تعريف الهجرة لغة واصطلاحاً

تعريف الهجرة لغة واصطلاحاً
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

تعريف الهجرة

تعريف الهجرة لُغةً

الهِجرة في اللغة كما وردت في معجم المعاني الجامع هي مصدر الفعل هاجَرَ، وتُجمع على هِجرات، وهي خروج الفرد من أرض وانتقاله إلى أرض أخرى بهدف الحصول على الأمان والرزق، أو هي انتقال المرء من بلدٍ إلى بلدٍ آخر ليس مواطناً فيه ليعيش فيه بصفةٍ دائمةٍ،[1] وقد ورد عن ابن فارس أنّ الهاء، والجيم، والراء أصلان، أحدهما يدل على شدّ شيءٍ أو ربطه، أمّا الآخر فيدل على القَطع أو القطيعة، وهي عكس الوَصْل، كما ورد عن ابن منظور أن الهجرة لغةً هي الخروج من أرضٍ لأرض،[2] ويمكن القول إنّ الهجرة في اللغة لم تقتصر على معنىً واحد، وإنما تشتمل على عدّة معانٍ؛ فالهجرة بمعنى المفارقة والقطع، وهي عكس الوَصْل، وتعني مفارقة الشخص لغيره باللسان أو القلب أو البدن، وقد كان أصل الهجرة عند العرب في خروج البدو من البادية مُتّجهين نحو المُدن بحثاً عن الرزق.[3]

تعريف الهجرة اصطلاحاً

للهجرة في الاصطلاح مضامين مختلفة وفقاً للعلم الذي تُدرَّس فيه، حيث إنّ لها مفهوماً في علم السكان، ومفهوماً آخر في الشرع؛ فالهجرة في علم السكان أو علم الديموغرافيا بشكلٍ عام تعني الحركة السكانية التي ينتقل فيها الأفراد أو الجماعات من مكان الإقامة الأصلي أو من المكان الذي يعيشون فيه، ويتّجهون للعيش في مكانٍ آخر لفترة زمنية معينة، وقد يجتازون أثناء انتقالهم حدوداً إداريةً ودوليةً بين المنطقتين، ويكون الباعث في هذه الحركة السكانية الانتقالية إمّا البحث عن الرزق، الذي يتجلى في الأسباب الاقتصاديّة، وإمّا لأسبابٍ سياسية، أو علمية، أو أمنية.[3]

أمّا الهجرة في الاصطلاح الشرعي فلها عدّة تعريفات؛ منها مختصرة وضيقة، ومنها ما هو متسع وشامل تبعاً للأمور التي تؤخَذ بعين الاعتبار في التعريف، فعندما يُقصَد بمصطلح الهجرة هجرة الرسول -عليه الصلاة والسلام- من مكة إلى المدينة، فعندئذٍ يُطلَق عليها الهجرة الخاصة، وهي انتقال الرسول -عليه الصلاة والسلام- والمؤمنين من دار الكفر وهي مكة إلى دار الإسلام وهي المدينة إلى أن تم فتح مكة، وقد تمّ الانتقال تأييداً ونُصرةً للرسول عليه الصلاة والسلام، وإعانة المؤمنين لبعضهم البعض على قتال الكفرة، وهناك تعريف آخر في الاصطلاح الشرعي وهو الهجرة باعتبار الدار، وهي الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، أو الخروج من دارٍ ذات فتنة شديدة إلى دارٍ ذات فتنة أقل منها، أو من دار بِدعة إلى دار سُنّة، أو من دارٍ أقل أماناً إلى دار آمنة أكثر، والجدير بالذكر أنّ تعريف الهجرة باعتبار الدار يكون أشمل وأوسع من الهجرة الخاصة.[3]

