طرق تحفيظ القرآن للأطفال

طرق تحفيظ القرآن للأطفال
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

أهمية حفظ القرآن الكريم ومعيقاته

إنّ أعظم وأجلّ أمور طلب العلم هي حفظ القرآن الكريم، فالناظر في سير العلماء من السابقين واللاحقين يجد أنّ أوّل ما عملوا به واشتغلوا فيه هو حفظ القرآن الكريم، حتى أنّهم كانوا يحفظونه منذ نعومة أظافرهم، وقبل مرحلة البلوغ، ويعود ذلك لكونه أساس العلوم كلها، كما أنّ الأحكام والأدلة تُستمدّ منه أولاً، فإذا حفظوه انتقلوا بعدها للتدرّج في سلّم العلوم الشرعية، وكان الإمام النووي رحمه يقول أنّ أول ما يُبدء به هو حفظ القرآن الكريم، لأنّه أهمّ العلوم، ولم يكن السلف يعلّمون الفقه والحديث إلا لمن حفظ القرآن الكريم أولاً، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن حقيقة كبيرة متعلقة بحفظ القرآن؛ وهي سهولة حفظه ويسرها، وما ذلك إلّا لسهولة ألفاظه، وسلاسة أسلوبه، قال تعالى (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ)[1]، وقد قال العلّامة السعدي في تفسيره لهذه الآية أنّ معناها سهولة ألفاظه للحفظ والأداء، ومعانيه للفهم والعلم، فهو أحسن الكلام لفظاً وأصدقه معنى، فكلّ من أقبل عليه يسّر الله له مراده ومطلوبه منه، وسهله عليه.[2]

ومع سهولة حفظ القرآن الكريم، إلّا أنّ الناس يستصعبونه، وذلك لأسباب عدّة، منها التعذّر بكثرة الانشغالات، سواءً كانت انشغالاتٍ بالوظيفة أو بالأهل أو بغير ذلك، والواقع أنّ كلّ الناس في انشغال دائم، فمنهم من ينشغل بالدنيا ويجعلها همّه الأكبر، ومنهم من ينشغل بالآخرة فيُقبل على القرآن الكريم، وللمسلم في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوةٌ حسنة، فمع كثرة انشغالاته عليه السلام، إلّا أنّه كان يعطي كلّ شيء حقه، ومن تلك الأعذار أيضاً التعذّر بطلب العلم، وهذا عذرٌ مردود؛ لأنّ الأصل في طالب العلم أن يبدأ بالقرآن الكريم أولاً، ومنها كذلك الاعتذار بكثرة تفلّت القرآن ونسيانه، وهذا من مداخل الشيطان، فالحقيقة أنّ علاج النسيان يكون بالمراجعة والحفظ وليس تركهما، ومن الأسباب التي تعيق الإنسان عن حفظ القرآن؛ الوحدة، وعلاج ذلك أن يلتحق الإنسان بحلقات التحفيظ، ويتواصى مع غيره ممن يحفظون القرآن الكريم حتى لا تفتر همّته، ومنها أيضاً استطالة طريق الحفظ، وعلاج ذلك بالصبر والأناة وعدم الاستعجال، وآخر تلك الأسباب هو كثرة المعاصي، فيجدر بالإنسان أن يحرر نفسه من ذلّ المعصية حتى يعينه الله تعالى على حفظ كتابه.[2]

كيفية تحفيظ القرآن الكريم للأطفال

هناك الكثير من الأساليب والوسائل التي تعين على تحفيظ القرآن الكريم للأطفال، إلا أنّ ترغيبهم وتحبيبهم في ذلك يظلّ أهم الأسباب وأكثرها فعالية، ويكون ذلك بعد الدعاء والتوكّل على الله سبحانه وتعالى، يضاف إلى ذلك أهميّة أن يكون الأهل قدوةً صالحةً لأبنائهم في هذا الباب، وأن يصبروا عليهم، ويظلّوا معهم في تكرار رفيق ومتابعة حانية، وفيما يأتي بعض الأمور المعينة على فعل ذلك:[3]

