كيف كان يصلي الرسول

كيف كان يصلي الرسول

الصَّلاة

تُعرّف الصلاة لغةً بالدعاء،[1] أما اصطلاحاً فتُعرّف على أنها عبادةٌ ذات أقوالٍ وأعمالٍ مخصوصةٍ، تُفتتح بالتكبير، وتُختتم بالتسليم، ومن الجدير بالذكر أن الصلاة من أهم العبادات، فهي ثاني أركان الإسلام بعد الشهادتين، وعمود الدين الذي لا يقوم إلا به، بالإضافة إلى أنها سبب لمغفرة الذنوب والخطايا ما لم تُرتكب الكبائر، ومما يدل على عظم أهمية الصلاة أنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإذا صلُحت فاز وأفلح، وإذا فسدت خاب وخسر.[2]

كيفية صلاة الرسول عليه الصلاة والسلام

كانت صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تخفيفاً في تمام، أي إنه كان يُتم ركوعها، وسجودها، واعتدالها بعد الركوع، والجلوس بين السجدتين، ولكن من غير أن يطيل على الناس أو يشقّ عليهم، مصداقاً لما رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (ما صَلَّيْتُ ورَاءَ إمَامٍ قَطُّ أخَفَّ صَلَاةً، ولَا أتَمَّ صَلَاةً مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ)،[3] وكان -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في الظهر من أوساط المفصل، وفي العصر أخف من ذلك، وينوّع في المغرب فيقرأ تارةً من قصاره، وتارةً من أوسطه، وتارةً من طواله، وفي العشاء يقرأ بأوساط المفصل، وفي الفجر يقرأ من طوال المفصل؛ كقاف، والطور، والذاريات، وغيرها، وقد كان -عليه الصلاة والسلام- يقول: (صَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)،[4] وفيما يأتي بيان كيفية صلاته:[5][6]

