وسائل التقرب من الله

وسائل التقرب من الله
(اخر تعديل 2024-03-26 07:27:01 )

التقرّب من الله

جعل الله -تعالى- التقرب إليه من أعظم الأمور التي يتوجّه بها العبد إلى ربّه، ولا سيما إن كان هذا التقرب في السر والعلن، ومن أهمّ ما يساعد العبد على التقرب إلى الله تعالى؛ خشيته والخوف منه، فهذه الخشية تُولّد البعد عن المعاصي والمُحرّمات، وتزيد الإيمان في قلب المسلم فيستزيد من الطاعات، ويجدر بالذكر أنّ الناس يتفاوتون في خوفهم من الله تعالى، وأعلاهم مرتبة هم العلماء، فالعلماء يخافون الله -تعالى- على معرفة به، والإيمان بمراقبة الله -تعالى- للإنسان في السر والعلن من أهمّ الأمور التي تساعد العبد على التقرب من الله تعالى.[1]

وسائل التّقرب إلى الله

بيّن الله -تعالى- وسائل التقرب إليه في القرآن الكريم، وبعث رسوله- صلى الله عليه وسلم- ليدلّ الناس على طريق التقرب إليه سبحانه، ولم يترك النبي -عليه الصلاة والسلام- طريق خير إلا دلّ الأمة عليه، ولا طريق شر إلا حذرهم منه، وقد وردت الكثير من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد على ذلك، ومن أنفعها وأجمعها ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إنَّ اللهَ قال: من عادَى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحربِ، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه، فإذا أحببتُه: كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به، وبصرَه الَّذي يُبصِرُ به، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها، ورِجلَه الَّتي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه، وما تردَّدتُ عن شيءٍ أنا فاعلُه ترَدُّدي عن نفسِ المؤمنِ، يكرهُ الموتَ وأنا أكرهُ مُساءتَه).[2][3]

وقد بين الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في كتابه جامع العلوم والحكم أنّ الله -تعالى- صنّف أولياءه المُقرّبين إلى قسمين؛ قسم يتقرب إليه بأداء الفرائض، وتشمل القيام بالواجبات واجتناب المحرمات، وقسم آخر يتقرب إليه بعد الفرائض بالنوافل، ويمكن القول بالاعتماد على ما سبق إنّ وسائل التقرب إلى الله -تعالى- تشمل القيام بالواجبات كلها: كأداء الصلاة، وصيام رمضان، وإتياء الزكاة، وحج البيت، وصلة الرحم، وبر الوالدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومجاهدة النفس على اجتناب المحرمات: كشرب الخمر، والزنى، والغيبة والنميمة، والظلم، والسرقة، وغيرها من المحرمات، ثم يكون التقرب إلى الله -تعالى- بالإكثار من النوافل: كطلب العلم، والسنن الرواتب، وقيام الليل، وغيرها من الأعمال المُستحبّة.[3]

الفرائض

الفرائض في الإسلام كثيرة جداً، ولعل المقام لا يتسع لذكرها جميعاً، ولذلك سنذكر بعض ما فرضه الله -تعالى- على المكلف من الأعمال، والتي لا يمكن أن يدين بالإسلام إلا من خلالها، ومنها:[4]

