلام- والمؤمنين معه، ولكنّ قدّر الله تعالى بأن يقوم أشقاهم بقتل الناقة، فأنزل الله عليهم العذاب؛ بأن أهلكوا بالصيحة.
  • إبراهيم عليه السّلام: أرسله الله تعالى إلى قومه؛ ليدعوهم إلى توحيد الله تعالى وترك عبادة الأصنام، وقد كان قومه الكلدانيون أصحاب حضارةٍ، ويعيشون في ظلّ ملكهم النمرود الذي كان مشهوراً بالظلم والجبروت، وادعاء الألوهيّة، وقد رزق الله تعالى إبراهيم -عليه السّلام- عقلاً سليماً، وقوّةً منطقاً، فكان يناقش قومه ويجادلهم؛ ليبين لهم بطلان ما يعبدونه من الأصنام، ولمّا بلغ إبراهيم -عليه السّلام- أربعين سنةً، وأصبح مستعداً لمواجهة الباطل، قام بتكسير الأصنام كلّها إلا الصنم الكبير، فقد وضع المعول على عاتقه، ولمّا عاد قومه سألوه عن الأمر، ثمّ حاكموه، وحكموا عليه بأن يُحرق في النار، فأنجاه الله تعالى منها، إذ جعل نارهم برداً وسلاماً عليه، ثمّ هاجر إبراهيم -عليه السّلام- إلى مصر، ثمّ إلى الشام ونزل بالقرب من بيت المقدس، وهناك رزقه الله تعالى من زوجته هاجر ولده إسماعيل عليه السّلام، الذي كان من نسله العرب، وجاء منه محمدٌ صلّى الله عليه وسلّم، ورُزق إبراهيمُ بإسحاق -عليهما السّلام- من زوجته سارة؛ ولذلك لُقّب إبراهيم -عليه السّلام- بأبي الأنبياء.
  • لوط عليه السّلام:هو ابن أخ إبراهيم عليه السّلام، وقد كان معاصراً له، وآمن على يديه، ثمّ بعثه الله تعالى إلى أهل سدوم الذين كانوا يعبدون عدداً من الآلهة ويرتكبون الفواحش، ومنها؛ إتيان الذكور بدل الإناث، فدعاهم لوط -عليه السّلام- إلى التوحيد وترك ما هم فيه من الفواحش، ولكنّهم أهملوا دعوته واستمروا في كفرهم، إلى أن حلّت عليه عقوبة الله تعالى، فقلب بهم الأرض، وأنجى لوطاً -عليه السّلام- ومن آمن معه.
  • شعيب عليه السّلام: بعثه الله تعالى بعد لوطٍ -عليه السّلام- بفترةٍ بسيطةٍ إلى قوم مدين الذين كانوا يعيشون في منطقة معان الواقعة بين الشام والحجاز، وقد عاصر إسماعيل وإسحاق أولاد إبراهيم عليهم السّلام، وتميّز شعيب -عليه السّلام- بفصاحة اللسان وقوّة الخطابة، فدعا قومه، كما قال تعالى: (وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)،[6] فكذّبوه وأصروا على كفرهم؛ فأهلكهم الله تعالى.
  • إسحاق عليه السّلام:هو ابن إبراهيم عليه السّلام، وقد بعثه الله تعالى نبياً إلى بني إسرائيل، ومن الجدير بالذكر أنّه من بعد بعثة إبراهيم -عليه السّلام- انحصرت النبوّة في سلالته.
  • يعقوب عليه السّلام:هو ابن اسحاق بن إبراهيم عليهم السّلام.
  • يوسف عليه السّلام:هو ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السّلام.
  • الأنبياء الآخرون: بعد يوسف عليه السّلام، بُعث أيوب عليه السّلام، وبعده ذو الكفل عليه السّلام، وبعده يونس عليه السّلام، وبعده موسى عليه السّلام وأخوه هارون عليه السّلام، وبعدهما إلياس عليه السّلام، ثمّ اليسع عليه السّلام، وثمّ داود عليه السّلام وابنه سليمان عليه السّلام، ثمّ زكريا عليه السّلام وابنه يحيى عليه السّلام، ثمّ عيسى عليه السّلام.

خاتم الأنبياء والمرسلين

كرّم الله تعالى محمداً -صلّى الله عليه وسلّم- بأن جعله خاتم الأنبياء والمرسلين، كما قال تعالى: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)،[7] وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ مَثَلي ومَثَلَ الأنبياءِ من قبلي، كمَثَلِ رجلٍ بنى بيتًا، فأحسَنه وأجمَله إلَّا موضِعَ لبِنةٍ من زاويةٍ، فجعَل النَّاسُ يطوفونَ به، ويعجَبونَ له ويقولون: هلَّا وُضِعَت هذه اللَّبِنةُ؟ قال: فأنا اللَّبِنةُ، وأنا خاتمُ النَّبيِّينَ)،[8] فهذه أدلّةٌ على أنّ محمداً -صلّى الله عليه وسلّم- كان آخر الأنبياء والمرسلين، فلا نبي بعده ولا رسول، ونزول عيسى -عليه السّلام- في آخر الزمان، لا يعارض ذلك؛ لأنّه لن يأتي بشريعةٍ جديدةٍ، وإنّما سيعمل بشريعة محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم.[9]

المراجع

  1. ↑ "الإيمان بالأنبياء والرسل عليهم السلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-9-2018. بتصرّف.
  2. ↑ أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 39-158. بتصرّف.
  3. ↑ سورة البقرة، آية: 30.
  4. ↑ سورة نوح، آية: 2-3.
  5. ↑ سورة نوح، آية: 26-27.
  6. ↑ سورة العنكبوت، آية: 36.
  7. ↑ سورة الأحزاب، آية: 40.
  8. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3535 ، صحيح.
  9. ↑ "خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-9-2018. بتصرّف.