الصيد بالنسور

الصيد بالنسور

النَّسر أو العقاب

كلامنا لن يكون عن الصَّيد بالنُّسور، وإنِّما الصَّيد بالعقاب، فمعظم الناس في وقتنا لا يُفرِّقون بين النَّسر والعقاب، حيث إن النَّسر لا يصطاد، وإنَّما ينتظر فريسته حتى تموت من نفسها، أو أن يأكل من فريسة حيوانٍ آخر بعد تركها، ولهذا كان النَّسر طائراً ليس ذا قيمةٍ عند العرب قديماً، بل هو من الطيور الذليلة والوضيعة عندهم.

أما العقاب فهو طائرٌ صيَّادٌ لا يأكل إلا من صيده، وهو ذو بصرٍ حاد، وقوَّةٍ هائلة، بل هو من أقوى الطيور في السماء، وقد مدحه العرب قديماً لصفاته العظيمة، حتى إننا سمعنا عند العرب وما زلنا نسمع من يُسمِّي ابنه (بـعقاب)، ولذلك نجد فرقاً كبيراً بين النَّسر والعقاب.

موطن العقاب

يوجد العقاب في جميع القارات الأرضية، ولكن بأنواعٍ وأشكالٍ، وأحجامٍ مختلفة، حيث إن للعقاب ما لا يقل عن ستين نوعاً، فمثلاً نجد أن العقاب الأمريكي ذا الرأس الأبيض والجسم البنِّي القاتم يختلف عن العقاب الذَّهبي والذي يوجد في أوراسيا وشمال أمريكا وغيرها من القارات الأخرى، وحتى في المناطق العربية نجد العقبان تعيش بين المرتفعات الشَّاهقة من الجزيرة العربية وأفريقيا.

الصيد بالعقبان

إن استخدام العقاب في الصيد من الأمور المنتشرة في مناطق وسط آسيا كما في كازاخستان، وأوزباكيستان، وطاجاكستان، وغيرغيستان، ومن أشهر الدُّول التي تستخدم العقاب في الصيد هي القبائل الموجودة في (منغوليا)، فهذه الشُّعوب كانت وما زالت تمارس هذا الأسلوب في الصيد.

غالباً من يكون استخدام العقاب لاصطياد الحيوانات التي لا يقدر عليها الصَّقر، فالصَّقر طائرٌ صغير الحجم، وأقلُّ قوَّةً من العقاب، كما أن الصَّقر يُستخدم لصيد الحمام، أو الأرانب، أو الطيور الصغيرة، ولكن العقاب فجسده القوي، ومخالبه الطويلة تستطيع اصطياد الثعلب، وماعز الجبل، والظَّبي الصَّغير، حتى إن العقاب يستطيع اصطياد بعض أنواع الذئاب.

أما عن تدريب العقاب على الصَّيد فهذا أمرٌ لا يختلف عن تدريب الصَّقر بشكلٍ كبير، لكن مع العقاب يستخدم المدرِّب فريسةً كبيرة، كالماعز، أو الثَّعلب لتعليم عقابه كيفية المناورة والانقضاض على فريسته، كما أن المدرِّب يعمد إلى ربط الفريسة مع خيله ويركض بأكبر سرعةٍ ممكنة، حتى يُعوِّد عقابه على الانقضاض السَّريع، كما أنه يصعد إلى أعلى مرتَفَعٍ في منطقته، لربما يصل ارتفاع الجبل إلى مئات الأقدام حتى يُعوِّد عقابه على القنص فريسته من بعيد ببصره الثاقب.

أحياناً يستخدم الصَّيادون عِدَّة عقبانٍ في مطاردات الصَّيد الحقيقية، وذلك لأن الفريسة تكون كبيرة كماعز الجبل، أو تكون خطيرة ذات أنيابٍ قاتلة كالذِّئب، وأكثر ما يستخدمه الصَّيادون في منغوليا لصيد الثَّعالب، وذلك للحصول على فروها أولاً، وللتَّخلُّص منها لأنها تسرق دواجنهم وحيواناتهم الصغيرة.