معنى القنوت

معنى القنوت
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

قنوت النوازل

يُعرف قنوت النوازل بأنّه الدعاء للمسلمين في أوقات النوازل التي تنزل بهم لدفع أذى عدوّ، أو رفع بلاء أصابهم ونحو ذلك، وقد قال الإمام النووي رحمه الله: إنّ الصحيح المشهور قنوت المسلمين في جميع الصلوات إذا نزل بهم بلاءٌ من عدوّ، أو قحط، أو وباء، أو عطش، أو ضرر ظاهر، وقد ورد في قنوت النوازل عددٌ من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فمنها ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه حين قال: (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قنتَ شهرًا يلعنُ رعلًا وذكوانَ، وعُصَيَّةُ عصوْا اللهَ ورسولَه)،[1] ويُستفاد من مجموع الأحاديث الواردة في هذا الباب مشروعية القنوت في النوازل، وذلك لما فيها من دلالة على فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته لذلك، كما يظهر من مجموع الأحاديث أيضاً جواز فعل القنوت في جميع الصلوات المكتوبة، ويكون آكد في صلاة الفجر، كما أنه يكون في الركعة الأخيرة منها، وفي القيام لا في السجود، والحكمة في ذلك أن يشارك المأمومُ الإمامَ في الدعاء ولو بالتأمين، وبالتالي فقد اتفق العلماء على الجهر به.[2]

والمشروع في قنوت النوازل أن يكون قصيراً، فالسنّة أن يبتعد الإمام عن الإطالة به حتى لا يشقّ على الناس، وليكون متبّعاً للرسول صلى الله عليه وسلم مهتدياً بهديه، فقد كان يدعو بكلماتٍ يسيرة، فالعبرة بصدق الدعاء لا بطوله، وبطهارة قلب الداعي وعبوديته الخالصة لله تبارك وتعالى، إلّا أنه يجوز للإمام أن يُطيل فيه إطالة لا تحصل بها مشقةٌ على المصلّين، خاصّةً إذا رأى منهم الرغبة في ذلك، لأنّ الإلحاح على الله سبحانه وتعالى بالدعاء من الأمور المستحبّة المشروعة، ولم ينهَ عنها الرسول صلى الله عليه وسلم إلّا في حالة حصول المشقة للمصلين، ولا يُشترط للقنوت في الصلاة أن تكون النازلةُ الواقعةُ للمسلمين حاصلةً في بلادهم، بل يجوز القنوت لنازلةٍ وقعت خارج بلاد المسلمين طالما يلحق المسلمين ضررٌ منها، ويجوز في القنوت الدعاء لأشخاص معيّنين من المستضعفين من المسلمين إن دعت الحاجة إلى ذلك، ويقتصر دعاء قنوت النوازل على الدعاء بما يتعلّق بالنازلة، فلا يزيد الإنسان في دعائه أدعية أخرى، ويظلّ مشروعاً طالما كان سببه قائماً، فإذا زال سببه تُرك فعله.[2]

معنى القنوت وحكمه

يطلق القنوت على معانٍ كثيرة، فقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله في معناه إنه يطلق على القيام والسكوت والاستمرار على العبادة وعلى الدعاء والتسبيح والخشوع أيضاً، إلا أن المراد به هنا الدعاء أثناء الصلاة في محل مخصوص من قيامها[2]، وهو منحصر في ثلاثة مواطن؛ أولها صلاة الصبح، وثانيها صلاة الوتر، وثالثها قنوت النوازل الذي سبق الحديث عنه، وفيما يأتي التفصيل في الموطنين الآخرين:[3]

  • القنوت في صلاة الصبح: وقد اختلف العلماء في حكمه على ثلاثة أقوال، أولها قول الحنفية والحنابلة والإمام الثوري، حيث رأوا عدم مشروعيته، وقال أبو حنيفة إنّه بدعة، أمّا الإمام الثوري فقد جعله مكروهاً، أمّا الرأي الثاني فهو رأي المالكية في المشهور عندهم، وهو يقضي بأنه مستحبٌ وفضيلة، وأجازوا جعله قبل الركوع أو بعده من الركعة الثانية، غير أنّ الأفضل فيه أن يكون قبل الركوع وبعد القراءة، دون تكبيرة قبله، ولم يرتبوا شيئاً على تاركه سواءً كان عامداً أو ساهياً، أمّا الشافعية فقد رأوا أنّ القنوت في صلاة الصبح سنّةٌ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ورتبوا على تركه سجود سهو سواءً كان تاركه متعمداً أو ساهياً دون أن يخلّ ذلك في صلاته.
  • القنوت في صلاة الوتر: واختلف الفقهاء في هذا النوع على أربعة أقوال، فذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى القول بأنّ القنوت في الوتر واجبٌ قبل الركوع على مدار السنة، ورأى الصاحبان أبو يوسف ومحمد أنه سُنةٌ قبل الركوع على مدار العام أيضاً، وللمصلي المنفرد أن يتخيّر فيه بين الجهر بحيث يسمع غيره، والجهر بحيث يسمع نفسه فقط، والإسرار في النفس، أمّا الإمام فإنّه يجهر به، لكن دون جهره بالقراءة، أمّا الراي الثاني وهو رأي المالكية، فقد قالوا بعدم مشروعية القنوت في صلاة الوتر مطلقاً طوال العام، وذهب الشافعية إلى مشروعيته طوال شهر رمضان المبارك من كلّ عام، وجعلوا موضعه بعد رفع الرأس من الركوع في الصحيح المشهور عنهم، ورأى الحنابلة مشروعيّة القنوت في صلاة الوتر على مدار العام بعد الرفع من الركوع.

ما يقال في دعاء القنوت

وردت بعض الصيغ لدعاء القنوت في صلاة الوتر، منها ما علّمه الرسول صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنه حين قال (اللَّهمَّ اهدِني فيمن هديْتَ وعافني فيمن عافيْتَ، وتولَّني فيمن تولَّيْتَ، وبارِكْ لي فيما أعطيْتَ، وقِني شرَّ ما قضيْتَ، فإنَّك تقضي ولا يُقضَى عليك، وإنَّه لا يذِلُّ من واليْتَ ولا يعِزُّ من عاديْتَ تباركتَ ربَّنا وتعاليْتَ)،[4] أمّا فيما يتعلق بدعاء قنوت النوازل فإنّ الإنسان يدعو به بما يوافق الحال الحاصل للمسلمين، ويجوز للمسلم فيه أن يدعو بما شاء من الدعاء، فالصحيح المشهور الذي قال به جمهور العلماء أنّه لا تتيّعن لدعاء القنوت صيغةٌ معينة، بل يصحّ بأيّ دعاء، فلا حرج بأن يزيد الإنسان على الصيغة الواردة ما شاء من الدعاء بلعن الكفار والدعاء للمسلمين.[5]

المراجع

  1. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 677، صحيح.
  2. ^ أ ب ت الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح (2012-1-24)، "مسائل في قنوت النوازل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-27. بتصرّف.
  3. ↑ " القنوت في الصلاة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-27. بتصرّف.
  4. ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في موافقة الخبر الخبر، عن الحسن بن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1/333، صحيح.
  5. ↑ "القنوت في الصلاة"، www.islamqa.info، 2002-4-13، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-27. بتصرّف.