كيف يتكون حليب الأم

كيف يتكون حليب الأم
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

الرضاعة من حليب الأم

بات من المعروف أنّ الرضاعة الطبيعية بحليب الأم (بالإنجليزيّة: Breastfeeding) تضمن النمو، والتطور الصحي لأجهزة الطفل الرضيع المختلفة، وذلك لاحتوائه على تركيبة مميزة، تتكوّن من جميع العناصر الغذائية المهمة بكميات ونسب دقيقة؛ بحيث يعتمد الطفل في غذائه على الحليب خلال الست أشهر الأولى من حياته، وفي الحقيقة يتفوّق الحليب الطبيعي على الصناعي بمكوناته الغنية بالعناصر الغذائية، وسهولة الحصول عليه، وبكونه اقتصاديّ وغير مكلف، وتوفره بدرجة حرارة مناسبة للطفل، وتجدر الإشارة إلى أنّ الرضاعة الطبيعية مهمة ومفيدة للأم أيضاً؛ حيث تساعد على خسارة الوزن، وذلك من خلال استهلاك الطاقة في عملية إنتاج الحليب، كما تقلل من كميات الدم المفقودة بعد الولادة من خلال انقباض الرحم، بالإضافة إلى أنّ الرضاعة الطبيعية تمثل إحدى طرق تنظيم الحمل الطبيعية.[1]

كيفية تكوّن حليب الأم

تكوين الحليب

تظهر بعض العلامات الأولية للحمل على منطقة الثدي نتيجة التغيرات الهرمونية؛ حيث يكبر حجم الثدي مع الشعور بالألم عند لمسه، والشعور بالوخز في الحلمات، وتغير لون الهالة المحيطة بالحلمة لتصبح أكثر قتامة، بالإضافة إلى ظهور انتفاخات صغيرة تنتج مواد زيتية تهدف إلى تنظيف، وترطيب، وحماية الحلمة من الإصابة بالعدوى، وفي الحقيقة إنّ رائحة المادة الزيتية مشابهة لرائحة السائل الأمينوسي في رحم الأم، ممّا يجعل هذه المنطقة مألوفة لدى الطفل بعد ولادته، ومن الجدير بالذكر أنّه يتضاعف حجم الأنسجة الغدية في الثدي خلال المرحلة المتوسطة أو الأخيرة من الحمل، أو بعد الولادة، وفي الحقيقة من الممكن أن يحدث تسريب لبعض قطرات من الحليب خلال الحمل، وتجدر الإشارة إلى أنّه بعد ولادة الطفل وخروج المشيمة، تنخفض مستويات هرموني الإستروجين والبروجستيرون، ليتم بعدها إفراز هرمون الحليب (بالإنجليزيّة: Prolactin) من الغدة النخامية في الدماغ، إذ يرسل هرمون الحليب إشارات لبدء إنتاج وتكوين الحليب بكميات وفيرة تمهيداً لتغذية الجنين، بالإضافة إلى إعطاء المرأة الشعور بالأمومة تجاه الطفل.[2]

تنتج الغدد الثديية (بالإنجليزيّة: Mammary glands) حليب الثدي، إذ تحتوي كل منها على الأجزاء الأساسية التالية:[2]

  • الأسناخ (بالإنجليزيّة: Alveoli): وهي أكياس صغيرة تشبه عناقيد العنب تنمو خلال مرحلة الحمل، وتتجدّد في كل حمل، وهي محاطة بعضلات صغيرة الحجم، تضغط عليها بعد إنتاج الحليب داخل الأسناخ، ليتم دفع الحليب إلى القنيات.
  • القنيات (بالإنجليزيّة: Ductules): وهي قنوات صغيرة تحمل الحليب من الأسناخ إلى قنوات الحليب الرئيسية.
  • قنوات الحليب (بالإنجليزيّة: Milk ducts): وهي شبكة معقدة من القنوات، التي يتدفق عبرها الحليب إلى فم الطفل مباشرة، وتجدر الإشارة إلى أنّ متوسط عددها بعد بداية الرضاعة هو تسعة قنوات أو أكثر في كل ثدي، ويزداد عددها وحجمها مع كل حمل.

خروج الحليب

يمكن للأم البدء في إرضاع طفلها خلال أقرب وقت بعد الولادة، وفي الواقع عندما يقوم الطفل بعملية المص من الحلمة، تقوم الغدة النخامية بإفراز الأكسيتوسين (بالإنجليزيّة: Oxytocin)، وبعد أن يصل هذا الهرمون للثدي عبر مجرى الدم، فإنّه يُحفز العضلات المحيطة بالأسناخ المملوئة بالحليب لكي تنقبض، مما يؤدي إلى إخراج الحليب عبر القنوات، فيحصل الطفل على الحليب من خلال الضغط على هذه القنوات، وتُسمّى عملية خروج الحليب من الأسناخ درّ الحليب (بالإنجليزيّة: Letdown)، وتجدر الإشارة إلى أنّ زيادة تدفق الحليب أثناء الرضاعة قد يرافقه الشعور بالوخز، واللسع، والحرق في الثدي، ثم ما يلبث أن يتلاشى هذا الشعور بعد ذلك، وفي الحقيقة قد تشعر المرأة بألم في البطن بعد الولادة، وخلال الأيام الأولى من الرضاعة، والذي يشبه انقباضات الولادة الخفيفة، ويعود السبب في ذلك إلى هرمون الأكسيتوسين، الذي يساعد على تقليص حجم الرحم وعودته إلى ما كان عليه سابقاً، بالإضافة إلى إعطاء الأم الشعور بالرضى والسعادة خلال الرضاعة في بعض الأحيان.[2]

