كيف أعرف صلاة الاستخارة

كيف أعرف صلاة الاستخارة

الحِكمة من صلاة الاستخارة

لا أحد يعلم الغيب إلّا الله تعالى، وقد يطرأ على المسلم بعض المواقف التي يحتاج فيها إلى اتّخاذ القرار الأصوب، كالزّواج أو السّفر أو الدّخول في مشروعٍ ما، وعلم الإنسان محدود فلا يستطيع أن يقدّر مآلات وعواقب الأمور التي يُقبل عليها، فشرع الله -تعالى- للعبد الاستخارة والدّعاء بسؤال الله -تعالى- أن يبصّره بما فيه الصّلاح لأمر دينه ودنياه، وجاءت مشروعيّة صلاة الاستخارة التي تعدّ سنّة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث كان يعلّمها لأصحابه -رضي الله عنهم- ويُوصيهم أن يأتوها في كلّ صغيرة وكبيرة من أمور حياتهم؛ حيث قال الصحابيّ جابر -رضي الله عنه- في حديثٍ صحيحٍ أنّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- كان يعلّمهم دعاء الاستخارة كما يعلّمهم سور القرآن الكريم؛ ممّا يدلّ على شدّة أهمّيتها وحاجة الإنسان الدائمة لها كآيات القرآن الكريم، فإذا توجّه الإنسان لله -تعالى- بسؤاله عن الخير في أمرٍ ما؛ فلا شكّ بأنّ الله -تعالى- سيوجّهه إلى طريق الخير ليسلكه دون ندم عليه أو خسران.[1]

كيفيّة صلاة الاستخارة

الاستخارة في اللغة هي طلب الخير وانتقاؤه واصطفاؤه،[2] أمّا الاستخارة اصطلاحاً فهي أن يتوجّه المسلم لربّه -عز وجلّ- ليختار له الخير في أمر دينه ودنياه،[3] وورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كيفيّة صلاة الاستخارة؛ وتكون بأن يصلّي الإنسان ركعتين من غير الفرض ولا حرج أن تكون نافلة أو من السّنن الرّاتبة، ثمّ يدعو المسّلم دعاء الاستخارة بقول: (اللهمّ إنّي أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسالك من فضلك العظيم، فإنّك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علّام الغيوب، اللهمّ إن كنت تعلم أنّ هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وأجله، فاقدره لي ويسّره لي ثمّ بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أنّ هذا الأمر شرّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثمّ رضّني به)،[4] ثمّ يسمّي المسلم حاجته إذا كانت سفراً أو عملاً أو زواجاً أو غير ذلك من الحاجات.[5]

وتُصلّى ركعتي الاستخارة في أيّ وقتٍ شاءه المسلم إلّا في الأوقات التي يُكره فيها الصّلاة؛ وهي بعد الفجر إلى طلوع الشّمس، وقبيل صلاة الظهر بربع ساعة تقريباً، وبعد العصر إلى المغرب، إلّا أن يطرأ طارئ فلا يستطيع المسّلم أن يؤجّل فيه الاستخارة، فإنّه يصلّي ركعتي الاستخارة ثمّ يدعو بالدّعاء الوارد، ويجوز كذلك أن يدعو المسلم الدّعاء بعد نهاية التشهّد والصلاة الإبراهيميّة وقُبيل التسليم من الصّلاة، ولا تكون صلاة الاستخارة في الأمور الواجبة والمندوبة؛ لأنّ المسلم مأمور بإتيانها دون أن يستخير في ذلك، ولا تجوز الاستخارة في الأمور المحرّمة والمكروهة؛ لأنّ المحرّم لا يُؤتى ولا يحتاج للاستخارة فيه.[5]

وقت الاستخارة

يجب على مَن توجّه إلى الله -تعالى- بالاستخارة وطلب التّوجيه أن يكون خالي الذّهن من أيّ رأي، فلا يميلُ لفعل شيء أو تركه، وإنّما يجب عليه أن يطلب التوجيه من الله -تعالى- ثمّ ينتظر ما ينشرح له صدره، أو ما يتيسّر له من الأمور، ويجب على الإنسان ألّأ يعتقد بأنّه إذا استخار الله -تعالى- فإنّه يجب أن يرى رؤيا في نومه ترشده إلى الصّواب؛ وإنّما ينتظر تيسيير الأمور وبذلك يكون الله -تعالى- وجّهه للخير، وكذلك يستحبّ للمسلم أن يستشير أهل الفكر والخبرة في الأمر قبل أن يستخير، فالله -تعالى- أوصى نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- بالمشورة لأنّها تأتي بالخير على الإنسان، حيث قال الله تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)،[6] فإذا اطمأنّ الإنسان إلى رأي من استشارهم فإنّه يستخير الله -تعالى- بعد ذلك.[7][1]

أمور يجب مراعاتها في الاستخارة

هناك عدّة أمور يجب مراعاتها والانتباه لها لِمن أراد أن يستخير الله تعالى، وبيان بعضها فيما يأتي:[8]

  • يجوز لِمن أراد أن يصلّي صلاة الضحى أو قيام الليل أو ما سواهما من السّنن والرواتب أن ينوي ركعتين من صلاته بنيّة الاستخارة، ولكنّ يجب عليه أن ينوي الاستخارة قبل الدخول في الصّلاة، فلا تجوز النيّة أثناء الصّلاة.
  • إذا مُنعت المرأة من الصّلاة بسبب الحيض؛ فإنّها تؤجّل استخارتها إلى بعد طُهرها، ولكن إذا لم يكن متّسع في الوقت فإنّها تدعو دعاء الاستخارة دون صلاة.
  • يجوز أن يدعو المسلم دعاء الاستخارة قبل التسّليم من الركعتين، ويجوز أن يؤخّره بعد التسليم والانتهاء من الصّلاة.
  • إذا لم يتم بيان الأمر الأصلح للمسلم من أمره بعد صلاة الاستخارة فيجوز له أن يكرّر الصلاة والدّعاء.
  • لا يستحبّ أن يستخير أحد لأحد؛ وإنّما يجب على صاحب الشّان أن يصلّي صلاة الاستخارة ويدعو لنفسه بصلاح حاله.
  • إذا اجتمع للمسلم أكثر من أمر يريد أن يستخير فيها فالأفضل أن يستخير لكلّ أمر على حدة وألّا يجمع كلّ أموره في صلاة واحدة ودعاء واحد.
  • إذا استخار المسلم ربّه -عزّ وجلّ- فلا يجوز له أن يُغلّب هواه.
  • يجوز للمسلم أن يستخير الله -تعالى- في سائر الشؤون والأمور مهما كانت صغيرة أو كبيرة.
  • إذا لم يكن المسلم الذي يريد أن يستخير حافظاً لدعاء الاستخارة فيجوز له أن يقرأه من ورقة، ويستحبّ حفظه.

المراجع

  1. ^ أ ب "سنة الاستخارة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-28. بتصرّف.
  2. ↑ "معنى كلمة استخار"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-28. بتصرّف.
  3. ↑ "كيفية أداء صلاة الاستخارة"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-28. بتصرّف.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 6382، صحيح.
  5. ^ أ ب "صلاة الاستخارة كيفيتها ووقتها ومحل الدعاء منها"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-28. بتصرّف.
  6. ↑ سورة آل عمران، آية: 159.
  7. ↑ "صلاة الاستخارة"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-28. بتصرّف.
  8. ↑ "صلاة الاستخارة؛ حكمها وكيفية صلاتها وتنبيهات وأمور هامّة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-28. بتصرّف.