كيفية الزواج الإسلامي

كيفية الزواج الإسلامي
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

الأسرة في الإسلام

إنّ للأسرة في الإسلام مكانة عظيمة؛ فهي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، حيث تعتمد صلابة المجتمع على صلابتها وقوّتها؛ فإذا كانت ضعيفة مفكّكة كان المجتمع ضعيفاً ومفكّكاً، وإذا كانت قوّية ومتماسكة كان المجتمع قويّاً ومتماسكاً، ولكنّ الإسلام عمِد على العناية بالأسرة المسلمة بشكلٍ كبيرٍ، فوضع القوانين والمبادئ التي تعمل على إحكام العلاقات والروابط داخل الأسرة وتعمل على تقويتها وتحفظها من الانهيار والضعف، حيث قال الله -تعالى- في القرآن الكريم: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)،[1] وفي مجال العلاقة بين الزوجين يُعتبر الزّواج في الدّين الإسلاميّ مؤسسة اجتماعية ودينيّة في ذات الوقت تقوم على الألفة والمحبّة بين كلا الزّوجين، وتتمتع بالاستقرار، حيث عُدّت ميثاقاً غليظاً يربط بين الرجل والمرأة،[2] فما هو الزواج، وما حكمه في الدّين الإسلاميّ، وكيف ينعقد؟

معنى الزّواج

الزواج له معنى عند أهل اللغة وعند علماء الشريعة، وفيما يأتي بيان كلا المعنيين:

  • الزّواج في اللغة اسم، ويُعرّف بأنّه اقتران بين الرجل والمرأة، ويكون ذلك الارتباط بمراسيم شرعيّة دينيّة أو مدنيّة، ويمكن تعريفه أيضاً بأنّه اقتران الذكر بالأنثى أو اقتران الرجل بالمرأة بعقد شرعيّ، يُقال: ارتباط رجل بامرأة ارتباطاً شرعيّاً حسب الأصول؛ أي: كان زواجه بها على سنة الله -تعالى- وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، ويُقال: زواج الأقارب يُضعف النّسل.[3]
  • الزواج أو النكاح له عدّة دلالات في اصطلاح الفقهاء؛ وبيان ذلك على النحو الآتي:[4]
  • الزواج عند الحنفيّة هو عقد يفيد حِلّ استمتاع الرجل من امرأة مع عدم وجود مانع شرعيّ من نكاحها.
  • الزواج عند فقهاء الشافعيّة هو عقد يتضمّن إباحة الوطء، ويكون بلفظ الإنكاح أو التزّويج.
  • الزواج عند فقهاء الحنابلة هو عقد تزويج؛ ويُعتبر فيه لفظ نكاح أو تزويج أو ترجمته.
  • الزواج عند فقهاء المالكيّة هو عقد لحِلّ التمتع بأنثى من غير المحارم وليست مجوسيّة ولا أَمَة كتابيّة، وذلك بصيغة محدّدة.

حكم الزواج في الإسلام ومشروعيته

الزواج مشروع في الدين الإسلاميّ، وقد ثبتت مشروعيته في القرآن الكريم وفي السنّة النبويّة وفي الإجماع؛ فأمّا من الكتاب فقول الله تعالى: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)،[5] ومن السنّة النبويّة قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (يا معشرَ الشبابِ؛ من استطاع منكم الباءةَ فليتزوجْ، فإنّه أغضُّ للبصرِ، وأحصنُ للفرجِ، ومن لم يستطعْ فعليه بالصومِ، فإنّه له وجاءٌ)،[6] وأجمع المسلمون أيضاً على مشروعيّة الزّواج.[7]

أمّا حكم الزواج فإنّ الزواج تعتريه الأحكام التكليفية الخمسة، وذلك بحسب الشخص؛ فقد يكون الزّواج واجباً، أو مندوباً، أو مستحباً، أو مكروهاً، أو حراماً، وبيان ذلك على النحو الآتي:[7]