  • الحرص على الاستماع للقرآن الكريم وترديده أثاء فترة الرضاعة، فقد ذكر العلماء أنّ الرضيع يتأثر فيما يدور حوله؛ حيث إنّ حاسة السمع تبدأ بالتقاط واستقبال كلّ ما يصدر حولها من أصوات، فتراه يُخزّن كلّ ما يسمع من ألفاظ، حتى وإن لم يكن قادراً على نطقها واستعمالها في تلك الفترة.
  • المداومة على قراءة القرآن أمام الأطفال، فكم يحاول الأطفال تقليد آبائهم وأمهاتهم، حتى أن كثيراً منهم يقلّدونهم في حركات الصلاة من ركوع وسجود، وهكذا فإنهم إن رأوهم يقرؤون القرآن سيحاولون تقليدهم بلا شك.
  • تقديم القرآن الكريم كهديةٍ للطفل، فالإنسان بطبعه يحبّ التملّك، لذلك فإنّ الطفل عادة ما يعتني بأشياءه الخاصة من ألعاب ونحوها ويتعاهدها بالرعاية، لذلك فإنّ إهدائه مصحفاً يجعله أكثر تعلقاً به وحرصاً عليه.
  • الاحتفال بختم أحد الأطفال للقرآن الكريم قراءة، فالإنسان بشكلٍ عام يحب التحفيز والتشجيع، ويتأكد ذلك في حقّ الأطفال كثيراً، لذلك فمن الجيد أن يقوم الآباء بالاحتفال عند قراءة الطفل لأجزاء من القرآن الكريم أو ختمه وتقديم هدية صغيرة في تلك المناسبة له، وهذا ما سيجعله متحمساً دائماً لتعاهد القرآن.
  • إخبار الأطفال بقصص القرآن الكريم، فالأطفال يحبون القصص، فإذا استطاع الأبوان سرد قصص القرآن للطفل بأسلوبَ مشوّق جميل وأخذا في استخراج العبرة منها ثم ختما ذلك بقراءة الآيات التي وردت القصة فيها كان ذلك سبباً لتعلق الطفل بالقرآن وتسهيل حفظه عليه وزيادة ما لديه من رصيد لغوي قرآني.
  • عقد المسابقات المحفزة لحفظ القرآن الكريم، ويكون ذلك من خلال إقامة مسابقات بين الإخوة في المنزل أو بين الأبناء وأصدقائهم ونحو ذلك مما يشجعهم على حفظ القرآن وتعاهده وتعلمه.

أهمية تحبيب الأطفال بالقرآن الكريم

إنّ الأسباب التي تدعو الإنسان إلى الحرص على ترغيب أبنائه بالقرآن الكريم وتحبيبه لهم كثيرة، ونذكر منها ما يأتي:[4]

  • دستور حياة المسلم، ففيه كلام الله سبحانه وتعالى له، فإذا أحبّه الطفل حرص على التمسّك بكل ما جاء فيه فلم يضلّ أبداً.
  • خير طريقةٍ لتثبيت الإيمان بالله سبحانه وتعالى واليوم الآخر في نفس الطفل، وهكذا يصل الوالدان إلى غايتهما من إعداد طفلهما روحياً، وإيمانياً، وخلقياً.
  • مستودع الفكر والوعي، ومنهاج الاستقامة والهداية، فإذا أحبه الطفل كان ذلك ضماناً لهدايته واستقامته.
  • حبل الله تعالى المتين الذي يربط المسلمين به، ويجمع بين قلوبهم على اختلاف أجناسهم وعروقهم.
  • محبة الطفل للقرآن الكريم في صغره تجعله يشبّ على ذلك، وقد يصبح في المستقبل قاضياً أو وزيراً أو رئيساً فيجعل القرآن الكريم دستوره ومنهاجه.

المراجع

  1. ↑ سورة القمر، آية: 22.
  2. ^ أ ب عامر بن عيسى اللهو، "حفظ القرآن الكريم أهميته ومعواقاته"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-19. بتصرّف.
  3. ↑ د. المصطفى إيدوز (2012-6-6)، "كيف أساعد أطفالي على حفظ القرآن الكريم؟"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-19. بتصرّف.
  4. ↑ محمود العشري (2014-2-17)، "كيف نعين أبناءنا على حب القرآن الكريم؟"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-19. بتصرّف.