كيف أشجع ابني على حفظ القران

كيف أشجع ابني على حفظ القران

أهمية حفظ القرآن الكريم

تعدُّ إجادة المسلم لقراءة القرآن الكريم وترتيله أساس في حفظه، وإنّ إقبال المسلمين على حفظ آيات القرآن وتمسّكهم بها جزء من وعد الله -تعالى- بحفظ كتابه إلى يوم القيامة، حيث قال تعالى:(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)،[1] كما إنّ حفظ كتاب الله يعين المسلم العامل في ميدان الدعوة إلى الله على دعوته؛ فكلّما أراد أنْ يتحدّث إلى أحدٍ أو يناقشه في قضية تتعلّق بالإسلام استرسل في ذكر الآيات الكريمة والاستشهاد بما في القرآن من أدلّةٍ على ما يتحدّث عنه، وكلما زاد حفظُ المسلم واتقانه لآيات القرآن كلما كان استرجاعه للأدلة أسهل وأسرع، وقد في ورد في بعض أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- التّحذير من سرعة تفلّت القرآن من ذاكرة الإنسان، والنّهي عن نسيان شيءٍ منه، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (ما منْ امرئٍ يقرأُ القرآنَ ثمَّ ينساهُ إلَّا لقيَ اللهَ يومَ القيامةِ أجذمَ).[2]، وقد قال المناوي في سبب ذلك أنّ فيه انشغال عن القرآن بلهو الحديث وفضوله، وفيه استخفاف بكلام الله -عزّ وجلّ- وتهاون فيه.[3]

ومن يُطالع سِير علماء الإسلام وأئمته السابقين واللاحقين يلحظُ أنّ أوّل ما كانوا يبدأون به من أبواب العلم هو تعلُّم القرآن الكريم والتمكّن من حفظه، لأنّه أساسُ غيره من العلوم، ومنه تُستمد الأحكام والأدلة الشرعية، وعليه تُبنى أسس الشريعة الإسلامية، وقد ذكر الإمام النووي -رحمه الله- أنّ السّلف كانوا لا يعلِّمون طالب العلم الفقه والحديث إلا إذا أتقن حفظ القرآن أولاً، ومن الحقائق المتعلقة بحفظ القرآن أنّ حفظه أمرٌ يسيرٌ وسهل، وذلك لما امتاز به من سهولة الألفاظ وسلاسة الأسلوب، بدليل قول الله -تعالى- فيه: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ)،[4] وإنّما يكون صعباً على بعض الناس لتشاغلهم عنه، ولوضعهم بعض الأعذار التي يمكن أن يجدوا لها حلاً.[5]

تشجيع الأبناء على حفظ القرآن الكريم

لا شكّ أنّ الأبناء يحتاجون إلى توجيه وإرشاد من والديهم حتى يقبلوا على حفظ القرآن الكريم، ولذا فمن المهمِّ أنْ يكونوا في مقام القدوة لأبنائهم في ذلك، فيرونهم وهم يرتّلون آيات القرآن، ويهتمّون به، ويقبلون على حفظ آياته وتدبّرها، ثمّ إنّ الأسلوب الأمثل والعامل الأوّل الذي يعين على تشجيعهم حفظَ القرآن هو عامل الترغيب والتحبيب، ويكون ذلك بعد التوجّه إلى الله -سبحانه- بالدعاء والرّجاء أنْ يشرح صدورهم ويهديهم إلى هذا الطريق القويم.[6]

ولتشجيع الأبناء على حفظ القرآن الكريم لا بدّ للوالدين أنْ يستخدموا بعض الوسائل والأساليب، نذكر منها ما يأتي:[6]

