كيف تثبت ما حفظت من القران

كيف تثبت ما حفظت من القران
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

حفظ القرآن

قال تعالى : "إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون" صدق الله العظيم.

بدأ نزول القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في السابع عشر وقيل في الرابع والعشرين من رمضان في غار حراء، وأول ما نزل من القرآن الكريم هو الآيات الأولى من سورة العلق، حيث قال الوحي عليه السلام لخير البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم "إقرأ"، فقال: ما أنا بقارئ، وكرّرها مراراً حتى قال له الوحي قول الله عز وجل: " إقرأ باسم ربك الذي خلق،خلق الإنسان من علق، إقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان مالم يعلم" وكانت هذه المرة الأولى التي ينزل بها الوحي عليه السلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فارتعب خوفاً مما حصل معه وتوّجه إلى بيته وقال لزوجته السيدة خديجة بنت خويلد" دثريني، دثريني"، حيث كان يرتجف من شدة البرد والخوف مما حصل معه في الغار ومن هنا كانت بداية نزول القرآن الكريم وبداية انطلاق الدعوة الإسلامية الحنيفة.

القرآن الكريم كتاب مقدس لدى المسلمين حيث يعتبر حلقة وصل بيننا وبين الخالق عز وجّل، وكما أنّه مصدر لأحكام الحياة كافّة من الناحية الدينية والدنيوية، وكما أنّه من أرقى الكتب العربية قيمة لغوية ودينية لما يجمعه بين طيات صفحاته من بلاغة وبيان وفصاحة، بفضل الله تعالى فإن القرآن الكريم منذ لحظة نزوله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو محفوظ في الصدور والسطور، ومحفوظ من التحريف أو المس، وقد نزل هذا الكتاب العظيم وأخر الكتب السماوية على خاتم الأنبياء والمرسلين للبيان والإعجاز.

على مر العصور السابقة لعهد نزول القرآن الكريم كانت اللغة العربية مشتتة، إلى أن جاء الكتاب العزيز ووّحد اللغة العربية ومنحها سيلاً من حسن السبك، وعذوبة في السجع، ومن البلاغة والبيان ما كان قد عجز عنه بلغاء العرب جميعاً، حتى أصبحت بفضل القرآن الكريم اللغة الوحيدة المحفوظة من الاندثار، حيث إنّ العديد من اللغات السامية الأخرى قد أبيدت واندثرت مع مرور الزمن.

القرآن الكريم كتاب تنزيل حكيم يجمع بين صفحاته 114 سورة مصنّفة حسب مكان نزولها إلى مكية ومدنية، وقد استغرقت فترة نزول القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مدة 23 سنة تقريباً، في مكة 13 سنة وفي المدينة المنورة 10 سنين.

تثبيت حفظ القرآن الكريم

يتسابق المسلمون إلى حفظ القرآن الكريم وتطبيق أحكامه وتجويده تقرّباً إلى الله تعالى والمضي على عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى عهد الصحابة رضوان الله عليهم، وحتى تتمكن من نيل شرف حفظ القرآن الكريم يجب أن تتبّع خطوات وطرق معينة لا بد منها حتى تكون بذلك قد نلت الشرف، خطوات ما قبل البدء بحفظ القرآن الكريم :

