كيف أنظم وقتي اليومي

كيف أنظم وقتي اليومي
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

تنظيم الوقت

أصبح تنظيم الوقت وإدارته من أهمّ الموضوعات التي يتناولها الكثيرون في دراستهم وكُتُبهم، ومن أهمّ ما يتم بحثه وتقصّيه في اجتماعاتهم، ولعلّ السبب في ذلك يعود إلى ما لمسوه وتوصّلوا إليه حول أهميّة الوقت وإدارته، وكيفية تنظيمه واستغلاله مع الأنشطة العديدة التي يؤديها الفرد في حياته يوميّاً، وكيف أنّ درجة اهتمام الإنسان بالوقت تنعكس إيجاباً على حياة الفرد، ونجاحه، وإنجاز الأعمال الكثيرة التي تقع على عاتقه، لذلك كان من المهمّ ذكر كيفيّة تنظيم الوقت اليوميّ للفرد، والآليّة التي توصله إلى ذلك الأمر.

كيفيّة تنظيم الوقت

تنظيم الوقت من المهارات المفيدة التي يجب على الفرد إتقانها؛ فمن يستطيع أن يُنظّم وقته يكون فعّالاً، ويجد النتائج مُرضيةً وواضحة بعد ذلك، مثل: تحقيق الأهداف المرجوّة بطريقةٍ أفضل وأسرع، وتنظيم الوقت لا يعني عدم راحة الإنسان، وانغماسه في العمل ليلاً ونهاراً، إنّما يعني سيطرته على المؤثرات الخارجية والظروف المحيطة به، بدلاً من سيطرتها عليه.[1]

ويمكن تنظيم الوقت بنجاحٍ إذا اتّبع الفرد النصائح الآتية:[2]

  • عمل سجلّ يوميّ يستمر لمدّة أسبوع، يبيّن فيه الفرد تفاصيل الأعمال التي يقوم بها، ويذكر أيضاً ما تمّ القيام به، وكم استغرق من الوقت لإنجازه، وكذلك كتابة الأمور التي يراها الشخص صغيرةً وبسيطةً، ويكون فيها ضياع الوقت.
  • تصميم جدول مُفصّل؛ يشرح فيه الفرد الأعمال، وتقسيم الوقت لكلّ عمل، فيذكر العمل والساعات أو الدقائق المستغرقة في ذلك العمل، ويذكر مقدار الوقت الذي تمّ هدره لكلّ عمل.
  • تحليل الفرد الجدول الذي وضعه، والبحث عن العوامل التي أدّت إلى ضياع الوقت، ومحاولة البُعد عنها وإزالتها، والبحث عن فرصٍ وطرقٍ جديدة يقوم بها لتنظيم الوقت بشكلٍ أفضل.
  • تنظيم الأعمال والأنشطة الواجب على الفرد القيام بها أثناء يومه ذاك، وترتيبها ذهنياً حسب الأولويّات، وحسب درجة الأهمية؛ فالأفضل أن يبدأ الفرد أعماله بالأمور التي لا تنتظر، والتي تكون على درجةٍ عاليةٍ من الأهميّة.
  • الاهتمام بقضيّة تنظيم الوقت بشكلٍ جدّي، وإدارتهِ إدارةً سليمة، وعدم التعذّر بالانشغال، أو عدم التفرغ، أو عدم وجود وقتٍ للتنظيم؛ فالوقت والأعمال كالأرض، فمن يريد زراعتها عليه أن يُجهّزها أولاً، ويُجهّز الأدوات قبل القيام بعملية الزراعة، وكذلك حياة الفرد العمليّة يجب أن يُعدّ لها الفرد، ويُخطّط للكيفيّة التي يقضي فيها ساعات يومهِ.
  • الحرص على تنظيم كافّة أعمال الفرد اليوميّة؛ فالأعمال مهما صغُرت فإنّها تحتاج منه إلى التنظيم، وإن لم يُنظّمها الفرد كانت سبباً في ضياع الوقت وهدره، وأمّا مقولة: أنا لا أحتاج تنظيماً لوقتي في الأمور كلّها، وأنّ التنظيم مقتصر على المشاريع الكبيرة فقط، فهذه مقولةٌ خاطئةٌ، وتحتاج إلى إعادة نظر فيها، فمن خلال الإحصائيات العديدة تبيّن أنّ الأمور الصغيرة تهدر من الوقت ساعاتٍ عديدةً سنويّاً.
  • تحدّي الإنسان نفسه، وعدم التأثر بالبيئة المحيطة إن كانت مثبطةً ومعوقةً له في تنظيم وقته، وعدم التأثر بالآخرين أو السماح لهم بالتدخّل في حياة الفرد الخاصّة، وفي برنامج أعماله؛ فأوقاته ملك له وحده، ولذلك يجب أن يكون هو المسيطر الأول والأخير على وقته؛ وإن حدث ووجد الإنسان تدخّلاً من الآخرين، فعليه أن يعتذر لهم بلباقةٍ وحزم، فمن لم يُخطّط لنفسه ويُنظّم وقته ويُنجز ما لديه من أعمال، فسيفعل ذلك الآخرون، ويجعلونه أداةً لإنجاز أعمالهم.

أقسام الوقت

يُقسَم الوقت في حياة الإنسان إلى قسمين: وقت عمل، ووقت فراغ، ويُقسَم وقت العمل أيضاً إلى قسمين: وقت إنتاج فعليّ، ووقت ضائع، فوقت الإنتاج هو ما يتمّ فيه إنجاز ما لدى الفرد من أعمالٍ ومهامّ في حياتهِ العمليّة، وأمّا وقته الضائع فهو الوقت الذي لم يستطع الإنسان استغلاله في إنجاز ما عليه من أعمال.

