من أسباب إجابة الدعاء

من أسباب إجابة الدعاء

الدعاء في ميزان الله تعالى

حثّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين على التوجّه بالدعاء، وسؤال الله -تعالى- حاجاتهم على الدوام، مهما كانت يسيرةً وصغيرةً، وكذلك وجّه الله -تعالى- عباده لسؤاله دائماً، فقال: (قَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)،[1] حيث يعدّ الدعاء أفضل العبادات التي تقرّب العبد من ربّه، وقد عرّف الخطابيّ الدعاء وذكر حقيقته، فقال: (معنى الدعاء استدعاء العبدِ ربَّه عزَّ وجل العناية، واستمدادُه منه المعونة، وحقيقته إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرّؤ من الحول والقوة، وهو سمة العبودية واستشعارُ الذلة البشريَّة، وفيه معنى الثناء على الله عزَّ وجل، وإضافة الجود والكرم إليه)، ولذلك قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الدعاء هو العبادة، وبيّن النبي -عليه الصلاة والسلام- منزلة الدعاء عند الله -تعالى- فقال: (ليس شيءٌ أكرَمَ على اللهِ مِن الدُّعاءِ).[2][3]

أسباب إجابة الدعاء

بيّن النبي -عليه الصلاة والسلام- وورد في سنّته بعض الأسباب التي تساهم في قبول الدعاء وإجابته، ومن هذه الأسباب:[4]

  • استقبال المسلم للقبلة أثناء دعائه، حيث يُستحبّ أن يتوجه الداعي أثناء دعائه إلى القبلة، ولقد ورد في سيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه استقبل القبلة ثمّ دعا يوم بدر أن ينصره الله -تعالى- على المشركين، وكانت دعوته محلّ إجابةٍ عند الله.
  • رفع اليدين أثناء الدعاء، اقتداءً بالنبي، فقد ورد عنه أنّه قال: (إنَّ اللهَ حييٌّ كريمٌ يستحيي إذا رفع الرَّجلُ إليه يدَيْه أن يرُدَّهما صِفْراً خائبتَيْن)،[5] ويُستدلّ من ذلك استحباب رفع المسلم يديه أثناء دعائه.
  • ملازمة الاستغفار وترك الذنوب، رغبةً في إجابة الدعاء، فالله -تعالى- يقول على لسان نبيه نوح عليه السلام: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً*يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً*وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً)،[6] حيث وضّح نبي الله نوح أنّ الاستغفار سببٌ في إجابة الدعاء، وإرسال الثمرات والأرزاق.
  • خفض الصوت أثناء الدعاء، وذلك من التأدّب بين يدي الله تعالى، والله تعالى يقول: (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها)،[7] وقد قيل إنّها نزلت في الدعاء.
  • الدعاء بالخير، فلا يكون الدعاء مُجاباً في سوءٍ أو قطيعة رحمٍ، حيث أرشد النبي -عليه الصلاة والسلام- أمته قائلاً: (لا يزالُ يستجابُ للعبدِ ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رحمٍ).[8]
  • الجزم بالدعاء، وتيقن الإجابة، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يقولَنَّ أحدُكُم: اللَّهمَّ اغفِر لي إن شِئتَ، اللَّهمَّ ارحمني إن شِئتَ، ليعزِمِ المسأَلةَ، فإنَّهُ لا مُكْرِهَ لَهُ).[9]
  • الإلحاح في الدعاء، حيث كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يكرّر دعاءه ومسألته ثلاثاً في كلّ مرّةٍ يتوجّه بالدعاء إلى ربه عزّ وجلّ.
  • الإكثار من الدعاء في الرّخاء، ليكون العبد أقرب لإجابة دعائه في شدّته، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : (من سره أن يستجيبَ اللهُ له عندَ الشَّدائدِ والكُرَبِ، فلْيُكثِرِ الدُّعاءَ في الرَّخاءِ).[10]

آداب تتخلّل الدعاء

لا بدّ للمسلم أن يتحلّى بآدابٍ ترضي الله -تعالى- خلال دعائه، ليتحقق رجاءه ودعاءه بإذن الله، ومن هذه الآداب، أن يتحيّن العبد الأوقات المناسبة لإجابة الدعاء، والحرص على الأذكار والألفاظ في دعائه، وفيما يأتي بيان ذلك بالتفصيل:[11]