  • اجتهاد الأم في سماع القرآن الكريم وتلاوته أثناء الحمل، فقد ذكر العديد من العلماء المختصّين أنّ الجنين في بطن أمه يتأثر بحالها من فرح أو غضب، ويتأثر أيضاً بما تستمع إليه أو تقرأه بصوت عالٍ، فلا ريب إذاً أنْ يكون تأثر الجنين بسماع القرآن الكريم آكد وأجدر، وهذا ما أكّده بعض العلماء المعاصرين من أنّ الأم التي تكثر من سماع القرآن الكريم وهي حاملٌ تلد طفلاً متعلقاً بالقرآن.
  • حرص الأم على سماع القرآن الكريم وتلاوته أثناء فترة الرضاعة، فحاسّة السّمع عند الطفل تبدأ باستقبال الكلمات في تلك المرحلة، وهو يخزن كل ما يسمع ليستخدمه لاحقاً، مما يجعل حفظ القرآن الكريم أسهل وأيسر عليه إنْ كان ما خزَن في ذاكرته مفردات وآيات القرآن بسماعه لأمّه أثناء إرضاعه.
  • إظهار الاهتمام بالقرآن الكريم وتلاوته أمام الأطفال؛ فهذا يجعلهم يُحاكون تصرفات والديهم، ويحرصون على متابعتهم فيها، مما يجعلهم أكثرُ إقبالاً على حفظه فيما بعد.
  • إهداء الطّفل مصحفاً خاصاً به، فالإنسان بطبعه يحبّ التملّك ويحرص عليه، فإذا ما وظّف الوالدان هذه الغريزة في تعليق قلبه بالقرآن كان لذلك أثر عظيم في إقباله على الحفظ بعدها.
  • الاحتفال بإنجازات الابناء المتعلقة بالقرآن، كختمهم له قراءة مثلاً، أو حفظهم لجزء معين منه أو ما إلى ذلك، وهكذا يصير القرآن بالنسبة للطّفل سبباً في حصول الفرح له، فيُقبل عليه حفظاً وقراءةً بشغفٍ واستمتاعٍ دون حاجةٍ للأمر أوالتعنيف.
  • إخبار الطّفل بقصص القرآن، وسردها عليه، فالطّفل يحبّ محادثة أبويه، والاستماع لهما وهما يرويان له بعض القصص، فإنْ عملا على قصّ قصص القرآن عليه مقرونةً بقراءة الآيات الواردة في القصة على مسامعه كان لذلك الأثر الكبير في حبّه للقرآن، وشعوره بالانسجام معه، والرّغبة في حفظه وتعلّمه.
  • عقد مسابقات تحفيزية في المنزل لحفظ القرآن، قد تكون للأبناء فيما بينهم، أو بين أبناء الحي والأقارب والأصدقاء والجيران حتى يتحمّس الطّفل لحفظ القرآن.
  • ربط القرآن الكريم بما يتعلّمه الطّفل في دراسته، كأنْ يتعلّم القراءة والكتابة من آيات القرآن الكريم.
  • توجيه الطّفل للبحث عن كلمات معينة في القرآن الكريم، فهذا من شأنه أنْ يشدّه لحفظ السّور ويُظهر حرصه بالعثور على الكلمات بشكل سريع، كسؤاله عن كلمة (الضّالين) في أيّ سورة وردت، أو البسملة في أيّ السور ذُكرت، وهكذا.
  • مشاركة الأبناء في حضور برامج مسابقات القرآن الكريم المعدّة للأطفال، وذلك حتى يروا أطفالاً في مثل جيلهم يحفظون القرآن ويرتلونه ويتسابقون في ذلك.
  • دفع الأبناء وتشجيعهم على المشاركة في المسابقات القرآنية أينما أقيمت.
  • إقامة مجلس أسبوعي للقرآن الكريم في البيت، ويحمل هذا المجلس كلّ معاني الإجلال والتعظيم والخشوع للقرآن الكريم، حتى يكون منطلقاً وحافزاً للأبناء على تعاهده والحرص على حفظه.

ثمرات حفظ القرآن الكريم

لحفظ القرآن الكريم ثمراتٌ جليلةٌ تعود على حافظه بميزاتٍ عديدةٍ في الدنيا والآخرة، نذكر منها ما يأتي:[7]

  • يقدّم حافظ القرآن الكريم للإمامة في الصلاة على غيره ممّن لا يحفظونه.
  • يقدّم على غيره أيضاً في ما يتعلّق بالإمارة أو القيادة إنْ كان ممّن يستطيعونها.
  • منزلة حافظ القرآن الكريم في الجنة تعظُم وترتفع بزيادة حفظه.
  • يكون حافظ القرآن رفيقاً للملائكة في منازلهم.
  • يُكسى يوم القيامة بتاج وحلّة الكرامة.
  • يشفع القرآن لحافظه عند الله -تعالى- يوم القيامة.

المراجع

  1. ↑ سورة الحجر، آية: 9.
  2. ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن سعد بن عبادة، الصفحة أو الرقم: 7986، حسن.
  3. ↑ د. وصفي عاشور أبو زيد (2016-4-6)، "حفظ القرآن الكريم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-10. بتصرّف.
  4. ↑ سورة القمر، آية: 17.
  5. ↑ عامر بن عيسى اللهو، "حفظ القرآن الكريم أهميته ومعواقاته"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-10. بتصرّف.
  6. ^ أ ب د. المصطفى إيدوز (2012-6-6)، "كيف أساعد أطفالي على حفظ القرآن الكريم؟"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-10. بتصرّف.
  7. ↑ "مزايا حافظ القرآن في الدنيا والآخرة"، www.islamqa.info، 2002-3-6، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-10. بتصرّف.