أما وقت الفراغ فيمكن تقسيمه إلى قسمين: وقت شخصيّ؛ وهو الوقت الذي يحتاجه الإنسان للعناية بالأمور الضرورية للحياة، مثل: الأكل، والنوم، والعناية بصحّتهِ، وأما القسم الثاني من وقت الفراغ فهو وقت الاسترخاء، وهو الوقت غير المُستغَلّ في عملٍ إنتاجيٍّ ذي قيمة تُذكَر، وهو كالوقت الذي يُقضى بين نشاطٍ قام به الفرد وعملٍ آخر، فيُلاحَظ أنّ وقت الإنسان قد يضيع ويُهدر في أوقاتِ العمل وفي أوقات الفراغ أيضاً، إذا لم يُحسن تنظيم وقتهِ وبرمجته بصورةٍ صحيحةٍ.[3]

أهميّة الوقت في حياة المسلم

لقد غفل الكثير من المسلمين عن إدراك أهميّة الوقت وقيمته، وأصبحت الأعمال لديهم لا تُنجَز في أوقاتها؛ فهم لم يدركوا أنّ الوقت أغلى وأثمن ما وهب الله سبحانه وتعالى من نِعَم للإنسان، فهو عند من يقدّره رأس مالٍ وربحٌ عظيم، فلا يمكن لعاقلٍ مُدرِكٍ أن يضيّعه سُدىً، والوقت من النِّعَم العظيمة التي امتنّ الله سبحانه بها على عباده المسلمين، وهذه النعمة ذكرها سبحانه في مواضع عديدةٍ في القرآن الكريم؛ حيث قال في سورة النحل: (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)،[4] ففي هذه الآية الكريمة يبيّن الله أنّ في النِّعم التي ذكرها آياتٍ ذات أهميّة بالغة عند من يعلم ويتدبّر خلق الله تعالى.[5]

ويُعدّ الوقت من أندر موارد الإنسان في حياته؛ ذلك أنّ الساعة التي تمرّ لا يأتي غيرها أبداً، وما انقضى وفات لا يمكن تعويضه؛ فهو ليس من الأشياء التي يمكن توفيرها، أو ادّخارها، أو حتّى شراؤها بالأموال الطائلة، بل هو ما يعطي لحياة الإنسان قيمةً ومعنىً؛ ولذلك فالإنسان مُستأمَنٌ على عمرهِ، والرصيد الحقيقي له هو ما تبقّى لديه من أيام من حياته القادمة؛ فهو مسؤول عن هذا الوقت الذي عاشه يوم القيامة، وعن الأيام التي أهدرها دون استغلالها واستثمارها في العمل المفيد، فقد ورد عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لا تزول قدما عبدٍ حتى يُسألَ عن عمُرهِ فيما أفناهُ، وعن علمِه فيما فعل، وعن مالِه من أين اكتسَبه وفيما أنفقَه، وعن جسمِه فيما أبلاهُ)،[6] وقد قال الحسن البصري في أهميّة الوقت: (ما من يومٍ ينشقُّ فجْره إلا وينادي: يا ابن آدم، أنا يوم جديد وعلى عملِك شهيد، فاغتنمني وتزوَّد منِّي، فأنا لا أعود إلى يوم القيامة).[7]

ورغم أنّ الوقت هو أثمن ما لدى الإنسان في هذه الحياة، إلا أنّه يتفنّن في تضييعه وهدرهِ دون استغلال، ناسياً أنّه بتفريطه بالوقت قد قتل نفسه؛ فالوقت هو الحياة التي يحيا بها الإنسان ويسعد، ويبقى الإنسان يردّد ما يسمعه من الآخرين: ليس لديّ الوقت الكافي لإنجاز أعمالي الكثيرة، أو لا أجد متّسعاً من الوقت للنجاح والتميّز، أو أن يقول: 24 ساعة في اليوم لا تكفي لإنجاز المهامّ التي لديَّ، والصحيح أنّه لو نظّم وقته بشكلٍ صحيح، لعلِم أنّ بإمكانه تحقيق ما يُريد من أعمال.[8]

المراجع

  1. ↑ أحمد محمود أبو زيد (7 - 12 - 2008م)، تنظيم الوقت "إدارة واستثمار الوقت"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6 - 12 - 2017م. بتصرّف.
  2. ↑ إبراهيم الفقي (2009م)، إدارة الوقت (الطبعة الأولى)، القاهرة: الإبداع، صفحة: 57-60، جزء: 1. بتصرّف.
  3. ↑ عبد الكريم بكار (2000م)، عصرنا والعيش في زمانه الصعب (الطبعة الأولى)، دمشق: دار القلم، صفحة 103 - 104، جزء 1. بتصرّف.
  4. ↑ سورة النحل، آية: 12.
  5. ↑ عبد الفتاح أبو غدة، قيمة الزمن عند العلماء (الطبعة العاشرة)، صفحة 11، 17-18، جزء: 1، بتصرّف.
  6. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبو برزة الأسلمي، الصفحة أو الرقم: 2417، خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح .
  7. ↑ أحمد محمود أبو زيد (7 - 12 - 2008م)، تنظيم الوقت "إدارة واستثمار الوقت"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6 - 12 - 2017م. بتصرّف.
  8. ↑ إبراهيم الفقي (2009م)، إدارة الوقت (الطبعة الأولى)، القاهرة: الإبداع، صفحة: 25، جزء: 1. بتصرّف.