كيف كانت الحياة في الماضي

كيف كانت الحياة في الماضي

الحياة في الماضي

العالم قبل خمسمائة عام خلَت أو أكثر كان عالماً آخر، حيث كانت جوانب الحياة من تعليم واقتصاد وعناية صحية وغيرها مختلفة تماماً عمّا هي عليه الآن، فالتطوّر قد مس كل تلك الجوانب عبر السنين، وحسّن جودة الحياة للأفراد العاديين، الذين لم يكونوا ملوكاً أو نبلاء، وفي هذا المقال سيتم التطرق إلى بعض هذه الجوانب وذكر أمثلة على كل منها، للحصول على صورة توضيحية عن العالم وما كان عليه.

التعليم

في العادة ما كان تعلُّم القراءة والكتابة يقتصر على الأغنياء والنبلاء من الناس، أما عامة الشعب فقد اقتصر تعليم الفتيات على بعض فنون الخياطة والحياكة والطهو ونحو ذلك من أمهاتهن، وأما الفتيان فقد تعلموا ما كان آباؤهم يتقنونه من الحرف المختلفة؛ فالنجار مثلاً يعلم أبناءه النجارة، والمزارع يعلم ابنه غرس البذار والحرث وغير ذلك من أمور الزراعة، وفئة قليلة ممن تعلموا الكتابة من الأغنياء يمكن أن يكمل تعليمه ليكون معلماً أو طبيباً ونحو ذلك.

وقد يختلف ذلك من بلد لآخر؛ ففي بعض البلدان التي عُرف عنها ازدهار مختلف أنواع العلوم لديها في قديم العصور مثل اليونان، كانت بعض الفتيات يتعلمن القراءة والكتابة من أمهاتهن بالإضافة إلى الحياكة والخياطة، وكان الفتيان ميسوري الحال، يذهبون إلى مدارس لتعلم القراءة والكتابة والشعر والموسيقى، بعكس الفتيات اللواتي اقتصر تعليمهن على المنزل.

وفي روما القديمة كان يتم تعليم الفتيان والفتيات في المنزل، بتوفير معلم أو عدة معلمين بحسب مقدرة الأهل المادية لتعليم القراءة والكتابة، ثم الحساب والتاريخ والأدب، ولكن أغلب الفتيان ذوي المقدرة المالية المتوسطة كانوا يتعلمون ذلك في مدارس، على عكس الفتيات، ويجدر الإشارة إلى أن الغالبية العظمى من الفقراء والفلاحين كان يسودها الجهل والأمية، واقتصر تعلمهم على حرفة ليقتاتوا بها للفتيان، والغزل والحياكة للفتيات.

التنقل

كان التنقلُ السائدُ لعامّة الشعب هو مشياً على القدمين، حتى لو كان المكان بعيداً، في حين كان تنقلُ الأغنياء والنبلاء إما بركوب حصان أو بركوب عربة مغلقة تجرّها أحصنة، وكانت الرحلات هذه تأخذ وقتاً طويلاً مقارنة بعصرنا الحالي، وكان يعد التنقل مخاطرة؛ فكانت الطرق مقفرة وغير واضحة، وإذا أصيب أو مرض أحد الأشخاص وهو بالطريق فلا مجال لطلب المساعدة من أحد.

وأما التنقل في البحار أو الأنهار فكان في البداية مقتصراً على القوارب الصغيرة الحجم، فلا يسع القارب سوى عدة أشخاص ومع مرور الوقت أخذت الصناعة القوارب بالتحسن، وأخذت القوارب تكبر وتتسع لعدد أكبر من الناس، وكانت الرحلات البحرية قصيرة ولأماكن محددة ، ووجب ركوب أكثر من قارب للوصول إلى المكان المرغوب بالوصول إليه، ولكنها أصبحت بعد تطورها تسافر مسافات أطول، ولكنها لم تكن تقطع القارات مثل البواخر الكبيرة في عصرنا الحالي.

الرعاية الصحية ومعدّل الأعمار

كان من النادر أن يحظى الفقراء وعامة الشعب بالرعاية الصحية اللائقة، واقتصر الأمر على بعض الأعشاب التي تُزرع في كل مكان، ولا تحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة لشرائها، أما الأغنياء فقد تمتعوا بميزة زيارة الأطباء والحكماء، ولم يكن الأطباء كُثراً كما هو الحال في العصر الحالي، حيث كان قديماً كثيراً ما يستلزم السفر للوصول إلى طبيب.

واقتصر العلاج الذي يوفره أولئك الأطباء على بعض الأدوية المصنوعة من مُستخلصات الأعشاب وزيوتها المختلفة، وبالإضافة إلى خياطة الجروح وتضميدها وتجبير الكسور، ولم تكن العمليات الجراحية ممكنة في العصور القديمة؛ بسبب عدم توفر بيئة معقمة للعمل فيها، وعدم توفّر الأدوات الجراحية المناسبة، ويجدر الإشارة أن زيارة الطبيب كانت مكلفة جداً؛ وهذا ما جعل زيارة الأطباء على الأغلب للأغنياء وميسوري الحال.

وبالتأكيد كان معدل الوفيات بين الأطفال الصغار عالياً جداً مقارنة بالوقت الحال، وكانت الحمى البسيطة أو نزلات البرد كفيلة بقتل الأطفال، لعدم توفر الدواء المناسب، بالإضافة إلى أن النمو في بيئة يسودها الفقر يتسبب بأمراض فقر الدم وسوء التغذية، وبالتالي لا يتمتع صغار الفلاحين والفقراء بنفس مقار الصحة التي قد يتمتع بها صغار النبلاء والأغنياء.

و كثيراً ما كانت حالات الولادة تنتهي بموت الأم أو الطفل أو الإثنين معاً، لعدم متابعة مراحل الحمل، كما يحدث في عصرنا الحالي، وكون أن عملية الولادة كانت تتم دون إشراف شخص مختص ومؤهل لمتابعتها، وفي حدوث أية مضاعفات؛ مهما كانت طفيفة، لم يكن يتوفر العلاج لها، ولأسباب مشابهة أيضاً، كان عدد قليل من الناس الذين يعيشون مدة خمسين عاماً من العمر، مقارنة بالعصر الحالي، لأن المناعة تقل بشكل طبيعي مع الكبر في العمر، و لأن تأثير سوء التغذية مختلف على كبار السن.