كيف الصلاة على النبي

كيف الصلاة على النبي
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

منزلة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم

رفع الله -تعالى- منزلة نبيه محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- مقاماً رفيعاً بين البشر، وختم رسالته برسالات الأنبياء والرّسل، ولقد أورد تزكيته لنبيّه -عليه السلام- في القرآن الكريم في كثيرٍ من الآيات؛ فلقد زكّاه الله -سبحانه- في عقله فقال: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى)،[1] ثمّ زكّاه في نطقه، فقال: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى)،[2] وقد زكّاه في علمه، وفي بصره وقلبه، وغير ذلك، فقال: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى)،[3] وقال: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى)،[4] وقال الله تعالى: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)،[5] ثمّ ذكر الله -تعالى- أنّه رفع ذكره بين العالمين بقوله: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)،[6] ولقد أمر الله -تعالى- التأدّب بالحديث مع نبيه صلّى الله عليه وسلّم، وقد بدأ بنفسه في تكريم نبيه بالحديث معه؛ حيث كان يورد صفاته خلال الحديث معه في الآيات القرآنية الكريمة، بينما كان ينادي الأنبياء بأسمائهم حين خاطبهم، وذلك مثل قوله: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا)،[7] وقوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)،[8] بينما نادى آدم -عليه السلام- باسمه، فقال: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)،[9] وخاطب نوحاً -عليه السلام- بقوله: (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ).[10][11]

وكان هناك اصطفاءاتٌ أخرى للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فلقد رفعه الله -تعالى- إلى سابع سماءٍ، وذلك في ليلة الإسراء والمعراج، ثمّ إنّ الله -سبحانه- اختصّه في أن أرسله للناس كافّةً، وأيّده بمعجزةٍ خالدةٍ لا تنتهي دلائلها إلى يوم القيامة، وهي القرآن الكريم، الذي حفظه من التحريف والتغيير، بخلاف الكتب السماوية الأخرى، ثمّ اصطفاه الله -تعالى- في حاله يوم القيامة، بالشفاعة والحوض والوسيلة والفضيلة، وكل هذا رفعاً لشأن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الدنيا والآخرة، وهو المستحقّ لهذا التكريم والتفضيل.[11]

كيفيّة الصلاة على النبيّ

ورد الأمر بالصلاة على النبي محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- في القرآن الكريم، وفيما يأتي ذكر لأمر الله -تعالى- لعباده بالصلاة على النبي، وكيفية أداء ذلك.

الأمر بالصلاة على النبي

كان من تكريم الله -تعالى- لنبيّه محمّدٍ -صلّى الله عليه وسلّم- أن أوجب على أمته توقيره واحترامه، وحبّه وطاعته، وكذلك الصلاة عليه والتسليم، ولقد جاء الأمر بالصلاة على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في القرآن الكريم حيث لم يرد فيه أي صلاةٍ على أي نبيٍ آخرٍ، فالله -تعالى- أثنى على نبيّه محمّد في الملأ الأعلى عند الملائكة المقرّبين، ثمّ أمر المسلمين بالصلاة والسلام على محمّد، فيجتمع بذلك الثناء من الملأ الأعلى ومن الأرض على محمّد عليه الصلاة والسلام، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)،[12] وقد جاء في تفسير الآية الكريمة فيما رواه البخاري في صحيحه أنّ صلاة الله -تعالى- على نبيه هي الثناء عليه، وصلاة الملائكة هي الدعاء.[13]

كيفية الصلاة على النبي

ورد في السنة النبوية الشريفة العديد من الأحاديث التي تذكر صيغ الصلاة على رسول الله عليه السلام، وفيما يأتي ذكرٌ لجانبٍ منها:[14]

