كيف كانت الجزائر قديماً

كيف كانت الجزائر قديماً

الجزائر

تُعرَف رسميّاً باسم جمهوريّة الجزائر الديمقراطيّة الشعبيّة؛ لأنّ نظام الحُكْم فيها جمهوريّ، وعاصمتها هي مدينة الجزائر، وهي دوله تقع شمال قارّة أفريقيا، ولها حدود بريّة، وبحريّة؛ حيث يَحدُّها البحر الأبيض المُتوسِّط شمالاً، وتَحدُّها من الشرق تونس بحدود يبلغُ طولها 1,034كم، وليبيا بحدود يبلغُ طولها 989كم، ومن الجنوب تَحدُّها النيجر بحدود يبلغُ طولها 951كم، ومالي بحدود طولها 1,359كم، وتَحدُّها من الغرب موريتانيا بحدود طولها 460كم، والمغرب بحدود يبلغُ طولها 1,900كم.[1][2]

وتبلغُ مساحة الجزائر الإجماليّة نحو 2,381,741كم2، أمّا عدد سُكّانها فهو نحو 40,969,443 نسمة، يتركَّز مُعظمُهم على طول ساحل البحر الأبيض المُتوسِّط؛ أي شمال البلاد، ويتحدَّث سُكّان الجزائر اللغة العربيّة كلُغة رسميّة، بالإضافة إلى اللغة الفرنسيّة، واللغة الأمازيغيّة في المناطق القبليّة، وأغلب سُكّان الجزائر هم من المسلمين، كما يُوجَد فيها ديانات أخرى، مثل: المسيحيّة، واليهوديّة، ويتشكَّل 99% من سُكّان الجزائر من العرب الأمازيغ، كما تُوجَد أقليّات من الأوروبّيين بنسبة 1%.[1][2]

وتتمتَّع الجزائر بمناخ مُعتدل ورَطْب شتاءً، في حين يكون المناخ حارّاً وجافّاً صيفاً، أمّا مواردها الطبيعيّة، فهي: النفط، والغاز الطبيعيّ، والفوسفات، والرصاص، واليورانيوم، والحديد، والزِّنك أيضاً، ومن أهمّ مُنتَجاتها التي تُساهمُ بشكل كبير في اقتصاد البلاد: البترول، والغاز، والقمح، والشعير، والحمضيات، والزيتون، بالإضافة إلى بعض الصناعات الخفيفة، وصناعات التعدين، وصناعة الموادّ الكيميائيّة.[1]

الجزائر قديماً

كانت الجزائر تُعرَف قديماً باسم (أكسوم)، وقد أُطلِق هذا الاسم عليها من قِبَل الفينيقيّين عندما أسَّسوها، حتى جاء الملك المعروف باسم (بابكين بن زيري الصنهاجيّ)، وخطَّط لمدينة جديدة أسماها (جزائر بني مزغنة)، والتي أصبح اسمها الجزائر فيما بعد، أمّا اسم الجزائر فقد أُطلِق عليها؛ لأنّها احتوَت على العديد من الجُزُر الصغيرة التي تمَّ طَمْرها لتُصبِحَ الأرض كلُّها يابسة تمتدُّ إلى البحر،[3] ويعود ظهورُ أوّل إنسان في الجزائر إلى ما يُقارِب 1500 سنة ق.م، حيث كان ظُهوره في العَصر الباليوثي، كما دلَّت الأبحاث الأثريّة على وجود آثار تُشيرُ إلى أنّ منطقة الجزائر كانت قد سُكِنت قَبْل نحو 500,000 سنة، إضافة إلى أنّ سُكّان الجزائر الأوائل كانوا يُعرَفون باسم البَربَر، وكانت حضارَتُهم تُعرَف باسم الحضارة الليبيّة الأمازيغيّة.[4]

أمّا عن اتِّخاذ منطقة الجزائر شكل دولة، فقد كان هذا في عَهد النوميديِّين، وتحديداً عندما تولَّت العرشَ ملكةٌ نوميديّة في عام 203 ق.م؛ حيث إنّه في عَهدها أصبحت الدولة قويّة اقتصاديّاً، وسياسيّاً، كما أنّها نهضَت بها على المستويَين: الزراعيّ، والتجاريّ أيضاً، وبلغَت أوج ذُروتها، حيث إنّها كانت الوجهة الأساسيّة التي تَمدُّ روما بالحبوب، وقد كانت حدودها في هذه الفترة قريبة إلى حدٍّ كبيرٍ من الحدود الحاليّة لها،[4] ويجدر الذِّكر أنّ الجزائر جزءٌ من الوطن الكبير الذي عُرِف قَبْل مجيء الفينيقيِّين إليها، حيث كانت تُعرَف باسم ليبية، وكانت ليبية تتشكَّلُ من الجزائر، وتونس، ومراكش، وطرابلس، أمّا اسم دولة الجزائر، فقد اشتُقَّ من اسم عاصمتها، كما أنّ الجزائر انفصلت عن بقيّة الدُّوَل الأخرى فيما بعد.[5]

