كم عدد الأنبياء الذين ذكروا في القرآن

كم عدد الأنبياء الذين ذكروا في القرآن

حاجة البشر إلى الأنبياء والرسل

خلق الله -تعالى- الخلق وزوّدهم بصفاتٍ ووسائل مُعينةً لهم على تحقيق الغاية من خلقهم، وهي عمارة الأرض وخلافتها، وتسخيرها لتحقيق مرضاته، وبالرغم من الوسائل والقدرات التي منحها الله للإنسان، إلّا أنّه لا يستطيع الإحاطة بكلّ ما عليه تحقيقه في الأرض، فإنّ كثيراً من صفات هذا الكون، وطبيعة الحياة فيه تدخل في عالم الغيب، التي لا يستطيع الإنسان إدراكها بحواسه، فيحتاج إلى من يوضّح له شيئاً منها، فلا بدّ له من تطبيق الفطرة التي فُطر عليها، وهي طاعته وعبادته، وتوحيده، والتوجّه إليه، وتلك الأوامر لا يستطيع البشر لوحدهم فهمها وإدراك كيفيتها، إلّا بإرشادٍ، وتوجيهٍ لا يتحصّل إلّا بالخبر الصحيح من الله تعالى، فيعلم الناس أمور دينهم ودنياهم، ولقد خُلق الإنسان فوجد نفسه يعيش مع آلاف المخلوقات الأخرى، من البشر، أو من غيرهم من المخلوقات، فكان لا بدّ من معلّمٍ وموضّحٍ لكيفية سير هذه الحياة بالصورة المناسبة التي تضمن حقوق الجميع ومصالحهم، ولقد ألقى الله -سبحانه- في روع البشر أنّ من ظلم، أو اعتدى وخرج عن سير هذه القوانين، والشرائع المنظّمة فإنّ هناك يوماً آخراً يلتقي فيه الخصوم أمام ربهم، فيحكم بينهم بالعدل والحسنى، وإذا احتاجت الصلة بين الله -سبحانه- والبشر لملائكةٍ تُوصل لهم الشرائع والرسالات، فإنّ طبيعة الملائكة تختلف اختلافاً كلياً عن طبيعة البشر، فلذلك اصطفى الله -عزّ وجلّ- بشرٍ يشابهون الخلق بصفاتهم، وحياتهم يتواصلون مع الملائكة المرسلين، بالرسائل فيأخذون عنهم شرع الله سبحانه، ويعلّمونه لأقوامهم.[1]

عدد الأنبياء الوارد ذكرهم في القرآن الكريم

يعدّ القرآن الكريم، وتعدّ السنة الشريفة من مصادر التشريع، وذكر القرآن الكريم خمسةٍ وعشرين نبياً، وهم: آدم، وإدريس، ونوح، وهود، وصالح، وإبراهيم، ولوط، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، وأيوب، وشعيب، وموسى، وهارون، ويونس، وداود، وسليمان، وإلياس، واليسع، وزكريا، ويحيى، وعيسى عليهم الصلاة والسلام، وذي الكفل عند كثيرٍ من المفسرين، ومحمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، ومن الآيات التي تذكر عدداً من الأنبياء والمرسلين، قول الله تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ*وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ*وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ*وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ)،[2] وغيرهم ذُكر في مواضعٍ أخرى من القرآن الكريم.[3]

وقد اختلف العلماء في اعتبار بعض الصّالحين المذكورين في القرآن الكريم أنبياءً، ومنهم: الخضر الوارد في سورة الكهف، وتبّع، وذو القرنين، حيث ورد عن العلماء أن الخضر قال: (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي)،[4] وقال الله تعالى أيضاً: (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا)،[5] فلعلّ المقصود من قول الله بالرحمة والعلم؛ أي رحمة النبوة، وعلم الوحي، وأمّا تُبع، وذو القرنين فقد ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قوله فيهما: (ما أدري أَتُبَّع نبيّاً كان أم لا؟ وما أَدري ذا القَرنينِ نبيًّا كان أم لا).[6][7]

