في أي سورة ذكرت قصة سيدنا إبراهيم

في أي سورة ذكرت قصة سيدنا إبراهيم
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

قصص الأنبياء والرسل في القرآن الكريم

جاء القرآن الكريم مُفصِّلاً لأحداث ووقائعَ حصلت قبل مجيء الإسلام، بل ربّما كان حديث بعض آياته عن مرحلة لم يعلم بها البشر إلا من كتاب الله، والغاية والقصد من ذكر تلك القصص والوقائع بالدرجة الأولى أن يَأخذ الناس العِظة والعبرة من تلك الحوادث ويتّعظوا مما حلَّ بغيرهم من الأمم والأقوام السابقة.

إنّ مِن بين القِصص والأحداث التي ذكرها القرآن الكريم قصصُ بعض الأنبياء والمُرسلين، وبيان أحوالِهِم مع أقوامهم، ومُعاناتِهم في دعوتهم، ومن أبرز الأنبياء الذين ذُكرت قِصَصهم في القرآن صراحةً سيّدنا إبراهيم - عليه السلام - حيث جاء ذكرها في أكثر من موضعٍ وأكثر من سورة، ومن المعلوم أنّ لسيدنا إبراهيم عليه السلام قصّةً فريدةً مع قومه تُشير إلى مدى صَبره على أذاهم وحكِمته في التعامل معهم، وقوّة حجته، وأنه لا يُماري في قول الحق ولو كان ذلك مع أقرب الناس له، ولو أدّى ذلك إلى هلاكه.

السور التي ذُكرت فيها قصة سيدنا إبراهيم

ذُكرت قصّة سيدنا إبراهيم - عليه السلام - في عددٍ من السور والمواضع في القرآن الكريم منها:

  • سورة الأنعام: حيث ذكرت ما جرى بينه وبين قومه ودعوته لوالده، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ*وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ*فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ*فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ*فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ*إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ*وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ۚ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ ۚ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا ۗ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۗ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ*وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).[1]
  • سورة البقرة: فيها جاء بيان قصته مع الرّجل الذي حاجه في ربّه وبيان حُسن ردِّ إبراهيم - عليه السلام - عليه، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيم فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيم فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).[2]
  • سورة هود: فيها جاءت البشرى لسيدنا إبراهيم - عليه السلام - بولادة إسحاق - عليه السلام - بعد أن كان قد أيس من الإنجاب والولادة، قال تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ ۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ*فَلَمَّا رَأَىٰ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۚ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ* وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ* قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ* قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ).[3]

سيدنا إبراهيم مولده ونسبه ووفاته

الاسم والنَسَب

هو إِبرَاهِيم بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن قينان بن أرفخشد بن سام بن نوح. قَالَ الزُّبَير بن بكار: ويقولون إِبرَاهِيم بن آزر بن النّاحور بن الشّارغ بن القَاسِم بن يعبر بن السّالح بن سنحاريب، واسم أمّه نونا بنت كرنبا بن كوثا من بَنِي أرفخشد بن سام.[4] وَقَد رَوَى أَبُو أُمَامَةُ أَنَّ رجلاً سأل رسول الله صلى اللَّه عليه وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (كَم بَينَ نُوحٍ وِإبَرَاهِيمَ؟ فَقَالَ: عَشْرَةُ قُرُونٍ).[5]

الولادة

ذُكِر أنّ إبراهيم ـ عليه السلام- ولد في مَنطقة حرّان والتي تقع في الجنوب الشرقيّ من الدّولة التركيّة حالياً، إلا أنّ غالبيّة الرّوايات تُشير إلى أنّ إبراهيم ـ عليه السّلام- قد وُلِدَ في منطقة أُور التي تَقع بالقرب من منطقة بابل في العراق، وقيل: كان مولده بالسّوس من أرض الأهواز، وقيل: كان بالسّواد بناحية كوثى، وقال بعضهم: كان مولد سيّدنا إبراهيم بمنطقة تُسمّى الوركاء ناحية الزَوابيّ وحدود كسكر، ثم نقله أبوه إلى الموضع الذي كان به نمرود من ناحية كوثى، وقال بعضهم: كان مولده بحرَّان، أمّا تاريخ وِلادته الشّريف ففيه عددٌ من الروايات روت خلافاً كبيراً جداً في تحديده بالتفصيل، إلا أنّ جميع تلك الروايات حصرت ولادته بالفترة ما بين عام ألفين وثلاثمئة وأربعة وعشرين قبل الميلاد وعام ألف وثمانمئة وخمسين قبل الميلاد، أمّا التّوراة فقد أشارت إلى أنّ مولده كان قبل ألف وتسعمئة عام قبل الميلاد.[6]