وبالتطرق إلى مفهوم الهجرة باعتبارها مادية ومعنوية، فيجدر ذكر أن من اتجه إلى تعريفها أسماها الهجرة العامة، وهي تعبّر عن ترك كل ما نهى الله -سبحانه وتعالى- عنه وهجره، وهي مشتملة على الهجرة الباطنة التي تعني هجر كلّ ما تدعو إليه النفس الأمّارة بالسوء، والهجرة الظاهرة هي هجر كلّ الفتن والتمسك بالدين، وتُعدّ الهجرة الباطنة أصلاً للهجرة الظاهرة، أمّا تعريف الهجرة في الاصطلاح الشرعي بأخذ الدلالة اللغوية بعين الاعتبار؛ فهي تعني الانتقال من أرضٍ إلى أخرى لتحقيق أهدافٍ معينة للمهاجرين، وقد عمد الاصطلاحيون إلى نقل التعريف اللغوي ليصبح اصطلاحياً، ولكن دون تعميم أو تقييد، وبذلك يتفق تعريف الهجرة مع المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي السكاني.[3]

أنواع الهجرة

تشتمل الهجرة على أنواع متعددة، منها:

الهجرة الداخلية

الهجرة الداخلية هي الهجرة التي تحدث داخل حدود الدولة نفسها، مثل: انتقال السكان من المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة إلى المناطق الأقل كثافةً بهدف تعميرها، أو انتقال السكان من الريف إلى المدن، وتكون الهجرة الداخلية أقل تكلفة من الهجرة الخارجية، حيث إنّ الانتقال يكون لمسافات قصيرة، وخالياً من الأمور المتعلقة بالخروج والدخول من دولة إلى أخرى، كما أنّ المشكلات التي تواجه السكان المتنقلين تكون أقل في حال الهجرة الداخلية، مثل: مشاكل اللغة.[4][5]

ومن الأمور التي تدفع السكان إلى الهجرة داخلياً حجم الدولة، حيث تزداد الهجرات الداخلية كلّما كان حجم الدولة كبيراً، إذ تتعدد فيها الأقاليم، وبهذا تختلف جغرافيتها عن بعضها البعض وينتقل السكان فيما بينها، ومن الأمثلة على الهجرات الداخلية الهجرات التي حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية، وهجرات الاتحاد السوفيتي سابقاً، أمّا حجم السكان فلا يُعدّ دافعاً للهجرة من إقليم لآخر في الدولة، وخير مثال على ذلك أنّ الصين والهند تتميزان بحجمٍ سكاني كبيرٍ جداً، ولم تشهد أيٌّ منهما أي هجرات داخلية.[5]

الهجرة الخارجية

تُعرَف الهجرة الخارجية أيضاً بالهجرة الدولية، حيث تعني الانتقال السكاني من دولةٍ إلى أخرى بحثاً عن حياة أفضل، أو هرباً من الأوضاع السيئة أياً كانت أسبابها، وتكون الهجرة الدولية إما هجرة دائمة، وإما هجرة مؤقتة،[4] وتتسم الهجرة الخارجية عادةً بطول المسافة التي يقطعها المهاجرون؛ فقد يقطع المهاجر مسافاتٍ طويلة جداً بهجرته من دولة لأخرى أو من قارة لأخرى، ومن الممكن أن يقطع المهاجر مسافات قصيرة لا تتجاوز بضع عشراتٍ من الكيلومترات بين الدول المتجاورة، والجدير بالذكر أنه لا يمكن اعتبار المسافة هي الفاصل بين الهجرة الداخلية والخارجية، وإنما الفاصل هو الانتقال من دولة إلى أخرى بصرف النظر عما إذا كانت المسافة بين الأقاليم أكثر منها بين الدول.[5]

ومن الأسباب الدافعة للهجرة الدولية سياسات العمل والهجرة في الدول الباعثة والدول المُستقبِلة، أو هجرة الكفاءات المتمثلة في هجرة الشباب المتعلمين من الدول النامية إلى الدول الصناعية، أو بسبب وجود الصراعات السياسية الدافعة للهجرة عبر الحدود، ومن الأمثلة على الهجرات الدولية:[4]