استمرارية تكوين الحليب

تلعب عملية المصّ التي يقوم بها الطفل خلال الرضاعة الطبيعية دوراً مهمّاً في تحفيز إفراز هرمون الحليب من الدماغ، ليقوم هو بدوره بإرسال إشارات تفيد بإنتاج الحليب من جديد، ومن ثم ينخفض هرمون الحليب بعد سُويعات، ويكون بانتظار جلسة إرضاع ثانية ليرتفع مرة أخرى، وفي الحقيقة كلما زادت عدد مرات رضاعة الطفل تزداد كمية هرمون الحليب في الدم لإنتاج الحليب، ومن الجدير بالذكر أنّ هرمون الحليب هو السبب في إيقاف عملية الإباضة، والدورة الشهرية خلال الستة أشهر الأولى بعد الولادة في الغالب، ومن الملاحظ أنّ استجابة هرمون الحليب لتغذية الطفل تقل بشكلٍ تدريجيّ، ليصبح إنتاج الحليب بكمية كافية من مسؤولية بروتين موجود في الحليب، يُدعى مثبّط الرضاعة الارتجاعي (بالإنجليزيّة: Feedback inhibitor of lactation)؛ حيث إنّ غيابه من الثدي يعمل كمؤشر يدل على فراغ الثدي من الحليب، وضرورة تكوين المزيد، بينما وجوده في الثدي يعني أنّه لا حاجة لتكوين الحليب الآن، وتجدر الإشارة إلى أنّ السبب وراء إمكانية احتواء كل ثدي لكمية حليب تكفي لإشباع الطفل، هو أنّ بروتين مثبّط الرضاعة الارتجاعي يعمل بشكلٍ منفصل في كلا الثديين.[2]

مكونات حليب الأم

يحتوي حليب الثدي على أكثر من 200 مكوّن، ويختلف الحليب بما يحتويه من مواد غذائية، وسعرات حرارية باختلاف النظام الغذائي للأم، وعدد مرات الإرضاع، ووقته من اليوم، وعدد الأيام المُنقضية قبل بداية الإرضاع، وعدد الأيام التي مضت على إرضاع الطفل وغيرها، ومن الجدير بالذكر أنّه تتغير كمية الدهون الموجودة في الحليب بشكلٍ لافت للنظر أثناء جلسة الإرضاع الواحدة؛ إذ تكون الكمية قليلة في الحليب في أول الرضاعة، بينما يكون الحليب في نهاية جلسة الإرضاع غنيّاً بالدهون.[3]

وفي الحقيقة يسمّى الحليب الذي يتم إنتاجه خلال الأيام القليلة الأولى بعد الولادة بحليب اللبأ (بالإنجليزيّة: Colostrum)، ويكون لونه أصفر بسبب احتوائه على كمية عالية من بيتا كاروتين (بالإنجليزيّة: Beta carotene)، بينما يكون منخفض السعرات الحرارية لقلة كمية الدهون والكربوهيدرات فيه، ويتميز حليب اللبأ بأنّه غنيّ بفيتامين هـ، وفيتامين أ، وفيتامين ك، والزنك، والأحماض الأمينية الأساسية، والأحماض الدهنية الأساسية المهمة لنموّ وتطوّر الدماغ، بالإضافة إلى احتوائه على الأجسام المضادة (بالإنجليزيّة: Antibodies) التي تقي الرضيع من الإصابة بالعدوى، وتجدر الإشارة إلى أنّ مكونات حليب الثدي تتغير خلال الأسبوع الأول، ويستمر في ذلك حتى يصل الحليب لمرحلة النضوج في اليوم 21 بعد الولادة؛ حيث تقل فيه كمية البروتينات، والفيتامينات، والمعادن، بينما تزداد فيه كمية الدهون وسكر اللاكتوز.[1][3]

ويوضّح الجدول التالي مقارنة بين متوسط قيم المكونات الأساسية الموجودة في 100 مل من حليب الثدي في الفترة الواقعة بين الأسبوع الثاني وحتى الأسبوع السادس بعد الولادة، والموجودة في 100 مل من حليب اللبأ:[3]

حليب اللبأ
الحليب الناضج
السعرات الحراريّة
53.6 سعر حراري
65 سعر حراري
الكربوهيدرات
5.6 غرام
6.7 غرام
الدهون
2.2 غرام
3.8 غرام
البروتينات
2.5 غرام
1.3 غرام

تحسين نوعية حليب الأم

يمكن تحسين نوعية الحليب وزيادة عدد السعرات الحرارية الموجودة فيه، عن طريق إحداث تغيير في النظام الغذائي، ونظام الرضاعة الطبيعية للطفل، وفيما يلي بعض النصائح لتحسين نوعيّة الحليب:[3]

  • تناول فيتامينات ما قبل الولادة.
  • تناول الغذاء الغنيّ بالبروتينات.
  • الحد من تناول الدهون المُشبعة.
  • تناول كميات كافية من السمك، أو المكمّلات الغذائيّة المحتوية على أحماض الأوميغا 3.
  • إرضاع الطفل حسب حاجته وطلبه، مما يسمح لجسم الطفل بتعديل الكميات التي يتناولها بناءً على التغيّر في مكونات الحليب.
  • إعطاء الطفل الوقت الكافي للرضاعة من كل ثدي.

المراجع

  1. ^ أ ب "Breastfeeding", www.myvmc.com,20-5-2011، Retrieved 7-5-2018. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث "How breasts produce milk in pregnancy and beyond", www.babycentre.co.uk,1-12-2013، Retrieved 7-5-2018. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث Gwen Dewar (2012), "Nutrients and calories in breast milk: A guide for the science-minded"، www.parentingscience.com, Retrieved 7-5-2018. Edited.