كيف نصلي صلاة الحاجة

كيف نصلي صلاة الحاجة
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

صلاة الحاجة

يلجأ المسلم لصلاة الحاجة باعتبارها أفضل وسيلة يتصل فيها العبد بربّه سبحانه عزَّ وجلّ؛ فهذه الصلاة خاصة بطلب حاجةٍ أو قضاء أمرٍ ما من الله سبحانه، وهذا يعني أنّ الهدف المراد منها هو الطلب والتوسّل في قضاء شيء ما يتمنّاه المسلم من ربّه، وقد تعهَّد الله عزّ وجلَّ بأن يستجيب دعوة كل من لجأ إليه ودعاه وطلب منه العون والتوفيق وأوكل أمره إليه واستعان به، قال الله عزَّ وجلّ: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[1] وقد شرع الله عزَّ وجل صلاة الحاجة ليهرع إليها العبد وقت الشدّة.

تعريف صلاة الحاجة

الصلاة في اللغة: الدعاء، وقيل: التعظيم [2] وفي اصطلاح الفقهاء هي: أقوالٌ وأفعالٌ مفتتحةٌ بالتكبير، مختتمةٌ بالتسليم، بشرائط مخصوصة.[3] أما صلاة الحاجة: فهي صلاةٌ مخصوصةٌ تُصلَّى بقصد قضاء الحاجة وتفريج الهموم.[4]

صلاة الحاجة في السنَّة النبوية

ذكرت السنة النبوية عدداً من الأحاديث التي تشير إلى مشروعيّة صلاة الحاجة، ومنها عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: ( كانَ رسولُ الله صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ إذا حزبَهُ أمرٌ صلَّى ) حزبه أي نابه وألمّ به واشتد عليه[5]

كيفيّة أداء صلاة الحاجة

ذكرت السنة النبويّة عدداً من النُصوصٍ التي توضّح كيفيّة صلاة الحاجة، والناظر في تلك النصوص يجد أن صلاة الحاجة لها ثلاث هيئات:

  • الهيئة الأولى: أن يُصلي ركعتين يُحسن فيهما القراءة والقيام ويقرأ فيها بآية الكرسي ثلاث مرات وقيل سبعاً، وفي الثانية يقرأ الفاتحة وسورة الإخلاص، فإن انتهى من الصلاة دعا بالدعاء الوارد في الحديث وهو أن يقول: (اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ وأتوجَّهُ إليكَ بنبيِّكَ محمدٍ صَلَّى الله عليْهِ وعلى آلهِ وسلَّمَ نبيِّ الرحمةِ، يا محمدُ إنِّي أتوجَّهُ بكَ إلى ربِّي في حاجَتي هذه فتَقضى، وتُشفعُني فيه وتشفعُهُ فيَّ).
  • الهيئة الثانية: يُصلّي أربع ركعات يقرأ في الركعة الأولى آية الكرسي ثلاث مرات، ويقرأ في الركعة الثانية سورة الإخلاص والفلق والناس، ويكرّر قراءة السور التي قرأها في الركعة الثانية في أدائه للركعتين الثالثة والرابعة.
  • الهيئة الثالثة: أن يصلي اثنتي عشرة ركعة بسلامٍ واحد يقرأ في الأولى آية الكرسي وبباقي الركعات سورة الإخلاص ثم يدعو بما مرّ.[7] تجدر الإشارة إلى أنه يصح لمن أراد أن يدعو بدعاء الحاجة دون صلاة أن يقوم بذلك، ويُقبل منه، إلا أن الصلاة أفضل.