  • هجرة العمالة، مثل: هجرة الأفارقة إلى دول أوروبا، والهجرات إلى دول الخليج العربي؛ للعمل في المشاريع وقطاع الخدمات.
  • الهجرات العلمية التي تُعرَف أيضاً بهجرات العقول، حيث ينتقل الأكثر تعليماً وأصحاب العقول النيّرة من الدول العربية والإسلامية إلى الدول الغربية؛ لعدم توفر فرص التعلم في مواطنهم، بالإضافة إلى الأوضاع المادية الأفضل في الدول الأجنبية.
  • هجرة الأفارقة إلى دول أوروبا، وتُعرَف هذه الهجرة بالهجرة غير الشرعية، حيث إنّ الأفارقة يهاجرون إلى دول أوروبا لتحقيق مستوى معيشي أفضل لهم ولعائلاتهم، فمثلاً: ينتقلون من أفريقيا إلى ليبيا عبر الصحراء الغربية، ومن بعدها ينتقلون بالقوارب إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، والجدير بالذكر أنّ منهم من يغرق قبل وصوله إلى وجهته، ومنهم من يتمّ إنقاذه من الغرق.

إيجابيّات الهجرة وسلبياتها

تأثير الهجرة في المجتمع

تؤثّر الهجرة في الدول التي يغادرها المهاجرون إلى دول أخرى سلباً وإيجاباً، ومن إيجابيات الهجرة أنّها تزيد النقد الأجنبي لبلاد المهاجرين الأصلية، كما تساهم في تدني مستوى البطالة والفقر، وتساهم في تحسين مستوى الفقراء، ممّا يؤدّي إلى تحسين مستوى معيشتهم ومستوى المنازل التي يعيشون فيها لتصبح أكثر رُقيّاً، أمّا الأضرار فتحدث في حال كانت الهجرة مشتملةً على العقول المتعلمة التي تحتاج إليها مواطنهم الأصلية، بينما هجرة الأيدي العاملة لا تسبب أضراراً بقدر هجرة أصحاب العقول.[6]

تأثير الهجرة في الفرد

إنّ للهجرة تأثيراً في الفرد، كما لها تأثير في المجتمع، ويكون تأثيرها في الفرد إمّا سلباً وإمّا إيجاباً، أمّا التأثير السلبي فيتمثل في تحسين مستوى المعيشة، وتحسين المستوى التعليمي أيضاً، وبهذا يتحسّن مستوى الفرد المادي، كما من شأن الهجرة أن تحقق نهضةً وتطوراً فكرياً عظيماً نتيجة تنوع الحضارات التي يمر بها المرء، في حين أنّ التأثير السلبي يتمثل في عمل المهاجرين لأوقاتٍ طويلة، وقد تكون أعمالهم شاقّةً ومتعبة إلى درجةٍ كبيرة، بالإضافة إلى سكنهم في أحياء فقيرة أو منازل مهترئة وغير صحيّة؛ خاصّةً من يهاجرون بطرق غير شرعية، بالإضافة إلى أنهم قد يواجهون بعض الأفكار العنصرية والمتطرفة عند بعض الأفراد في الوجهات التي ينتقل إليها المهاجرون، الأمر الذي يؤثّر في معيشتهم بشكلٍ سلبيّ.[6]

المراجع

  1. ↑ "تعريف ومعنى هجرة في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-25. بتصرّف.
  2. ↑ م.د. محمد جاسم عبد، أحكام الهجرة في الشريعة الإسلامية ، صفحة: 95. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث عبد الله يوسف أبو عليان ، الهجرة إلى غير بلاد المسلمين، حكمها وآثارها المعاصرة في الشريعة الإسلامية، صفحة: 16-20. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت المجلس الأعلى للتعليم، السكان والتغير السكاني ، صفحة: 5-6. بتصرف.
  5. ^ أ ب ت أ.سعد عبد الرزاق الخرسان (2015-2-20)، "الهجرة تعريفها وأنواعها ودوافعها ونتائجها"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-25. بتصرّف.
  6. ^ أ ب "الهجرة وأنواعها وتأثيرها على المجتمع"، www.immig-us.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-26. بتصرّف.