كيف جاءت لغات العالم

كيف جاءت لغات العالم

اللغة

ما زالت اللغة قضيّةً قائمةً للنقاش والتفسير منذ القرون القديمة حتى يومنا الحالي، وعلى الرّغم من كلّ ما تمّ جمعه من أدلة وبراهين عن أصل اللغة إلاّ أنّ الاختلاف في الآراء كان هو المسيطر الوحيد على هذه القضية، ولم تكن هناك أيٌّ من الأدلة القاطعة والبراهين عن كيفية وصول اللغة ومصدرها وأصلها، لأنّها شيء غير ملموس كما هو الحال عند البحث عن تاريخ أيٍّ من الكائنات الحية التي تواجدت على سطح الأرض، وما تمّ جمعه هو عبارة عن استنتاجات ودراسات تمّ الحصول عليها عبر التاريخ، أمّا ما أجمع عليه المؤرّخون أنّ أصل اللغة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بسلوكيات الإنسان بشكل مباشر.

بدايات اكتشاف أصل اللغة

لم تجد جمعيّة باريس اللغويّة أيّاً من الأدلة القاطعة التي تدل على بدايات اللغة، مما سبب الكثير من الاضطرابات في الجمعية، وتم تصنيف موضوع أصل اللغة من أصعب مشكلات العالم التي لا تنتهي بأي نوع من الحلول المنطقية الواقعية، وبقيت الجمعيّة على هذا الحال حتى نهاية القرن العشرين، أمّا في الوقت الراهن تمّ التوصّل لعددٍ لا نهائي من الفرضيات عن الكيفيّة والأسباب التي أدت لظهور اللغة، بعد أن نشر العالم تشارلز داروين نظريّته الشهيرة (حول التطور بواسطة الطبيعة).

نظريات في أصل اللغة

تنقسم النظريات لعدة أقسام حسب الافتراض التي تقوم عليه وهي كالتالي:

  • نظريات الاستمرارية: وتدور هذه النظرية على عدة أفكار من ضمنها أنّ اللغة نشأت في شكلها النهائي من لا شيء ولا وجود للتطور بها، وهذا التفسير يجعلها معقّدةً جداً، ولاقت هذه النظرية الكثير من الاعتراض؛ لأنّ العلماء وجدوا أنّه لا بد من وجود منظومة غير لغوية كان يعتمد عليها الأسلاف والأجداد من قبل.
  • نظريات الانقطاع: جاءت هذه النظرية لتُخالف ما سبق، وأثبتت أن اللغة صفةٌ فريدة ولا يمكن المقارنة بينها وبين أي وجود على الأرض من غير وجود البشر، أي إنّها مرتبطةٌ بقدوم البشر على الأرض، وإنّها نظام متوارث عبر الأجيال من خلال التفاعل والعلاقات الاجتماعية، ومن أشهر الداعمين لهذه النظرية تشومسكي.

نظرية تشومسكي في أصل اللغة

يقول تشومسكي الّذي أخذ منحىً عن زملائه في التفاسير عن اللغة واختلف تماماً عمّا أظهروه من دراسات مع دعمه لنظرية الانقطاع أنّه حدث تطوّر مفاجئ لفرد ما منذ مئات آلاف السنين تقريباً، وأثار هذا الحدث القدرة على اكتساب اللغة، وأنّها مكون أساسي موجود في الدماغ تم إظهاره من خلال الأحداث بصورةٍ تامة ومثالية كاملة، وكان موضوع النقاش أنّ طبيعة العقل الإنساني لديه القدرة على التفاعل البيولوجي حسب متطلّبات الحياة، وأنّه لديه القدرة على البناء والمعرفة اللاإرادية واللانهائية حسب التدرج الزمني، وأن قدرة الخلق على الاكتساب هي فجائيّة تتطوّر مع الوقت.

رأي العلم الحديث بأصل اللغة

أطلق علماء العلم الحديث على هذا المنهج اسم علم ( الفيولوجيا)؛ حيث إنّهم لم يجدوا بعد التحليل والتفسير المنطقي للغة ما هو أصلها، وكيف وصلت عبر الأجيال، وما زالت الدّراسات قائمة حتى اليوم، وآخر ما توصّلوا إليه أنّها فطرة وُلدت مع الإنسان كغيرها من الصفات التي تتطوّر بشكل طبيعي كلّما نما وتطوّر الدماغ، وترتبط اللغة بالصوت ارتباطاً وثيقاً، وهذا ما تمّت دراسته على إنسان الغاب الذي فقد الصوت وبالتالي فقد اللغة.

القرآن الكريم هو دائماً الدليل الثابت القطعي الذي لا يمكن التشكيك بكلماته أبداً، وقد ورد في الكتاب الكريم عن تعدّد اللغات والأجناس على الرّغم من أن ثبات الأصل في الأم والأب ( آدم وحواء)، وقوله تعالى (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إنّ في ذلك لآياتٍ للعالِمين). صدق الله العظيم.

رأي الإسلام في أصل اللغة

تحدث القرآن الكريم عن وجود التعدّد في اللغات والأجناس، وتُرك التفسير لهذه الآيات الكريمة للعلماء المتخصّصين في تفسير القرآن الكريم وما تمّ التوصل إليه أنّ اللغة هي مولودة مع الإنسان، وهي الفطرة التي خلقها الله عليها من أجل التواصل وقضاء الحاجات وعبادته وحده لا شريك له، وكذلك هناك اختلاف في التفاسير، وكما ذُكر في تفسير آيات القرآن الكريم أنّ آدم عليه السلام عندما خُلق خُلقت معه جميع اللغات والأسماء، وكل ما يحتاجه الإنسان من أجل أن ينهض ويستمر في حياته من أعمال وممارسات، ومن هنا انتقلت اللغة بتوالد وتكاثر الأجيال. يتحدّث العالم الآن بأكثر من أربعة آلاف لغة.