كيف الخشوع في الصلاة

كيف الخشوع في الصلاة
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

مكانة الصلاة في الإسلام

تعدّ الصلاة أعظم ركن من أركان الإسلام بعد الشهادتين؛ وهي الركن الثاني من الأركان، حيث ورد في الحديث النبوي قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ الإسلامَ بُنِيَ على خَمسٍ، شَهادةِ أنَّ لا إلَه إلَّا اللَّهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وصيامِ رمضانَ، وحَجِّ البيتِ)،[1] وهي أوّل ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة فيما عمله من أعمال في حياته الدنيا، وهي الخط الفارق بين المسلم وغير المسلم، وهي الحاجز بين العبد والمعاصي، وهي آخر ما أوصى به النبي صلّى الله عليه وسلّم، فهي كفارة لذنوب العبد وخطاياه، قال الله تعالى في القرآن الكريم: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)،[2] وهي نور للعبد المسلم، وبأركان الإسلام يبلغ العبد منزلة الصديقين والشهداء، كما أنّ أدائها في وقتها من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى.[3]

معنى الخشوع

كلمة الخشوع كغيرها من الألفاظ في اللغة العربية لها معنى لغوي ومعنى اصطلاحي، وفيما يأتي بيان كلا المعنيين:

  • الخشوع في اللغة: اسم من الفعل خَشَعَ، ويرد في اللغة على عدّة معانٍ؛ منها: خشع بمعنى ذلّ، وخشع بمعنى خاف، ويُقال: خشع بصره؛ أي انكسر، وخشع الصوت؛ أي انخفض، وخشعت الشمس؛ أي مالت للغروب، وخشع الورق؛ أي ذَبُل، وخشعت الأرض؛ أي يبست ولم يصبها المطر، وخشع لله؛ أي استكان له وركع.[4]
  • الخشوع في الاصطلاح: هو لين قلب العبد، وخضوعه، ورقّته، وسكونه، وحضوره وقت تَلبُّسه بطاعة الله تعالى، فتتبعه جميع الجوارح والأعضاء ظاهراً وباطناً؛ لأنّ الجوارح والأعضاء تابعة للقلب، وهو أميرها، وهي جنوده.[5]

كيفيّة الخشوع في الصلاة

حتى يتمكّن العبد من تحقيق الخشوع في الصلاة؛ يتوجّب عليه القيام بعدّة أمور؛ منها:[6]