  • الشهادتين: وهي أول ركن من أركان الإسلام، إذ يجب على كل مسلم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ومعناها: لا معبود بحق إلا الله، وأن الله وحده المستحق للعبادة، فهو الإله الحق، وكل إله غيره باطل، وأن محمداً عبده ورسوله، ويجب طاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه، فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار، وهذا ما يُطلق عليه اسم عقيدة التوحيد، وقد بين الله -عز وجل- هذا المعنى في سورة من أقصر سور القرآن الكريم، وهي سورة الإخلاص، حيث قال تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ* اللَّـهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ)،[5] ولا تنفع كلمة التوحيد قائلها إلا إذا تحقق معها العلم، واليقين، والمحبة، والتصديق، والانقياد لما تقتضيه لا إله إلا الله، بالإضافة إلى الكفر بما يُعبد من دون الله من بشر أو حجر.
  • إقامة الصلاة: هي الركن الثاني من أركان الإسلام، فرض الله -تعالى- على عباده أدائها في خمس أوقات في اليوم والليلة، وللصلاة مكانة عظيمة في الإسلام فهي عمود الدين، وسبب لمغفرة الذنوب والآثام، وصلة بين العبد وربه، وسبب لاجتناب الفواحش والمنكرات، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ)،[6] وهي عبادة تشتمل على التسبيح، والتمجيد، والحمد، والتكبير، وقراءة القرآن، والخضوع، والتذلل، والخشوع لله رب العالمين، وفيها من التعظيم له بالجوارح؛ كالسجود والركوع والجلوس والقيام، والتعظيم بالقلب واللسان من خلال التضرع والتقرب إليه سبحانه.
  • إيتاء الزكاة: هي الركن الثالث من أركان الإسلام، حيث فرض الله -تعالى- على أغنياء المسلمين إخراج ما قيمته ربع العشر من أموالهم، وإنفاقه على الفقراء والمساكين وغيرهم ممن يجوز عليهم النفقة، ومن الجدير بالذكر أن للزكاة فوائد عظيمة على الفرد والمجتمع، فهي تُطهّر الإنسان من رذائل الأخلاق كالشح والبخل، وتوطِّد مشاعر الأخوة والمحبة بين فقراء المسلمين وأغنيائهم، وتجلب البركة والخير، وتُغني ذوي الحاجة من الفقراء والمساكين عن سؤال الناس.
  • صوم رمضان: هو الركن الرابع من أركان الإسلام، حيث يتم التقرب إلى الله -تعالى- من خلال صيام شهر رمضان بالإمتناع عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ولا بُد من الإشارة إلى أن الله -تعالى- قد خفف الصيام عن المسافر، والمريض، والحائض، والنفساء، وجعل لكل منهم أحكامه الخاصة، وفي الحقيقة أن الصيام عبادة تُطهّر النفس من شهواتها، وتُحيي القلب من غفلته، وتُزهّد العبد في الدنيا، وتُذكّره بأحوال إخوانه الفقراء والمساكين فيتذكر نعم الله عليه، ويعطف على إخوانه.
  • حج البيت: هو الركن الخامس من أركان الإسلام، حيث فرضه الله -تعالى- مرة واحدة في العمر على كل مسلم عاقل بالغ قادر، والحج عبادة ذات أقوال وأفعال مخصوصة، تتم في البيت الحرام في مكة المكرمة، ويُقصد منها التقرب إلى الله -تعالى- وتحصيل التقوى، مصداقاً لقول الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّـهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ).[7]

النوافل

النوافل جمع نافلة، وتُعرّف النافلة لغةً بما زاد عن النصيب المُقدّر، وتنقسم النوافل إلى: نوافل معينة ومنها السنن الرواتب، ونوافل مطلقة كقيام الليل، ويمكن القول أن النوافل تشمل كل العبادات غير المفروضة؛ كصلاة السنن الرواتب بعد الصلوات المفروضة وقبلها، وصوم التطوع، وصلاة الضحى، وقيام الليل، وصلاة الاستخارة، وصلاة الحاجة، والصدقة وغيرها من العبادات.[8]

المراجع

  1. ↑ "التقرب إلى الله وخشيته"، 2-11-2015، www.knowingallah.com، اطّلع عليه بتاريخ 16-1-2019. بتصرّف.
  2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
  3. ^ أ ب "طريق التقرب إلى الله"، 20-12-2007، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 16-1-2019. بتصرّف.
  4. ↑ ياسر حامد (19-8-2015)، "أركان الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-1-2019. بتصرّف.
  5. ↑ سورة سورة الإخلاص، آية: 1-4.
  6. ↑ سورة العنكبوت، آية: 45.
  7. ↑ سورة البقرة، آية: 197.
  8. ↑ "الفرق بين النوافل والرواتب وحكمها"، www.fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-1-2019. بتصرّف.