  • الإخلاص لله -سبحانه- في الدعاء.
  • استهلال الدعاء بالحمد، والثناء الجزيل لله عزّ وجلّ، والاعتراف بنِعم الله التي لا تحصى، والصلاة والسلام على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
  • اليقين في الإجابة والإلحاح في الطلب، فإنّ الله -تعالى- يحبّ العبد اللحوح.
  • حضور القلب خلال الدعاء، وعدم الانشغال بأمور الدنيا وهمومها.
  • سؤال الله -سبحانه- بأسمائه الحسنى، وصفاته العليا، حيث قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا).[12]
  • تحيّن أوقات إجابة الدعاء، وقد وردت في القرآن الكريم والسنّة الشريفة بعض هذه الأوقات، ومنها:[4]
  • يوم عرفة؛ لأنّه مشهودٌ في إجابة الدعاء فيه، وقد قال النبي عليه السلام: (خيرُ الدُّعاءِ يومُ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أنا والنَّبيون من قبلي: لا إله إلّا اللهُ وحده لا شريك له، له الملكُ، وله الحمدُ، و هو على كلِّ شيءٍ قديرٌ).[13]
  • دعاء أيام شهر رمضان، وخصوصاً وقت الإفطار، فقد ورّد عن النبي -عليه السلام- قوله: (إنَّ للصائمِ عندَ فِطرِه لَدعوةً ما تُرَدُّ؛ قال: سمِعتُ عبدَ اللهِ يقولُ عندَ فِطرِه: اللهمّ إني أسألُكَ برحمتِكَ التي وسِعَتْ كلَّ شيءٍ أن تغفِرَ لي).[14]
  • ساعة خُصّت بالذكر يوم الجمعة، وقد اختُلف في موعده، إلا أنّ المرجّح بين أهل العلم إنّها آخر ساعةٍ من النهار قُبيل الغرب، قال عليه السلام: (فِي الجمعةِ ساعةٌ، لا يُوافِقُها مسلمٌ قائمٌ يُصلِّي، يَسأَلُ اللهَ خيراً إلّا أعطاهُ).[15]
  • أوقات السحر قبل الفجر، ودُبر الصلوات المكتوبة، حيث بيّن النبي -عليه الصلاة والسلام- ذلك عندما أجاب سائلاً بقوله: (أيُّ الدُّعاءِ أسمَعُ؟ قال: جوفُ اللَّيلِ الأخيرِ ودُبُرِ الصَّلواتِ المكتوباتِ).[16]
  • الدعاء في السجود؛ حيث إنّ العبد أقرب ما يكون من ربّه في سجوده.
  • عند الاستيقاظ ليلاً من النوم، فقد ذكر هذا الوقت في حديثٍ صحيحٍ أنّ من سأل الله -تعالى- فيه شيئاً أجابه ربه، قال النبي عليه السلام: (من تَعَارَّ من الليلِ فقال: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ المُلْكُ ولهُ الحمدُ، وهوَ على كلِّ شيٍء قديرٌ، الحمدُ للهِ، وسبحانَ اللهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ، ثم قال: اللهمَّ اغفرْ لي، أو دعا، استُجِيبَ لهُ، فإن توضَّأَ وصلَّى قُبِلَتْ صلاتُهُ).[17]

المراجع

  1. ↑ سورة غافر، آية: 60.
  2. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 870 ، صحيح.
  3. ↑ "أهمية الدعاء في الشدة والرخاء"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-11. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "أسباب إجابة الدعاء"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-11. بتصرّف.
  5. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم: 2\390، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  6. ↑ سورة نوح، آية: 10-12.
  7. ↑ سورة الإسراء، آية: 110.
  8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2735، صحيح.
  9. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6339، صحيح.
  10. ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 8724، صحيح.
  11. ↑ "آداب وأوقات الدعاء"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-11. بتصرّف.
  12. ↑ سورة الأعراف، آية: 180.
  13. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 3274، حسن.
  14. ↑ رواه البوصيري، في إتحاف الخيرة المهرة، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 3\102، إسناده صحيح.
  15. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5294، صحيح.
  16. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 2\396، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  17. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 1154، صحيح.