  • معرفة العبد بالله تعالى؛ فمعرفة العبد بخالقه وبأسمائه وصفاته يولّد في النفس البشريّة دوام استحضار مراقبة الله، والعلم اليقيني بلا إله إلّا الله من شأنه أن يُثمر في القلب طاعة الله والإذلال والانكسار له في جميع الأحوال والأوقات.
  • تعظيم قدر الصلاة؛ ويحصل ذلك تبعاً لتقدير العبد لربّه، فإذا علم العبد أنّه يقف بين يدي الله وأنّ الله مقبل عليه وهو في صلاته، كان من شأن جوارحه أن تخشع.
  • استعداد العبد لأداء الصلاة وأدائها في وقتها؛ فإسباغ الوضوء وتفرّغ القلب من كل ما يُشغله من أمور الدنيا وهمومها، وإقامة الصلاة على الوجه الذي أمر به الله -تعالى- من شأنه تحقيق الخشوع في الصلاة ومن ثمّ الفوز بمحبّة الله ورضوانه.
  • تعلّم فقه الصلاة والعلم بأحكامها؛ فعندما يكون العبد عالماً بأحكام الصلاة من أركان وشروط وواجبات وسنن؛ يستطيع أن يتعبّد الله بكلّ حركة وكلّ دعاء في الصلاة.
  • اتخاذ السترة في الصلاة؛ حتى لا يُشغل الذهن أي شاغل، ولا يمرّ بين يديه ما يقطع عليه صلاته، فتتحقّق السكينة والهدوء في قلب المصلّي.
  • تكبيرة الإحرام مع تصوّر عظمة الله -تعالى- في الكون، والتدبّر في حقيقة التكبير وأسراره.
  • التأمّل في دعاء الاستفتاح والمعاني العظيمة التي يتضمّنها، وهو: (وجَّهتُ وجهي للذي فطر السماواتِ والأرضِ حنيفاً وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونسُكي ومحيايَ ومماتي لله ربِّ العالمين لا شريك له وبذلك أُمِرتُ وأنا من المسلمِين).[7]
  • تدبّر ما يُقرأ من القرآن الكريم في الصلاة؛ فالتدبّر من أعظم أسباب الخشوع في الصلاة، لما تشتمله آيات القرآن الكريم من الوعد والوعيد، وأحوال الموت، وأهوال يوم القيامة، وأصناف النّاس، وبيان أحوال أهل الجنّة وأهل النّار.
  • التذلّل لله -تعالى- في الركوع، والتفكّر في عظمة الله وسلطانه وملكوته، والتفكّر في قدر الله تعالى، وفي حاجة العبد وفقره لله، وعند القيام من الركوع يحمد العبد الله على نعمه.
  • استحضار القرب من الله في السجود؛ فسجود العبد بين يدي الله من أعلى درجات الخضوع والاستكانة للخالق، فاستحضار القلب لمعنى السجود ومعنى القرب من الله -تعالى- يزيد الخشوع والخضوع.
  • استحضار المعاني العظيمة في التشهّد.
  • عدم الالتفات في الصلاة؛ لِما في ذلك من تضييع الخشوع وعدم التفكّر والتدبّر بأقوال الصلاة.
  • التأنّي والطمأنينة في أداء الصلاة.
  • اختيار المكان المناسب لأداء الصلاة، بحيث يكون بعيداً عن التشويش الذي يضيّع الخشوع في الصلاة.
  • اختيار اللباس المناسب للصلاة الذي لا يُشغل الذهن عند ارتدائه بزخرفته وألوانه.
  • الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ومن وسوسته.
  • ملازمة التوبة والاستغفار في جميع الأحوال، والاجتهاد في قيام الليل والدعاء.
  • الإكثار من أداء النوافل؛ فهي من أسباب محبة الله -تعالى- للعبد.
  • الإخلاص لله والصدق معه.
  • إدراك حال الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين في الصلاة، والاهتداء بهديهم فيها.[8]

فوائد الخشوع في الصلاة

إنّ الخشوع في الصلاة له فوائد عظيمة؛ وفيما يأتي أهمّ الفوائد:[9]

  • جعل الصلاة محبوبة عند المصلّي ويسيرة عليه؛ قال الله تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ*الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُون).[10]
  • النّهي عن الفحشاء والمنكر، قال الله تعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).[11]
  • جلب البكاء من خشية الله الذي يعدّ سبباً من أسباب دخول الجنة.
  • تخيف هول الوقوف بين يدي الله -تعالى- على العبد يوم القيامة.
  • التقرّب من الله تعالى.
  • زيادة إيمان العبد بربّه.
  • إزالة هموم القلب وشرح الصدر.

المراجع

  1. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
  2. ↑ سورة هود، آية: 114.
  3. ↑ د. أمين بن عبد الله الشقاوي (30-1-2010)، "الصلاة ومكانتها في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-4-2018. بتصرّف.
  4. ↑ "تعريف ومعنى خشوع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-4-2018. بتصرّف.
  5. ↑ د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، الخشوع في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة، السعودية: مطبعة سفير، صفحة 13. بتصرّف.
  6. ↑ أبو بكر، "كيف تخشع في الصلاة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-4-2018. بتصرّف.
  7. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 3422، صحيح.
  8. ↑ "الخشوع في الصلاة"، www.ar.islamway.net، 7-10-2004، اطّلع عليه بتاريخ 26-4-2018. بتصرّف.
  9. ↑ د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، الخشوع في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 134-139. بتصرّف.
  10. ↑ سورة البقرة، آية: 45-46.
  11. ↑ سورة العنكبوت، آية: 45.