يكون الزّواج واجباً في حقّ من كان لديه القدرة الماليّة والجنسيّة على الزّواج، ويخاف العنت والضرر على دينه، ولم يستطع التحرز عن الوقوع في الفاحشة بالصيام ونحوه، ويكون الزّواج محرّماً في حقّ من تيقّن ظلم المرأة وحصول الإضرار بها إذا تزوّج؛ وذلك بأن يكون ليست لديه القدرة الماليّة على تكاليف الزّواج، ويكون الزّواج مكروهاً في حقّ من خاف وقوع نفسه في الجور والضرر إذا تزوّج، لكن بدرجة لا تصل إلى اليقين، كعجزه عن الإنفاق، أو الهرم والمرض الدائم، ويكون الزّواج في مرتبة الاستحباب أو الندب إذا كان الشخص معتدل المزاج؛ بحيث لا يخشى على نفسه الوقوع في الزنا إذا لم يتزوج، ولا يخشى أن يظلم زوجته إذا تزوّج، وهذا قول جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة، أمّا فقهاء الشافعيّة فقالوا بأنّ هذا الشخص يكون الزّواج في حقّه مُباحاً.

كيفيّة الزّواج في الإسلام

إنّ للزواج في الشريعة الإسلاميّة عدد من القواعد والأسس التي تنظّمه، وهي:[8]

  • الخِطبة؛ وهي إظهار رغبة الرجل في الزواج من المرأة وإعلام وليّها بذلك، ومن أحكامها: حرمة خِطبة المسلم على خِطبة أخيه، وحرمة التصريح بالخِطبة لمن هي معتدّة من طلاق بائن، ويبقى كلاً من الخاطب والمخطوبة أجنبيّاً عن الآخر؛ لأنّ الخِطبة هي وعد بالزواج.
  • يُسنّ لِمن أراد أن يخطِب أن ينظر إلى ما يظهر من المرأة عادةً؛ كوجهها وكفيها وقدميها، استناداً إلى قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إذا خطبَ أحدُكمُ المرأةَ فإنِ استطاعَ أن ينظرَ إلى ما يدعوهُ إلى نِكاحِها فليفعل)،[9] والحكمة من ذلك أنّ النظر أدعى لحظوتها في نفسه، ومن ثمّ حصول الألفة.
  • يُشترط في عقد النكاح عدد من الشروط؛ وهي: تعيين كلاً من الزوجين، فلا يصحّ أن يكون عقد النكاح على امرأة غير معيّنة، ورضا كلاً من الزوجين بالآخر، وإلّا فلا يصحّ النّكاح، والولاية في النّكاح، فلا يعقد على المرأة إلّا وليّها، والشّهادة في عقد النّكاح؛ حيث لا يصحّ عقد النكاح إلّا بحضور شاهدين عدول، بالغين، مسلمين، وخلوّ الزوجين من الموانع التي تمنع النّكاح؛ مثل: النسب، والرضاع والمصاهرة، واختلاف الدّين.
  • يجب أن يتوفّر في عقد النّكاح عدّة أركان، وهي: العاقدان؛ وهما الزوج والزوجة الخاليان من موانع انعقاد عقد الزواج، والإيجاب؛ وهو اللفظ الصادر عن الوليّ أو مَن يقوم مقامه بلفظ إنكاح أو تزويج، والقبول؛ وهو اللفظ الذي يصدر عن الزوج أو مَن يقوم مقامه بلفظ قبلت، أو رضيت هذا الزواج.

المراجع

  1. ↑ سورة التوبة، آية: 71.
  2. ↑ فتحية توفيق (9-9-2013)، "الأسرة في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2018. بتصرّف.
  3. ↑ "معنى زواج"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2018. بتصرّف.
  4. ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: طبع الوزارة، صفحة 205، جزء 41. بتصرّف.
  5. ↑ سورة النساء، آية: 3.
  6. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1400، صحيح.
  7. ^ أ ب د. وهبة بن مصطفى الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا: دار الفكر، صفحة 6515-6518، جزء 9. بتصرّف.
  8. ↑ مجموعة من المؤلفين (1424هـ)، الفقه الميسر، السعودية: مجمع الملك فهد، صفحة 293-296، جزء 1. بتصرّف.
  9. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2082، حسن.