الوسوسة هو الصوت الخفي الذي يجده الإنسان في روعه، ويستحي أن يطلع عليه الناس خشية افتضاح أمره بسلوكه على أساسه، وهو من عمل الشيطان وكيده وتدبيره وإضلاله، فبعد أن عاقبه الله بإخراجه من الجنّة بسبب إغوائه لأبينا آدم وأمّنا حوّاء، وإقناعهما بالأكل من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها، تعهد بإضلال ذريّة آدم، وإضلالهم عن سواء السبيل، فقال سبحانه ذاكراً ما ذكره الشيطان لآدم : (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [ص: 82ـ83]، والشيطان لا يلجأ لإغواء الإنسان بشكل مباشر، وإلا لما استجاب له الإنسان المسلم ابتداءً، بل يتدرّج معه في ذلك وصولاً إلى المعصيّة.
يزيّن الشيطان التبرّج ومهرجانات الاختلاط بأنّه ثقافة وفن، كما يزين الخمر بأنّها مشروبات روحيّة منعشة، ويزين الصحبة والرفقة السيّئة بالحداثة والتطوّر، والاجتماع.
يبرر للشاب النظر إلى الفتيات وصولاً به إلى الوقوع في الزنا بأنّه أعزب، ويزين للإنسان التعامل بالربا؛ كالقروض البنكيّة بأنّه فقير أو محتاج، كما برر لأبينا آدم وأمّنا حواء أكلهما الشجرة بأنّ الله ما نهاهما عنها إلا لكي لا يكونا ملكين، ويزيّن للشباب الاسترسال في العلاقات المفتوحة بين الجنسين عبر وسائل التواصل بأنّها ثقافة وحداثة وتطوّر.
يشوه الشيطان عقيدة الإنسان؛ وذلك بإفسادها وتمييعها، ومتى ضُرب الإنسان في عقيدته فسد كلّ سلوكه.
يضفي الشيطان قداسة على العادات السيئة والتقاليد المنحرفة، كأحقيّة الشاب في الزواج من ابنة عمه، وعدم الاكتراث والاهتمام بالدين والخلق، وعدم الاهتمام بالتوجيه النبوي في تغريب النكاح.
يجعل الشيطان المادة والثروة والجاه والحسب والنسب، هي المعايير التي يوزن بها الأشخاص، وتقييمها على معايير الدين والخلق الحسن.
يأتي الشيطان إلى العبّاد والزهاد، فيعظم عندهم بعض الأمور؛ كالتقصير في بعض السنن ، أو يُبسّط من شأن بعض الأمور، كالغيبة والنميمة، بحجّة أنّ الله غفور رحيم، فيشعل الخلاف والشجار بين النّاس بناء على ذلك.
من الأمثلة على المسائل الخلافية الخلاف المتعلق باختلاف المطالع أو وحدتها، وتعلّق ذلك بثبوت شهر الصيام وانتهائه، أو التحريش بين الدعاة حول سبل ووسائل الدعوة والتغيير.
من البدع والخرافات المنهي عنها في الدين زيارة قبور الأولياء والتبرّك بها، وبعض أنماط عبادات المتصوّفة، والانقطاع عن الأهل بحجّة الدعوة إلى الله.
يوسوس الشيطان للعبد بأنه ليس من الضروري أداء السنن لأنه غير ملزم بها.
علاقة المسلم السوي بالشيطان يجب أن تكون علاقة عداء دائم، فقد تسبب في إخراج أبويه من الجنّة، ثمّ تعهّد بأن يضل بني آدم ويقعد لهم على الصراط المستقيم، يوسوس لهم من حوله السبل المعوجّة، ووضح سبحانه شكل هذه العلاقة، ووضح ملامحها عندما قال سبحانه: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر:6] فعلاقتنا به علاقة عداء دائم لا هدنة فيه أبداً