  • استقبال القبلة: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستقبل الكعبة المشرفة قبل الدخول في الصلاة، وتجدر الإشارة إلى أن استقبال القبلة من أركان الصلاة.
  • القيام: والقيام في الصلاة ركنٌ من أركانها، وعند القيام إلى الصلاةِ يجب الدنوّ من سترة مرتفعة عن الأرض مقدار شبرٍ كحدٍ أدنى، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تُصَلِّ إلَّا إلى سُترةٍ ولا تدَعْ أحدًا يمُرُّ بينَ يدَيْك فإنْ أبى فلتُقاتِلْه فإنَّما هو شيطانٌ).[7]
  • النية: والنية محلها القلب، وهي شرط لصحة الصلاة أو ركن، إذ يجب تعيين الصلاة المراد أداؤها في القلب.
  • التكبير: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستفتح الصلاة بقول: "الله أكبر"، وتكبيرة الإحرام ركن، مصداقاً لما رُوي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (مِفتاحُ الصلاةِ الطُّهورُ وتحريمُها التكبيرُ وتحليلُها التسليمُ)،[8] ولم يكن يرفع صوته بالتكبير إلا إذا كان إماماً، وكان يرفع يديه مبسوطتا الأصابع مع التكبير تارة، وبعده تارة، وقبله في بعض الأحيان، ثم يقبض باليد اليمنى على اليسرى، ويضعهما على صدره، ولا يلتفت بل ينظر إلى موضع السجود، ثم يستفتح بأحد أدعية الاستفتاح، وأشهرها: (سبحانكَ اللهمَّ وبحمدِكَ، وتباركَ اسمُكَ، وتعالَى جدُّكَ، ولا إلهَ غيرُكَ).[9]
  • القراءة: وكان -عليه الصلاة والسلام- يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم يُبسمل، ويقرأ الفاتحة كاملةً والبسملة جزءٌ منها، ويقف على رأس كل آية لا يصلها بما بعدها، ومن الجدير بالذكر أن قراءة الفاتحة في كل ركعةٍ ركنٌ من أركان الصلاة، ولا تصح الصلاة إلا بها، وبعد الفاتحة يقرأ ما تيسّر من القرآن الكريم، ويطيل في الركعة الأولى أكثر من الثانية، ويختلف طول القراءة من صلاة إلى أخرى كما أسلفنا.
  • الركوع: وبعد الانتهاء من القراءة، كان -عليه الصلاة والسلام- يسكت سكتةً لطيفةً بمقدار ما يترادّ إليه نفَسُه، ثم يرفع يديه ويكبّر لينتقل إلى الركوع، ويتمّ الركوع بوضع اليدين على الركبتين، ومدّ الظهر وبسطه، بحيث لو صُبّ عليه ماءٌ لاستقر، ويبقى راكعاً بالقدر الذي تستقر فيه المفاصل، ويأخذ كل عضوٍ مأخذه، وتجدر الإشارة إلى أن الركوع ركنٌ من أركان الصلاة، ويقول في ركوعه: "سبحان ربي العظيم" ثلاث مرات أو أكثر.
  • الاعتدال من الركوع: ثم يرفع صلبه من الركوع قائلاً: "سمع الله لمن حمده"، ورافعاً يديه إلى محاذاة منكبيه، ويقوم معتدلاً إلى أن يأخذ كل عظمٍ مأخذه، ثم: "يقول ربنا ولك الحمد"، والرفع من الركوع ركنٌ من أركان الصلاة.
  • السجود: ثم يكبّر للانتقال إلى السجود، حيث إن التكبير واجبٌ، والسجود ركنٌ، ويُستحبّ النزول للسجود على اليدين قبل الركبتين لتجنّب التشبّه ببروك البعير، وكان -عليه الصلاة والسلام- عند السجود يبسط كفيه، ويضم أصابعهما، ويوجّههما إلى القبلة، ويمكّن أنفه، وجبهته، وركبتيه، وأطراف قدميه على الأرض، ثم يقول: "سبحان ربي الأعلى" ثلاثاً.
  • الجلوس بين السجدتين: ثم كان -عليه الصلاة والسلام- يرفع رأسه من السجود مكبّراً حتى يطمئن جالساً، ويفرش رجله اليسرى فيقعد عليها، وينصب رجله اليمنى، ثم يقول: "اللهم اغفرْ لي، وارحمني واجبرني، وارفعني، وعافني، وارزقني".
  • السجود الثاني: ثم يسجد مكبّراً ويفعل ما فعله في السجدة الأولى.
  • الركعة الثانية: ثم ينتقل إلى الركعة الثانية مكبّراً، وعند النهوض يعتمد على يديه مقبوضتان كما يقبض العاجن، ثم يصنع فيها ما صنع في الركعة الأولى من غير دعاء الاستفتاح.
  • الجلوس للتشهد: وبعد الانتهاء من الركعة الثانية يجلس للتشهد، ويشير بأصبعه السبابة إلى القبلة وينظر إليها، ثم يقرأ التشهد، حيث يقول: (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ والصَّلَوَاتُ والطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ)،[10] ثم يصلّي على النبي.
  • الركعة الثالثة والرابعة: ثم ينتقل إلى الركعة التالية مكبّراً، وكان -عليه الصلاة والسلام- يرفع يديه أحياناً، وبعد القيام يقرأ الفاتحة ويضيف إليها آيةً أو أكثر أحياناً، ويصنع ما صنع في الركعة الأولى.
  • التشهد الأخير: وبعد الانتهاء من الركعة الأخيرة كان -عليه الصلاة والسلام- يجلس متورّكاً للتشهد الأخير، ويصنع فيه ما صنع في التشهد الأوسط، ويصلّي على النبي -عليه الصلاة والسلام- بأحد الصيغ الثابتة شرعاً، ثم يستعيذ بالله من أربع: فتنة المسيح الدجال، وفتنة المحيا والممات، وعذاب جهنم، وعذاب القبر.
  • التسليم: ثم يسلّم عن اليمين حتى يُرى بياض خدّه الأيمن، وعن يساره حتى يُرى بياض خدّه الأيسر.

مبطلات الصلاة

تبطل الصلاة بأحد أمرين؛ إما بترك واجبٍ، أو فعل محرّمٍ فيها، ويمكن ذكر بعض مبطلات الصلاة فيما يأتي:[11][12]

  • الأكل أو الشرب عمداً.
  • الكلام عمداً في غير مصلحة الصلاة.
  • العمل الكثير عمداً لغير ضرورة.
  • المشي في الصلاة.
  • الضحك والقهقهة.
  • الحدث في الصلاة.
  • ترك ركنٍ من أركان الصلاة.
  • ترك شرطٍ من شروط الصلاة.
  • ترك واجبٍ من واجبات الصلاة عمداً وبدون عذر.

المراجع

  1. ↑ "تعريف و معنى الصلاة في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-4-2019. بتصرّف.
  2. ↑ محمد الشوبكي (6-6-2015)، " تعريف الصلاة وفضلها وحكمها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-4-2019. بتصرّف.
  3. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 469، صحيح.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن الحويرث، الصفحة أو الرقم: 6008، صحيح.
  5. ↑ "صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 14-4-2019. بتصرّف.
  6. ↑ "كيفية صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-"، www.islamqa.info، 2001-05-17، اطّلع عليه بتاريخ 14-4-2019. بتصرّف.
  7. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2362، أخرجه في صحيحه.
  8. ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 8174، حسن.
  9. ↑ رواه الألباني، في أصل صفة الصلاة، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1/252، صحيح لغيره.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1202، صحيح.
  11. ↑ " مُبطِلاتُ الصَّلاةِ"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-4-2019. بتصرّف.
  12. ↑ "مبطلات الصلاة، وهل الشك مما يبطلها ؟"، www.islamweb.net، 2000-12-21، اطّلع عليه بتاريخ 14-4-2019. بتصرّف.