معلومات من حياة النبي صلى الله عليه و سلم

معلومات من حياة النبي صلى الله عليه و سلم

محمّد صلّى الله عليه وسلّم

ينبغي على كلّ مسلم أن يتدارس بين الفينة والأخرى حياة النبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم؛ ليأخذ منها الكثيرمن العِظات والأحكام العمليّة؛ فحياته تُعدّ من أجلّ السِّير وأوضحها، وأكثرها تداولاً؛ ويُعزى ذلك بالدرجة الأولى إلى الكمّ الهائل من المعلومات والحقائق والأحداث التاريخيّة التي تدور حولها؛ فقد كانت حياة المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- محطّ أنظار العالم كلّه في فترةٍ ما من الفترات، وما زالت الأنظار تتّجه نحو حياة ذلك القائد العظيم القدوة، وفي هذه المقالة سيتمّ بيان بعض المعلومات حول حياته صلّى الله عليه وسلّم.

معلومات عن حياة النبيّ عليه الصّلاة والسّلام

اسم النبيّ ونسَبه

النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- هو ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.[١]

ميلاد النبيّ ومكانه

وُلِد المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- في عام الفيل على الصحيح، وقد نُقِل الإجماع على ذلك، أمّا يوم مولده فقيل: إنّه صادف يوم الاثنين الثاني من شهر ربيع الأول، وقيل: في الثامن من ربيع الأول، وقيل: في العاشر من ربيع الأول، وقيل: في الثاني عشر. ولمّا حملت آمنة أمّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- به، قالت: (ما وجدتُ له ثقلاً، فلمّا ظهر خرج معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب)، أمّا والده عبد الله فقد توفّي بعد أن حملت به أمّه بأشهر.[٢]

مُرضعات النبيّ

من أولى مرضِعات النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- هي ثويبة مولاة أبي لهب، وقد أرضعته أيّاماً فقط، ثمّ استُرضِع له من غيرها، فكانت مرضعته من بني سعد وهي حليمة السعديّة، وقد أقام النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عندها بعد ذلك ما يُقارب أربع سنين، قضاها في بني سعد، وقد حصلت له أثناء ذلك حادثة الشقّ عن فؤاده؛ حيث استُخرِج منه حظّ الشيطان وحظّ النفس، وعلى إثر تلك الحادثة ردّته حليمة السعديّة إلى أمه، فلمّا بلغ ستّ سنين ماتت أمّه، وكانوا حينها في طريقهم إلى مكة المكرمة، فماتت في الأبواء، وبعد موت أمّه، حضنته مولاته أمّ أيمن، التي ورثها من أبيه، وكفِله جدّه عبد المطلب، فلمذا بلغ عمره ثماني سنوات، توفّي جدّه، وكان قد أوصى به قبل وفاته إلى عمّه أبي طالب، فكفِله عمُّه واعتنى به واحتاط عليه، وسانده ونصره وآزره في العديد من المواقف، بعد أن بعثه الله -سبحانه وتعالى- بالرّسالة، ووقف معه موقفاً مُشرِّفاً، مع أنّه كان ما يزال مُستمرّاً على دين آبائه وشِركه حتّى مات، وقد خفّف الله عنه من العذاب؛ لقاء مواقفه مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.[٢]

بعثة النبيّ

بُعِث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعد أن بلغ الأربعين من عمره، والأربعون هو سنّ اكتمال الرجولة ورجاحة العقل، وحينها نزل عليه جبريل وهو يتعبَّد لله في غار حراء، وكان نزوله يوم الاثنين، السابع عشر من شهر رمضان، وكان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إِذا نزل عليه الوحي اشتدّ عليه وتغيَّر وجهه، وتعرَّق جبينه، ولمّا نزل عليه الـمَلَك، قَال له: (اقرأ)، فأجابه صلّى الله عليه وسلّم: (ما أنا بقارئ)، فغطَّه الـمَلَك حتّى بلغ منه الجهدُ، ثُمَّ قَال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (اقرأ)، فأجابه: (ما أنا بقارِئ)، فأعادها عليه ثلاث مرّات ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يجيب: (ما أنا بقارئ)، ثُمَّ قال جبريل عليه السّلام: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ*الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ*عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)،[٣] بعدها رجع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إلى منزله في مكّة، حتّى وصل إِلى زوجه خديجة رضي الله عنها، وكان حينها يرتجف، فأخبرها بما حصل معه، فثبَّتته وقوّت عزيمته وقالت له: (أبْشِرْ، فَوَاللهِ لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبداً، إِنَّك لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتصْدُقُ الحدِيث، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المعْدُوْمَ، وَتُقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلى نَوائِب الحقّ).[٤][٥]

بعد ذلك أخذته زوجه خديجة حتّى إذا وصلت به إلى ابن عمّها ورقة بن نوفل، وكان قد تنصَّر في الجاهليّة قبل مجيء الإسلام، وكان حينها يكتب الكتاب العبرانيّ، فكتب شيئاً من الإِنجيل باللغة العربيّة، وكان كبيراً في السن وقد أصابه العمى لكبر سنّه، فقَالت له خديجة: (يَا ابْن عَمِّ، اسْمَعْ مِن ابْنِ أَخِيك)، فَقَال لَهُ وَرقةُ: (يَا ابْنَ أَخِي، مَاذَا تَرى؟) فَأخْبَره النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بمَا رَأى وما حصل له مع الوحي، فَقالَ لَهُ وَرقةُ: (هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أنزَلَه اللهُ عَلَى مُوسى، يَا ليْتَنِي فِيها جَذَعاً، لَيتني أَكُون حيّاً إِذْ يُخْرِجُك قَومُك). فَقالَ له النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حينها: (أَوَ مُخْرِجِيَّ هُم؟) قَالَ: (نعمْ؛ لَم يأتِ رَجلٌ قَطُّ بمثْلِ مَا جِئتَ بِه إلا عُودِي، وَإن يُدرِكْنِي يَومُك أَنصُرْك نَصراً مؤزَّراً).[٤][٥]

