كيف اكون شاعر
كيف أكون شاعر
ربما الإجابة على السؤال: " كيف أكون عالماً أو كيف أصبح مليونيراً أو وزيراً " تظل أسهل بكثير من الإجابة على السؤال : " كيف أكون شاعراً" ، لأن الشاعر عبارة عن تركيبة متداخلة من الأحاسيس والمشاعر والخيال مجبولةٌ في دورقٍ عصيّ على قدرة المال والشهرة والسلطة من استحداثه أو التحكم فيه ، وهذا الدورق السحري يسمى الموهبة ، فلكي تكون شاعراً يجب أولاً أن تمتلك الموهبة ، وعليك ثانياً أن تكون مشبعاً بالأحاسيس والإنفعالات والعواطف والمشاعر ، أما ثالثاً فهو ضرورة وجود إرث من التجارب والخبرات والمعرفة لديك ، فإذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة فيك ، أصبحت مستحقاً أن يطلق عليك لقب شاعر .
هل كل من كتب بيتاً أو بيتين من الشعر أصبح شاعراً
لكي تكون الإجابة دقيقة على هذا السؤال فيجب أولاً توضيح مفهوم الشعر ، لقد كان تعريف القدماء للشعر كالتالي : " هو كل كلام موزون ومقفى ويحمل معنى ويعكس صورةً ما " ، نجد أننا لو تقيدنا بهذا التعريف لأسقطنا الشعر النثري الحديث جانباً ، والمقصود بالشعر النثري هنا ليس هو الشعر الحر القائم على وحدة التفعيلة والذي تحدثت عنه نازك الملائكة بإسهابٍ وتفصيلٍ دقيق ، فالشعر الحر والقائم على وحدة التفعيلة يندرج تحت التعريف الوارد أعلاه ، أما شعر النثر الذي لا يلتزم بأية قافيةٍ أو وزن ويسلط الضوء فقط على الموسيقى الداخلية – الروحية- فهناك الكثيرون ممن لا يعترفون به ،ولا يعدونه شعراً ، وفي المقابل هناك من يتحمس له بحجة أن الشعر هو إحساسٌ داخليٌ عميق يجب عليه أن يتحرر من قيود الوزن والتفعيلة ، ويركزون على الصور الواردة فيه من حيث العمق والدلالة ، ويشيرون في نفس الوقت كما أشرنا أعلاه إلى الموسيقى الروحية الداخلية فيه ، وهناك من يرد عليهم بالقول : إن الشعر يجب أن يحتوي على موسيقى في اللفظ لنميزه عن النثر ، وهذا يترتب عليه أن يمتلك الشاعر أذنا موسيقية ، والموسيقى الداخلية إما أن تكون من ضمن الموسيقى المتعارف عليها أو أن تكون لها مقاييس خاصة بها ، فما هي مقاييس هذه الموسيقى الداخلية ؟ وهل من لا يستطيع أن يميز الموسيقى المتفق عليها ولكنه يميز الموسيقى الروحية – الداخلية – يمكن اعتباره شاعراً ؟ ،وهكذا فإن الأسئلة والحجج والردود لا تنتهي في هذا الموضوع بين كافة الأطراف ، وتجد من هو من خارج الأسراب جميعاً يحلق في هذا السرب أو ذاك ، ولكن لا يبق في السماء محلقاً عن جدارة سوى الشاعر المطبوع .
نهاية القول ومجمله : إذا أردت أن تكون شاعراً ، فعليك أولاً أن تكون قد أدركت و وعيت و فهمت كل ما جرى الحديث عنه في الكلام أعلاه ، بعد ذلك فربما سيكون للحديث جدوى وبقية .