آثار الجزائر في العَهد القديم

في ما يتعلَّق بالآثار التي خلَّفَها الجزائريّون القُدماء، وَجَد الباحثون أنَّها تتألَّف من منازلهم التي وُجِدت في الأماكن المرتفعة، كما وُجِدت في أماكن منخفضة أيضاً؛ حيث وُجِدت بالقُرْب من الكهوف، والعيون، والقبور التي دفنوا فيها موتاهم، إذ كانت هذه القبور إمّا مُتفرِّقة؛ أي أنّ كلَّ قَبْر كان على حِدة، أو مُجتمِعة بالقُرب من بعضها فوقَ الهِضاب، وفي الكهوف،كما أنّهم كانوا يضعون صندوق الموتى في التراب، ثمّ يحيطونه بالحجارة التي تُرَصُّ فوقَ بعضها البعض دون أن يضعوا الطين بينها، أو أنّهم يضعون الحجارة حول الصندوق، بحيث يبقى الجزء الأعلى منه مكشوفاً تُوضَع فوقَه الحجارة دون طَمْره بالتراب كاملاً، أمّا الآلات الحيويّة الخاصّة بهم فهي الآلات التي صنعوها واستخدموها في حياتهم اليوميّة.[6]

وتتمثَّل هذه الآلات في الهراوي الحجريّة التي لم يكونوا يتقنون صُنْعها بشكلٍ كبيرٍ، إضافة إلى المناقير، أمّا ما أتقنوا صُنْعه من هذه الآلات فهي الفؤوس الحجريّة، والإِبَر المصنوعة من العِظام، والأواني الطينيّة، وقد وُجِدت بعض مُقتنياتهم التي لم يصنعوها بأنفسهم، كالأصداف البحريّة، والبرّية، وعِظام الحيوانات المُختلفة، مثل: الغزال، والحمار، والخنزير، وغيرها، بالإضافة إلى عِظام الحيوانات التي فَنِيَت وانقرَضَت، كبعض أنواع الفِيَلة، كما وُجِدت أيضاً بعض الأدوات الأخرى التي كانوا يتزيَّنون بها، كبَيْض النَّعام.[6]

الحياة في العَهد القديم للجزائر

سَكَن الجزائريّون القُدماء في الأكمات، والهِضاب، إذ كانوا يهتمّون عند اختيارهم للمأوى بأن يكون مُرتفِعاً، حيث كانوا يبنون المُدُن والقُرى خاصّتهم في تلك الأماكن؛ بسبب قوّة الرياح التي تَنسِفُ الثلوج المُتراكِمة على البيوت، والأراضين وتنقُلها إلى الأماكن المُنخفِضة، وكانت مساكنهم داخل المُدن والقُرى مَبنيّة من الأخشاب، ومُركَّبة بطريقة تُسهِّل عليهم نَقْلها إن هم أرادوا الرحيل، إضافة إلى أنّهم كانوا يُحيطون المُدن والقُرى بالحجارة الضخمة غير المنحوتة جيّداً، والجدير بالذِّكر أنّهم لم يكونوا يرحلون من بيوتهم إلّا في حال تعرُّضِهم لخَطَر لا يَستطيعون مُقاوَمته، عِلماً بأنّهم كانوا ينقلون بيوتَهم في حال الرحيلن وذلك باستخدام عربات خاصّة.[6]

وكان الجزائريّون القُدماء يرتدون جلودَ الحيوانات التي كانوا يصطادونها، وارتداؤُهم لهذه الجلود -كما توصَّل علماء الآثار- يدلُّ على أنّه كان هناك مدابغ خاصّة لدباغة الجلود، وخياطتها بحيث تُصبحُ صالحةً للاستخدام، ولم يكونوا يَكشِفون رؤوسَهم؛ ويبدو ذلك واضحاً من خلال التماثيل الحجريّة التي تُصوِّر الإنسان في ذلك الوقت وهو يَضَع شيئاً على رأسه، أمّا حُلِيّهم وزينتهم فكان معظمها من بَيْض النَّعام، والأصداف، وبالتطرُّّق إلى مأكَلِهم، فإنّه يجدر الذِّكر بأنّهم كانوا يأكلون لحوم الحيوانات التي كانوا يصطادونها، بالإضافة إلى ثِمار بعض الأشجار، وخشاش الأرض، وكانوا يُربّون الحيوانات أيضاً، كالحمير، والماعز، والضَّأن، والبَقَر، وكانوا يركبون الخَيْل أيضاً، ويُعتقَد أنّهم جَلَبوا الخَيل من مصر.[6]