ذَكَر ابن الجوزي في تاريخ الأمم والملوك ما نصُّه: (وَكَانَ بَينَ الطوفان وإبراهيم ألف وتسع وتسعون سَنَة. وَقِيلَ: ألف ومائتان وثلاث وستون سنة، وَذَلِكَ بَعد خلق آدَم بثلاثة آلافٍ وثلاثمائة وثلاثين سَنَة)،[4] وَقَد رَوَى أَبُو أُمَامَةُ أَنَّ رجلاً سأل رسول الله - صلى اللَّه عليه وَسَلَّمَ - فَقَالَ: (كَم بَينَ نُوحٍ وِإبَرَاهِيمَ؟ فَقَالَ: عَشْرَةُ قُرُونٍ).[5]

روى ابن عساكر عن عكرمة أنّه قال: (كان إبراهيم عليه السلام يُكَنّى أبا الضّيفان، قالوا: ولما كان عُمْر تارخ خمساً وسبعين سنة وُلِد له إبراهيم عليه السلام، وناحور، وهاران، وولد لهاران لوط، وعندهم أنّ إبراهيم عليه السّلام هو الأوسط، وأنّ هاران مات في حياة أبيه في أرضه التي وُلِد فيها، وهي أرض الكلدانيّين يعنون أرض بابل، وهذا هو الصّحيح المشهور عند أهل السِّيَر والتّواريخ والأخبار، وصحّح ذلك الحافظ ابن عساكر بعدما روى من طريق هشام بن عمار عن الوليد عن سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول عن ابن عباس قال: ولد إبراهيم بغوطة دمشق في قرية يُقال لها برزة في جبل يقال له قاسيون. ثم قال: والصّحيح أنّه وُلِد ببابل، وإنّما نُسِبَ إليه هذا المقام لأنّه صلّى فيه إذ جاء مُعيناً للوط عليه السّلام).[7]

صُحُف إبراهيم

كانت صحف إبراهيم عليه السلام كلها أمثالاً وحِكماً،[8]، فقد روى ابن حِبَّان في صحيحه عن أبي ذَر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: (قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَتْ صُحُفُ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؟ قَالَ: كَانَتْ أَمْثَالًا كُلُّهَا: أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُسَلَّطُ الْمُبْتَلَى الْمَغْرُورُ لَمْ أَبْعَثك لِتَجْمَعَ الدُّنْيَا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَكِنِّي بَعَثْتُك لِتَرُدَّ عَنِّي دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنِّي لَا أَرُدُّهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ، وَعَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ أَنْ تكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ: سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٌ يَتَفَكَّرُ فِيهَا فِي صُنْعِ اللَّهِ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا لِحَاجَتِهِ مِنْ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ، وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يَكُونَ ظَاعِنًا إلَّا لِثَلَاثٍ: تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ أَوْ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا بِزَمَانِهِ مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ حَافِظًا لِلِسَانِهِ وَمَنْ حَسَبَ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ).[9]

الوفاة

كان إبراهيم عليه السّلام غيوراً، وكان له بيت للعبادة، فإذا خرج أغلقه، وذات يوم دخل بيته فتفاجأ برجلٍ في البيت، فقال له إبراهيم: من أدخلك داري؟ فقال: أدخلنيها ربّها، قال إبراهيم: أنا ربّها، قال: أدخلنيها من هو أملك بها منك، قال: فمن أنت من الملائكة؟ قال: أنا ملك الموت. قال: أتستطيع أن تُريني الصّورة التي تقبض فيها روح المؤمن؟ قال: نعم، ثم التفت إبراهيم فإذا هو بشاب فذكر من حسن وجهه وحسن ثيابه وطيب رائحته، فقال: يا ملك الموت لو لم يلقَ المؤمن عند الموت إلا صورتك لكان حسبه، ثم قبض روحه عليه السّلام.[10]

دُفِنَ إبراهيم عليه السلام في المغارة المَعروفة باسم مَغارة المكفليّة، وهي مغارةٌ اشتراها إبراهيم حتّى تصيرَ قَبراً ومَدفناً له ولأسرته، وهي التي بُنيَ فوقها المسجد الإبراهيميّ لاحقاً في مدينة الخليل في فلسطين.[11]

المراجع

  1. ↑ سورة الأنعام، آية: 74-81.
  2. ↑ سورة البقرة، آية: 258.
  3. ↑ سورة هود، آية: 69-73.
  4. ^ أ ب جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (1992)، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 258، جزء 1.
  5. ^ أ ب رواه الطبراني، في المعجم الأوسط، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 1/128، رجاله رجال الصحيح.
  6. ↑ محمد بن جرير بن يزيد بن كثير الطبري (1387)، تاريخ الطبري (الطبعة الثانية)، بيروت: دار التراث، صفحة 233، جزء 1.
  7. ↑ أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (2003)، البداية والنهاية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، صفحة 324، جزء 1.
  8. ↑ أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي (1987)، الزواجر عن اقتراف الكبائر (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر، صفحة 193، جزء 2.
  9. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 361، حديثٌ صحيح.
  10. ↑ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر شمس الدين القرطبي (1425)، التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع، صفحة 256.
  11. ↑ أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 212.