ما أهمية الهجرة بالنسبة للمسلمين

ما أهمية الهجرة بالنسبة للمسلمين
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

أهميّة الهجرة النبويّة

مرّ الرّسول صلى الله عليه وسلم -خلال مراحل تأسيس الدّولة الإسلاميّة وفيما بعدها بعد انتشار رقعتها- بالعديد من المواقف والأحداث الّتي عملت على تغيير مجرى الإسلام، إلّا أنّ الهجرة النبوية تعتبر الحدث الأكبر الّذي أسهم بشكلٍ كبير في قيام الدولة الإسلاميّة بشتى أركانها، والّتي جاءت لتبدأ عهداً جديداً، وتقوم بولادة الإسلام من جديد وبناء الدولة الإسلاميّة على القواعد الراسخة الّتي تمّ تثبيتها في قلوب الصحابة قبل الهجرة؛ حيث بدأ عصر الإسلام الجديد القويّ مع الهجرة النبويّة.

وكان الإسلام قبل الهجرة هو الحلقة الأضعف؛ لأنّ المسلمين كانوا يذبحون وتنتهك حرماتهم وحريّاتهم ويعذّبون بأشدّ أنواع العذاب، وتهدّد حياتهم كلّ يومٍ وليلة، فلذلك كان الوضع في مكّة تحت ظلّ هذه الظروف صعباً لا يسمح للإسلام بالانتشار لو بقي المسلمون في مكّة، ولذلك جاءت الهجرة لتنتشلهم من هذا الواقع الأليم الّذي كانوا يعيشونه، ولتنقلهم إلى المدينة المنوّرة الّتي وجدوا فيها الحريّة والقدرة على تأسيس الدولة الإسلاميّة، ونشر نور الإسلام في شتّى بقاع الأرض.

إنجازات الرّسول بعد الهجرة النبويّة

قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمؤاخاة بين المسلمين عند هجرة المهاجرين إلى المدينة المنوّرة، ودلّ ذلك المظهر الكبير على أحد مظاهر التّكافل في المجتمع؛ إذ إنّه لا يوجد مظهر تكافل أكبر ولا يوجد مجتمع أقوى من مجتمع يشاطر فيه شخصٌ جالسٌ بمنزله كلّ ما يمتلكه مع شخصٍ لا يعرفه، ولكن يفعل ذلك من أجل مبدأ آمن فيه وتشارك به مع أخيه ليتقاسما لقمة العيش، كما قام الرّسول صلى الله عليه وسلم بتنظيم المسلمين وحياتهم تحت راية الإسلام وهو ما لم يكن يستطيع فعله في مكّة المكرّمة في جوٍّ كانت تسود فيه العصبيّة القبليّة بعكس ما حصل عند الهجرة إلى المدينة؛ حيث أصبح لا يفرّق بين المرء وأخيه سوى تقواهم لله تعالى، ولا يحدّد هذه التقولى إلّا الله تعالى.

كما قام الرّسول صلّى الله عليه وسلم بتقوية اقتصاد المسلمين، وفتح السوق وجعله تحت التّنظيم الإسلاميّ، وتحت القواعد الإسلاميّة في البيع والشراء والتي تضمن لكلّ ذي حقٍّ حقه، بالإضافة إلى تكوين كيانٍ خاص للمسلمين عن طريق وضع خططٍ خاصّة في تنظيم الدّولة داخل المدينة المنوّرة بالطريقة الإسلاميّة والتي لم يكونوا يستطيعون فعلها في حال بقائهم في مكّة المكرّمة، بالإضافة إلى غرس الطّابع الإسلاميّ في المدينة عن طريق بناء المساجد التي تعتبر بيوت الله، وأماكن تجمّع المسلمين ومنابرهم وأهمّ مراكز قوّتهم؛ ولهذه الأسباب جميعها حصدت الهجرة النبويّة الشريفة هذه الأهميّة الكبيرة في التاريخ الإسلاميّ؛ حيث اعتمد التقويم الإسلاميّ عليها من بعد مجيئها.