نبذة عن تاريخ الجزائر

سَكَن التجّار الفينيقيّون الجزائر خلال الفترة ما بين عامَي 1000 و900 ق.م، وهم من أسَّسوا مدينة قرطاج التي تُعتبَر إحدى مُدن تونس حاليّاً، وقد أنشأوا منذ وصولهم علاقات تجاريّة مع البَربَر وهم سُكّان الجزائر، وعندما قَوِيَت شوكة القرطاجيِّين، بدأ البَربَر يُعِدّون العُدّة ويُجهِّزون جيوشَهم، وما إن حلَّ القرن الرابع عشر، حتى أصبحوا جزءاً لا يتجزَّأ من جيش قرطاج، إلّا أنّ الجنود البَربَر تمرَّدوا على القرطاجيِّين بعد الحرب البونيّة الأولى بين روما، وقرطاج؛ إذ إنّهم لم يتقاضَوا أجراً مقابل عملهم، وبتمرُّدهم استطاعوا السيطرة على قِسم كبير من أراضي قرطاج في شمال أفريقيا، وبذلك يكون القرطاجيِّون قد بدأوا بالضَّعف والانحدار، إذ انتهت دولتهم بحلول عام 146ق.م، وبانتهائها رأَت روما أنّ فرصة توسُّعها في المنطقة قد ازدادت، وبالفعل توسَّعت وامتدَّت سُلطَتها.[7][8][9]

أمّا العرب، فقد سكنوا الجزائر في منتصف القرن السابع الميلاديّ؛ أي نحو عام 683م، ومع مجيء العرب، انتشرَ الإسلام، كما انتشرت اللغة العربيّة، الأمر الذي ساهم في حدوث تطوُّرات اقتصاديّة، واجتماعيّة كبيرة، ومنذ أن سكنَها العرب، تعاقبَت عليها الحضارات، كما توالَت عليها الغزوات العسكريّة، إلى أن أصبحت ولاية عثمانيّة، والجدير بالذِّكر أنّه بعد أن سيطرَ العثمانيّون على طرابلس، والمغرب، وتونس، أصبحت الجزائر عاصمة لهذه الولايات العثمانيّة، وذلك بعد أن تعرَّضَت الجزائر، وسواحل المغرب للاحتلال من قِبَل الإسبان، حيث تمكَّن العثمانيّون من طَرْد الإسبان من الموانئ التي احتلّوها باستثناء وهران، ومع ذلك لم يستسلم العثمانيّون، إذ طَرَدوا الإسبان نهائيّاً في عام 1708م، وأصبحت الجزائر عاصمة للمغرب الأوسط آنذاك.[7][8][9]

أمّا عن كون الجزائر مُستعمَرة فرنسيّة سابقة، فقد بدأ ذلك عندما غَزَت فرنسا الجزائر في عام 1830م، لأسباب تمثَّلت في أطماعها فيها، إذ إنّ فرنسا كانت قد فقدَت مُستعمَراتها في حروب نابليون، وكانت تَودُّ بناء إمبراطوريّة خاصّة بها من جديد، و هذه الأطماع في الجزائر هي أسباب غير مُباشِرة للغَزْو، أمّا السبب المُباشِر في أنّ فرنسا ابتاعت من الجزائر حبوباً بثمن مُؤجَّل؛ لأنّها كانت تَمرُّ بضائقة ماديّة شديدة، وذلك في عام 1797م، وكان التاجران اللذان عقدا الصفقة يهوديَّين متآمرَين مع فرنسا، حيث كانت فرنسا تَتباطأُ بدَفْع ما عليها مع طَلَب الجزائر المُتكرِّر لأموالها، فاتَّخذَت فرنسا من هذه الحادثة سبباً لغَزْو الجزائر، وفي عام 1839م أعلنَ عبد القادر الجزائريّ المُقاوَمة الرسميّة للاحتلال الفرنسيّ، واستمرَّت المُقاوَمة منذ ذلك الوقت، حتى تمَّ الحصول على الاستقلال التامّ في عام 1962م.[7][8][9]

المراجع

  1. ^ أ ب ت "الجزائر"، www.aljazeera.net، 2014-9-21، اطّلع عليه بتاريخ 2018-6-27. بتصرّف.
  2. ^ أ ب " Geography, ALGERIA", www.cia.gov, Retrieved 2018-6-27. Edited.
  3. ↑ عبدالله محمد أبو علم ، أسماء ومسميات فلسطينية وعربية وأجنبية، الأردن : دار الفلاح للنشر ةالتوزيع ، صفحة 212. بتصرّف.
  4. ^ أ ب هيئة من المؤلفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية )، الرياض- المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة لنشر والتوزيع، صفحة 310، جزء 8 (ث-ج). بتصرّف.
  5. ↑ مبارك بن محمد الميلي ، تاريخ الجزائر في القديم والحديث، لبموسوعة الوطنية للكتاب ، صفحة 45، جزء الأول. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت ث مبارك بن محمد الميلي ، تاريخ الجزائر في القديم والحديث، الموسوعة الوطنية للكتاب، صفحة 65-70، جزء الأول. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت "Algeria", www.worldatlas.com, Retrieved 2018-6-27. Edited.
  8. ^ أ ب ت هيئة من المؤلفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض- المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة لنشر والتوزيع، صفحة 315-318، جزء 8 (ث-ج). بتصرّف.
  9. ^ أ ب ت "Algeria History Timeline", www.worldatlas.com, Retrieved 2018-6-27. Edited.