وبالرغم من أنّ الله -سبحانه- ذكر هؤلاء الأنبياء في القرآن الكريم، إلّا أنّ الله أخبر النبي-صلّى الله عليه وسلّم- أنّ هناك أنبياءً لم يذكرهم له، ولم يقصّ عليه قصصهم، حيث قال: (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ)،[8] وتشير الآية الكريمة إلى أنّ هناك أنبياءً لا يعلّمهم حتى النبي عليه السلام، فالله -سبحانه- لم يُخبر بخبرهم أحداً، ولا يقصّ قصصهم على الناس، ولقد ورد في السنة النّبوية ذكر بعضهم، وذكر أعدادٍ لهم، أخبر عنها النبي عليه السلام، منها قوله حين سُئل عن أعدادهم، فأجاب: (ثلاثُمئةٍ وثلاثة عشر جمّاً غفيراً)،[9] وورد غير ذلك في أعداد الأنبياء عن رسول الله عليه السلام، وأمّا عن أسماء بعض الأنبياء الواردة في السنة النبوية، فقد ثبت أنّ يُوشع بن نون، وشيث من أنبياء الله -تعالى- كذلك.[3][7]

صفات الرسل والأنبياء

إنّ الرسل بمثابة سفراء، يرسلهم الله -سبحانه- إلى خلقه؛ يبلغونهم أوامره ونواهيه، ولذلك كان لا بدّ من اصطفاء الرسل وفق معاييرٍ رفيعةٍ توصلهم إلى أفضل أداء لمهمّاتهم، أولى صفاتهم كمال الصفات الخَلقية والخُلُقية، فإنّ وظيفتهم مبنيةً على الاختلاط بالناس، وكثرة الحركة والعمل، فيجب أن يتمتعوا بكمال القدرة، وحُسن الخَلق لأجل ذلك، وأمّا حُسن صفاتهم الخُلقية؛ فلأنّهم يعاملون الكثير من الناس بصفاتهم المختلفة، فمنهم حسن الطبع ومنهم سيّئه، فكان لزاماً أن يكون الرسول صبوراً خلوقاً قدوةً لقومه، وبعيداً عن الصفات السيئة التي قد تُبعد الناس عنه وتحقّره في أعينهم، ومن الصفات الأخرى التي اختارها الله -تعالى- لأنبيائه:[1]

  • الصدق: فإن انتشر عن رجلٍ الكذب فلا يَقبل الناس كلامه إذا أخبرهم أنّه نبيٌّ من عند الله، فلا بدّ من أن يكون النبي قد اشتُهر بين قومه بالصدق، حتى يكون أقرب إلى تصديق الناس وإيمانهم به.
  • الأمانة، وهي صفة ملازمة للصدق، والأمانة عكس الخيانة، ومن أمثلتها كتم السر، وردّ الحقوق، وغير ذلك، ولا يمكن للخائن أن يحمل رسالةً من الخالق إلى عباده، فلا بدّ من اتصافه بالأمانة؛ حتى يؤدّي ما نزل عليه من رسالات الله سبحانه، دون تحريفٍ أو تبديلٍ.
  • الفِطنة: فالرسول يجب أن يكون ذكياً، يتفاعل مع ما يحصل معه من مواقفٍٍ بسرعةٍ وحكمةٍ، وحتى يستطيع إقناع قومه بصدق كلامه، وصحّة نبوته، ويُزيل من أنفسهم الشك والريبة إذا وقعت.
  • العصمة، وهي ما يحصّن الله -تعالى- بها أنبيائه من الزلل والأخطاء، فالأنبياء باتفاق العلماء معصومون من النسيان، حتى لا يفوتهم شيءٌ من الرسالة، وهم معصومون من الوقوع في المعاصي والذنوب، فقد رفعهم الله عن تلك الزلّات صغيرها وكبيرها، فهم قدوةٌ للمؤمنين، قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ).[10]

المراجع

  1. ^ أ ب "الحاجة إلى الرسل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-16. بتصرّف.
  2. ↑ سورة الأنعام، آية: 83-86.
  3. ^ أ ب "عدد الرسل والأنبياء"،www.alukah.net،اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-16. بتصرّف.
  4. ↑ سورة الكهف، آية: 82.
  5. ↑ سورة الكهف، آية: 65.
  6. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5524، صحيح.
  7. ^ أ ب "عدد الأنبياء والرسل"،www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-16. بتصرّف.
  8. ↑ سورة النساء، آية: 164.
  9. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 361، أخرجه في صحيحه.
  10. ↑ سورة الأحزاب، آية: 21.