بعد وفاة ورقة بن نوفل فتَرَ الوحي عن النزول إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فاغتمَّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لذلك، واشتاق لنزول الوحي، فما مكث حتّى نزل عليه جبريل على كرسيٍّ بين السّماء والأرض، مُبشِّراً له ومُثبِّتاً، ومُخبِراً إيّاه بأنّه رسول الله حقاً، وفجزِع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وخاف منه، وانطلق إلى زوجه خديجة وهو يرتجف، قائلاً: (زمّلوني، دثّروني)، فأُنزل الله -سُبحانه وتعالى- عليه حينها مطلع سورة المُدّثّر، وأمره أن يدعوَ قومه إلى عبادة الله، ويُنذِرهم، فاستجاب -الرسول صلّى الله عليه وسلّم- لأمر الله، وانطلق يدعو الناس إلى الإسلام كما أمره، وقد آمن معه أناس من كلّ قبيلة، فمكث ثلاث سنين يُسِرُّ بالدّعوة إلى أن أمره الله بالجهر بها، فآذاه قومه، وأهانوه، وشتموه، ورموه بما ليس فيه.[٥]

هجرة النبيّ إلى المدينة

بعد أن اشتدّ أذى قريش لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه، حينها شكا أصحابهمن ذلك، وطلبوا منه أن يأذن لهم بالهجرة، فأذِن لهم بالهجرة إلى المدينة، فخرجوا إليها أفواجاً، بعد أن هيّأ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- المدينة لذلك مُسبقاً، فآواهم الأنصار وتقاسموا معهم أموالهم، ولم يبقَ من المسلمين في مكّة إلا عدد يسير منهم، على رأسهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وأبو بكر الصدّيق وعليّ رضي الله عنهما، وغيرهم ممّن كان به مرض، أو عجز، أو حبس.[٦]

بعد ذلك خشيت قريش أن يخرج النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ويفرَّ ومن معه من المسلمين بالدّعوة، ويصبح لهم كيان مستقلّ، وشوكة ومنعة وقوّة، فاجتمعوا للتشاور في أمره، وكان اجتماعهم في دار النّدوة، وكان ممّن حضر ذلك الاجتماع إبليس، وقد تصوَّر على هيئة شيخ نجديّ، فأشاروا بعدّة آراء، وكان إبليس يرفضها، حتّى قال أبو جهل: (نأخذ من كلّ قبيلة من قريش غلاماً بسيف، فيضربونه ضربة رجل واحد فيتفرّق دمه في القبائل، فلا يقدر بنو عبد مناف على حرب الكلّ)، فقال إبليس: (هذا هو الرّأي)، فأجمعوا على تنفيذ هذه الخطة، إلّا أنّ جبريل -عليه السّلام- أخبر النبيَّ بذلك، فعزم على ترك مضجعه والهجرة في تلك الليلة، وجعل عليّاً مكانه، فلمّا دخل الليل اجتمعوا على بابه يترقّبون نومه ليقتلوه، فخرج عليهم وألقى حفنة تراب في وجوههم، فلم يرَوه، وهاجر برفقة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حتّى وصلا المدينة وأقاما فيها، فبنى فيها مسجداً.[٦]

وفاة النبيّ

كانت وفاة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يوم الاثنين، وقت اشتداد شمس الضُّحى، الموافق للثاني عشر من شهر ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة، وكان يومها أظلم يومٍ يراه المسلمون في حياتهم،[٧] يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: (فَما رأيتُ يوماً قطُّ كانَ أحسَنَ، ولا أَضوأَ مِن يومٍ دخلَ علينا مِنهُ، وشَهِدْتُهُ يومَ ماتَ، فَما رأيتُ كانَ أقبحَ، ولا أظلَمَ مِن يومٍ ماتَ فيهِ صلَّى اللَّه عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ).[٨].

المراجع

  1. ↑ صفي الرحمن المباركفوري (2010)، الرحيق المختوم (الطبعة الحادية والعشرون)، مصر: دار الوفاء، صفحة: 55.
  2. ^ أ ب "اعرف نبيك صلّى الله عليه وسلّم"، www.ar.islamway.net، 30-8-2003، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2017. بتصرّف.
  3. ↑ سورة العلق، آية: 1-5.
  4. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أمّ المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6982، صحيح.
  5. ^ أ ب ت د. عادل الشدي، "بعثة الرسول صلّى الله عليه وسلّم"، www.mercyprophet.org، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2017. بتصرّف.
  6. ^ أ ب "الهجرة من مكة إلى المدينة"، www.darulfatwa.org.au، اطّلع عليه بتاريخ 2-11-20117. بتصرّف.
  7. ↑ "وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم"، www.islamweb.net، 18-7-2002، اطّلع عليه بتاريخ 2-11-20117. بتصرّف.
  8. ↑ رواه الوادعي، في صحيح المسند، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 133، صحيح.