  • رُوي أنّ صحابياً سأل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن كيفيّة الصلاة عليه وعلى آل بيته، فقال له: (قولوا: اللهمّ صلِّ على مُحمدٍ، وعلى آلِ مُحمدٍ، كما صليْتَ على آلِ إبراهيمَ، إنَّك حميدٌ مَجيدٌ، اللهمّ بارِكْ على مُحمدٍ، وعلى آلِ مُحمدٍ، كما باركْتَ على آلِ إبراهيمَ، إنَّك حميدٌ مجيدٌ).[15]
  • روى البخاري ومسلم عن الصحابي أبي حميد الساعدي أنّ النبي -عليه السلام- سُئل عن كيفية الصلاة عليه، فقال: (قولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى محمَّدٍ وأزْواجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما صَلَّيتَ علَى آلِ إبراهيمَ، وبارِكْ علَى محمَّدٍ وأزْواجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما بارَكْتَ علَى آلِ إبراهيمَ، إنَّكَ حَميدٌ مجيدٌ).[16]

فضائل الإكثار من الصلاة على النبيّ

إنّ من لزم الصلاة على النبي- صلّى الله عليه وسلّم- فتحت له أبواب الخير في الدنيا والآخرة، ولقد وردت أحاديثٌ في فضل الصلاة على الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وفيما يأتي بيان بعض الفضائل:[17][18]

  • رفع الدرجات، ومحو الذنوب والمعاصي، ونيل شرف الصلاة على رسول الله، حيث ورد عنه أنّه قال: (مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللَّهُ عليه بِها عشْراً).[19]
  • بلوغ صلاة وسلام العبد على النبي -عليه السلام- إليه، ودليل ذلك قوله: (ما من أحدٍ يُسلِّمُ عليِّ إلَّا ردَّ اللهُ إليَّ روحي حتَّى أردَّ عليه السَّلامَ).[20]
  • الصلاة على النبي -عليه السلام- من علامات الإيمان، حيث ورد في صحيح البخاري: (لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ)،[21] والمحبة تتطلّب طاعة الله تعالى، والقيام بأوامره، وطاعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ومن الطاعات والقُربات التي تعزّز المحبّة الصلاة على محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
  • الصلاة على النبيّ -عليه السلام- فيها ذكرٌ لله سبحانه، وذكر الله يتحقّق بأي نوعٍ من أنواع الطاعات والعبادات، حيث قال الله تعالى: (وأنا معه إذا ذكَرَنِي، فإن ذَكَرَنِي في نفسِه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكَرَنِي في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٌ منهم).[22]
  • الصلاة على النبيّ -عليه السلام- من علامات الجود، كما أنّها براءةٌ للمسلم من البخل، فقد ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قوله: (البخيلُ مَنْ ذُكرتُ عندَه فلَمْ يُصلِّ عليَّ).[23]

المراجع

  1. ↑ سورة النجم، آية: 2.
  2. ↑ سورة النجم، آية: 3.
  3. ↑ سورة النجم، آية: 5.
  4. ↑ سورة النجم، آية: 17.
  5. ↑ سورة النجم، آية: 11.
  6. ↑ سورة الشرح، آية: 4.
  7. ↑ سورة الإسراء، آية: 1.
  8. ↑ سورة الأحزاب، آية: 45.
  9. ↑ سورة البقرة، آية: 35.
  10. ↑ سورة هود، آية: 48.
  11. ^ أ ب "مكانته صلى الله عليه وسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-22. بتصرّف.
  12. ↑ سورة الأحزاب، آية: 56.
  13. ↑ "الصلاة على النبي (فضائلها وفوائدها)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-22. بتصرّف.
  14. ↑ "الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-22. بتصرّف.
  15. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم: 6357، صحيح.
  16. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 6360، صحيح.
  17. ↑ "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-22. بتصرّف.
  18. ↑ "كنوز وأجور الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-22. بتصرّف.
  19. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 384، صحيح.
  20. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2/402، إسناده حسن أو صحيح أو ما قاربهما.
  21. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 15، صحيح.
  22. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7405، صحيح.
  23. ↑ رواه ابن حبان، في المقاصد الحسنة، عن الحسين بن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 172، صحيح.