-

تعلم حفظ القرآن الكريم

تعلم حفظ القرآن الكريم
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

القرآن الكريم

يُعرّف القرآن الكريم على أنه كلام الله -تعالى- المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، بواسطة جبريل عليه السلام، المحفوظ في الصدور، والمكتوب في المصاحف، والمصدر الرئيسي للتشريع الإسلامي، وينقسم إلى ثلاثين جزءاً، ويبلغ عدد سوره مئة وأربع عشرة سورة،[1] وتجدر الإشارة إلى أن الله -تعالى- قد هيّأ الأسباب لحفظ القرآن الكريم، فجعله سهلاً ميسّراً للحفظ، وسخّر علماء مجتهدين يعلّمون القرآن الكريم لأبنائهم وطلابّهم، وأنزل الله -تعالى- القرآن الكريم على أمّةٍ معتادةٍ على الحفظ، فقد كان العرب يحفظون القصائد الطويلة بمجرّد سماعها لأوّل مرة.[2]

تعلّم حفظ القرآن الكريم

يُعدّ حفظ القرآن الكريم من الأعمالِ العظيمة في الإسلام، ومهمّةٍ من أجلّ المهمّات، فقد وردت الكثير من الأحاديث النبوية التي تبيّن عِظم فضل حفظ القرآن الكريم، وقد بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن لحافظ القرآن الكريم منزلةً عظيمةً يوم القيامة، فهو من السّفرة الكرام البررة، كما إنه يعلو على غيره في درجات الجنة، فهو من أهل الله -تعالى- وخاصّته، وينعم الله عليه بتاج الكرامة، وحلّة الكرامة، فيُعرف يوم القيامة من بين الخلائق بعظم مكانته عند الله تعالى، ولا تقتصر مكانة الحافظ للقرآن على الآخرة فحسب، بل إن مكانته في الدنيا عظيمةٌ أيضاً، فقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يُفاضل بين أصحابه رضي الله عنهم بحفظ القرآن، فإذا بعث بعثاً جعل أميرهم أحفظهم للقرآن، وإذا أراد أن يعقد الراية عقدها لأكثرهم حفظاً، وإذا أرادوا الصلاة كان الإمام أحفظهم للقرآن، حتى عند الدفن كان يقدّم للّحد في القبر أكثرهم أخذاً للقرآن، ورُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ)،[3][4] ولذلك ينبغي للمسلم الاجتهاد في حفظ كتاب الله تعالى، وفيما يأتي بيان بعض القواعد المهمة لحفظ القرآن الكريم:[5][6]

  • الإخلاص: على الرغم من أهمية بذل الجهد، والتزام القواعد والوسائل المتّبعة لحفظ القرآن الكريم، إلا إنها غير كافيةٍ لنيل الأجر، بل ينبغي إخلاص النية لله -تعالى- خلال الحفظ حتى يقبل الله -تعالى- العمل، لأن الله -تعالى- لا يقبل العمل الذي فيه شرك أو رياء، مصداقاً لقول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ* أَلَا لِلَّـهِ الدِّينُ الْخَالِصُ)،[7] ولما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (قالَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: أنا أغْنَى الشُّرَكاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَن عَمِلَ عَمَلًا أشْرَكَ فيه مَعِي غيرِي، تَرَكْتُهُ وشِرْكَهُ)،[8] ولذلك ينبغي إصلاح القصد من حفظ القرآن الكريم واحتساب الأجر والثواب عند الله، وجعل الهدف من العناية بالقرآن الكريم نيل الجنة.
  • تصحيح النطق والأخطاء: حيث ينبغي قراءة ما تمّ حفظه على شيخٍ متقنٍ حتى يصحّح الأخطاء في حال وجودها، لا سيّما أن القرآن الكريم لا يؤخذ إلا بالتلقّي، فقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ القرآن الكريم عن جبريل عليه السلام مشافهةً، وأخذه الصحابة -رضي الله عنهم- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- عن طريق التلقّي والسماع، وكذلك أخذته الأجيال اللاحقة، بالإضافة إلى أن تصحيح التلاوة يزيد من سرعة الحفظ، لأن مجرد تصحيح الشيخ للأخطاء يساعد على حفظ ثلث الصحفة تقريباً.
  • استخدام طبعة واحدة لمصحف الحفظ: ينبغي الاعتماد على طبعةٍ معيّنةٍ من المصحف في الحفظ، حتى لا يتشتّت الحافظ ويصعب عليه الحفظ، لا سيّما أن الإنسان يحفظ بالنظر، كما يحفظ بالسمع، حيث تنطبع صور الآيات، ومواقعها في المصحف في الذهن أثناء القراءة من المصحف.
  • التسميع الدائم: يُنصح بعرض الحفظ على حافظٍ أو قارئٍ يجيد التلاوة، وذلك لأن الإنسان أثناء حفظه قد يخطئ في تشكيل بعض الأحرف، أو ترتيب بعض الكلمات، أو ما شابه من الأخطاء، وعند عرضه للحفظ على الآخرين فإنه يضمن تثبيت الحفظ بصورةٍ صحيحةٍ.
  • اغتنام العمر الذهبي للحفظ: حيث إن أفضل الأعمار للحفظ من سنّ الخامسة إلى الثالثة والعشرين تقريباً، فقبل الخامسة تكون الذاكرة أضعف من ذلك، وبعد الخامسة والعشرين يبدأ مستوى الحفظ بالتناقص، ويبدأ مسوى الفهم بالتزايد، وصدق من قال: "الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر، والحفظ في الكبر كالنقش على الماء".