وقت صلاة الحاجة

ليس لصلاة الحاجة وقتٌ محدد، فيجوز أن يُؤدّيها المسلم في أي وقتٍ من الأوقات نهاراً أو ليلاً، فإن أراد أن يطلب من الله العون؛ أو إن أصابه شيء أهمَّه أو أصابه غمٌّ أو مرض، سُنَّ له أن يلتجأ إلى الله سبحانه بصلاة الحاجة ليسأل الله حاجته ويدعوه ليكشف ما أصابه من ضرر، إلا أنَّ ذلك محصورٌ بالأوقات التي تُباح فيها الصلاة، ويجب أن يبتعد عن الأوقات التي تكون فيها الصَّلاة مكروهةً، فإن صلاة النافلة تُكره في ثلاثة أوقاتٍ هي: ما بعد أداء صلاة الفجر حتى طلوع الشّمس وارتفاعها بقدر رُمح، أي من وقت الانتهاء من صلاة الفجر إلى وقت صلاة الضّحى، والوقت الثاني هو: وقت توسُّط الشّمس في السّماء ويُسمّى وقت الزّوال وتستمر الكراهة حتى صلاة الظّهر، ويكون الوقت الثالث بعد الانتهاء من صلاة العصر إلى غروب الشمس، أي من صلاة العصر إلى صلاة المغرب، أما في غير تلك الأوقات فلا كراهة في صلاة الحاجة فيها.[8]

أفضل مكان لأداء صلاة الحاجة

يجوز للمسلم أن يصلي صلاة الحاجة في المسجد أو في بيته، وأداؤه لها في بيته أفضل من أن يؤديها في المسجد،[9] فقد رُوي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما زال بكم صَنيعُكم حتى ظَنَنتُ أنه سيُكتَبُ عليكم، فعليكم بالصلاةِ في بُيوتِكم، فإنَّ خيرَ صلاةِ المَرءِ في بيتِه إلا الصلاةَ المكتوبةَ)[10] وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا في بيوتِكم من صلاتِكم، ولا تتَّخِذوها قبوراً)،[11] فهذا الحديث يُشير إلى أنّ صلاة الحاجة والتي هي من الصلوات المسنونة أن تُصلى في البيت لا في المسجد، فإن صلاها في المسجد قُبِلَت منه.

الأمور الواجب مراعاتها في صلاة الحاجة

عندما يقف المسلم لأداء صلاة الحاجة فإنّه يقف بين يدي الله عزَّ وجل، فيجب عليه أن يُحسّن أداءه لها، فإن ذلك أحرى بإجابة الدعاء وقَبول الصلاة وذهاب الهم والغم عنه، ومن الأمور الواجب مراعتها إذا أراد تأدية صلاة الحاجة ما يلي:[7]

  • أن يستقبل القبلة عندما يبدأ بالدُّعاء.
  • أن يُحسِن الوضوء للصلاة، ويُسبغه، ومن الأفضل أن يؤدّي فيه السنن والفرائض والآداب.
  • أن يفتتح الدعاء بحمد الله والصّلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ويختم دعاءه بهما.
  • أن ينام على طهارةٍ .
  • أن يُسلِّم أمره لله عزَّ وجل؛ فيتوكّل عليه، ويُحسن الظنَّ به، وإنْ ما من خيرٍ أو شرٍ يأتيه إلا بعلم الله وإرادته.

المراجع

  1. ↑ سورة البقرة، آية: 186.
  2. ↑ جمال الدين، محمد طاهر بن علي الصديقي الهندي الفَتَّنِي الكجراتي (1968)، مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار (الطبعة الثالثة)، الهند: مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، صفحة 344، جزء 3.
  3. ↑ عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 160، جزء 1.
  4. ↑ محمد عميم الإحسان المجددي البركتي (2003)، التعريفات الفقهية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 130. بتصرّف.
  5. ↑ رواه أحمد شاكر، في عمدة التفسير، عن حذيفه بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 110/1، صحيح.
  6. ↑ رواه الوادعي، في الشفاعة، عن عثمان بن حنيف، الصفحة أو الرقم: 187، صحيح.
  7. ^ أ ب زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتاب الإسلامي، صفحة 56، جزء 2. بتصرّف.
  8. ↑ سليمان بن محمد بن عمر البُجَيْرَمِيّ (1995)، حاشية البجيرمي على الخطيب، بيروت: دار الفكر، صفحة 428، جزء 1. بتصرّف.
  9. ↑ عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار (1425)، الصلاة وصف مفصل للصلاة بمقدماتها مقرونة بالدليل من الكتاب والسنة، وبيان لأحكامها وآدابها وشروطها وسننها من التكبير حتى التسليم (الطبعة العاشرة)، بيروت: دار الوطن، صفحة 330. بتصرّف.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم: 6113.
  11. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر ، الصفحة أو الرقم: 1187.