  • إخلاص النية لوجه الله تعالى: على المسلم العازم على حفظ القرآن الكريم أن يخلص النية لله تعالى في نيته لحفظ القرآن الكريم، وأن يكون ابتغاء مرضاة الله عز وجّل وتقرباً منه وليس لأي شيء من أمور الدنيا من مال أو سمعة أو غيرها تنفيذاً لقوله تعالى: "قل إنّي أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين".
  • الإلحاح في الدعاء لله تعالى: من المتعارف به بأن الله تعالى يحب العبد اللحوح بالدعاء، وخاصة في الأمور التي تدعو إلى التقرب منه وابتغاء مرضاته، وأنّ الله سبحانه وتعالى هو الذي بيده أن يجعل الإنسان يقرأ ولا ينسى ما حفظ، ويستحب الدعاء في الأوقات التي من المرجو قبول الدعاء بها كجوف الليل وأدبار الصلوات ووقت السحر.
  • الإكثار من الاستغفار والابتعاد عن ارتكاب الذنوب: حتى تكون طاهر القلب مما ارتكبت من ذنوب يستوجب عليك بأن تكثر من الاستغفار فإنها جالية للذنوب والهموم وتفتح أبواب الفرج بما فيها القدرة على الحفظ، وذلك أيضاً ليصلح قبول القرآن وحفظه.
  • التحلي بالصبر والعزيمة: في بداية الأمر قد يجد المسلم صعوبة في حفظ القرآن الكريم ولكن مع التحلي بالصبر وتقوية العزيمة بالإصرار على بلوغ الهدف وهو حفظ القرآن الكريم وبالتالي مرضاة الله تعالى وستجد مع الوقت بأن الله ييسّر أمرك في الحفظ، قال تعالى: "إن مع العسر يسرا".
  • تخصيص وقت لحفظ القرآن الكريم: من المتعارف حياة الفرد اليومية بأنّها تكون بالمشاغل الدنيوية، ولكن يجب على كل مسلم عازم جدياً على حفظ القرآن الكريم أن يترك بعضاً من أموره الدنيوية لحفظ القرآن الكريم.
  • تخصيص ورد يومي للحفظ وللقراءة: منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان السلف يخصّصون وقتاً للقراءة وحفظ القرآن الكريم إمّا خمساً خمساً أو عشراً عشراً، وعليه تحديد العدد الذي يريد أن يحفظه من الآيات يومياً وأن يحرص على التكرار وتسميع مايحفظ، وأن لا يترك يوماً دون حفظ، ولا تحمّل نفسك طاقة فوق طاقتها احفظ بقدر استطاعتك.
  • مداومة التلاوة والدراسة: إذا بدأت بالتهاون في حفظ القرآن الكريم واستعادة ما حفظت فإنّه مع الوقت ستنسى ذلك، لذلك يتوجب عليك أن تداوم على إعادة ماحفظت وعدم هجر القرآن بتاتاً.
  • التبكير في حفظ القرآن الكريم: دعا الرسول صلى الله عليه وسلم ربه بأن يبارك لأمته في البكور، وكل شيء مبكر يكون مباركاً، لذلك احرص على حفظ وردك من القرآن الكريم بعد الانتهاء من صلاة الفجر حتى يشملك دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم بالبركة وأن يكون أوّل أعمالك قبل الإنصراف للانشغال بالأمور الدنيوية.
  • مرافقة أهل الذكر: احرص أخي المسلم حتى تستفيد من حفظك للقرآن الكريم أكثر أن تصاحب أهل القرآن الكريم وداوم على تسميع ما حفظت من القرآن الكريم لهم، كما عليك أن تستمع لهم حتى لا تملّ وأنت منفرد في ذلك وااإلتزام بالوقت وعدم التهاون في ذلك وبالإضافة إلى تطبيق وتعلّم أحكام التجويد على أكمل وجه.
  • أداء الصلاة: من المفروض أن يكون أي مسلم مصلياً، وخاصة من يتوجهوّن إلى حفظ القرآن الكريم لذلك حافظ على أداء الصلاة واحرص على تلاوة ما حفظت من القرآن الكريم في صلاتك وكتابته، كما يستحبّ تلاوته في كل أوقاتك حتى تتذكره دائماً.
  • تفسير القرآن: قد تصادفك في القرآن الكريم أثناء حفظك وتلاوتك له ألفاظاً غريبة لا تعرف معناها وحتى يصبح من السهل عليك حفظها يتوّجب عليك الاطلاع على معناها.
  • آداب قراءة وحفظ القرآن الكريم: على المسلم الالتزام بآداب قراءة القرآن الكريم من خشوع واستحباب تحسين الصوت وترتيل وتدبّر.

إن لقراءة القرآن الكريم وحفظه أهمية وفضل كبيرين في حياة الإنسان، إذا كانت الكتب التي يخطها القلم البشري لها تأثير على حياتك بشكل إيجابي فما بالك بقراءة كتاب تنزيل العزيز الحكيم؟، ويبقى تاثير الكتب المنسابة من الفكر البشري ذات تأثير محدود على حياة الإنسان،ولن تتمكن التطرّق إلى جميع ما يهم الإنسان، بينما القرآن الكريم هو كتاب يحتاجه الإنسان في حياته الدنيوية والأخرة، فهو الهادي إلى الطريق الحق.

مهما قرأت القرآن الكريم، في كل مرة ستشعر بأن هذه المرة الأولى التي تقرأه بها، ولا ينتابك الملل، بالإضافة إلى أنه من أراد الغوص في اللغة العربية القويمة السليمة ماعليه سوى قراءة القرآن الكريم والتدبر في تراكيب ومعاني مفرداته، لذلك ترى بأن حفظة القرآن الكريم من أكثر الناس فصاحة باللسان ولسانهم أطلق ممن هم دونهم من قراءة القرآن الكريم وحفظه.