حكم حفظ القرآن الكريم

يُعرّف الحفظ لغةً على أنه المنع من التلف والضياع، ويأتي الحفظ بمعنى التعاهد وقلّة الغفلة، أما حفظ القرآن فهو وعيه عن ظهر قلبٍ، ومن الجدير بالذكر أن حكم حفظ القرآن الكريم يختلف بحسب اختلاف ما يضاف إليه، حيث يجب حفظ ما يقرأ في الصلاة على أقلّ تقديرٍ، فقد أجمع الفقهاء الذين يرون أن قراءة الفاتحة في الصلاة ركنٌ من أركانها على وجوب قراءة الفاتحة على كلّ مسلمٍ يستطيع ذلك، وذهب أئمة الحنفية إلى وجوب حفظ الفاتحة وسورةٍ معها على كلّ مسلمٍ، أما حكم حفظ القرآن الكريم ما عدا الفاتحة وسورة معها فقد بيّن أهل العلم أنه واجبٌ على الكفاية، حيث يجب على الأمة الإسلامية أن يكون بينهم عددٌ كافٍ من الحفاظ، فإن لم يتوفّر العدد الكافي أثِم الجميع.[9]

تكفّل الله بحفظ القرآن

خصّ الله -تعالى- القرآن الكريم بالعديد من الخصائص، حيث ميّزه على غيره من الكتب السماوية بالتكفّل بحفظه، مصداقاً لقوله عز وجل: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ)،[10] بينما أوكل حفظ سائر الكتب السماوية كالإنجيل والتوراة إلى أهلها، مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّـهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ)،[11] وقد تآمر أعداء الإسلام منذ بداية الدعوة على كتاب الله تعالى، حيث كان المشركون يَلغون عند تلاوته، و يحاربون أتباعه ويطاردونهم، ويصدّون الناس عن سماعه، ولم يتركوا وسيلةً للحرب إلا واستخدموها، وعلى الرغم من تكالب الأعداء عبر العصور وتآمرهم وتخطيطهم، إلا إنهم لم يتمكّنوا من تغيير كلمة واحدة، زيادةً أو نقصاناً.[12]

المراجع

  1. ↑ "تعريف و معنى القرآن في قاموس المعجم الوسيط"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2019. بتصرّف.
  2. ↑ علي بن عبد العزيز الراجحي، "خصائص القرآن الكريم وحقوقه"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2019. بتصرّف.
  3. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 817، صحيح.
  4. ↑ محمود العشري (8-7-2013)، "فضائل حفظ القرآن"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2019. بتصرّف.
  5. ↑ د. يحيى الغوثاني، "طرق إبداعية في حفظ القرآن الكريم"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2019. بتصرّف.
  6. ↑ "طريقة حفظ القرآن الكريم"، www.islamqa.info، 2000-2-24، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2019. بتصرّف.
  7. ↑ سورة الزمر، آية: 2-3.
  8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2985، صحيح.
  9. ↑ "حفظ"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2019. بتصرّف.
  10. ↑ سورة الحجر، آية: 9.
  11. ↑ سورة المائدة، آية: 44.
  12. ↑ "أن الله سبحانه وتعالى تعهد بحفظه"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2019. بتصرّف.