شعر عن الأب

شعر عن الأب
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

الأب

عندما تنظر إلى سنوات حياتك الّتي مرت، ترى مدى أهمية والدك وفضله عليك وعلى إخوتك؛ فهو صاحب القلب الكبير والصدر الحنون، وهو السند، والمرجع، والقوّة، لذلك لا تستطيع إلّا أن تُقدّره في حياته وحتّى بعد مماته، وتُقدّر مواقفه معك منذ أن كنت صغيراً حتّى كبرت، لذلك أبدع بعض الشعراء في وصف الأب في حياته وحتى بعد مماته، وفيما يلي قصائد عن الأب بأقلام شعراء مختلفين على مرّ الزمان.

وداعاً أبي

  • محمد أبو العلا، شاعر مصري، ولد في عام 1977م وهو أحد أعضاء اتحاد كتاب مصر ومن قصائده عن الأب:[١]

وَأَصْبَحْتَ طَيْفَاً بَعيدَ المَزارْ

وأُقْصِيتَ عَنَّا

فَلَمَّا فَقَدْناكَ ذاكَ النَّهارْ

وجُرِّدْتَ مِنَّا

أتينا إليْكْ

بَكَيْنا عَلَيْكْ

فَقَدْ كُنْتَ فينا كعصْفورِ أيْكْ

بِحُبٍ تَغَنَّى

وقَدْ كُنْتَ فينا مع الحُلْمِ حُلْمَاً

معَ العُمْرِ عُمْرَاً

معَ اللَّيْلِ بَدْراً بهِ قَدْ فُتِنَّا

وَأَصْبَحْتَ طَيْفَاً بَعيدَ المَزارْ

لَقَدْ كانَ يَوْمَاً عَصيباً عَلَيْنا

فَوا أسَفا حَيْثُ ضَاعَ الشَّبابْ

فَقَدْ كانَ كالشَّمْسِ ما إن تَبَدَّتْ

فَكَيْفَ تَوارَى

وفى الفَجْرِ غَابْ؟!

وَها صارَ كالحُلْمِ نَهْفوا إليهِ

فَنَلْقاهُ حَيْثُ انتهيْنا

سَرَابْ

وما كُنْتُ أَحْسَبُ أنَّ الليالى

سَتَغْتالُ نُدْمانَها والشَّرابْ

وأنَّ نُجومَ السَّما النَيْراتِ

سَتَهْوِى

ليَعْلو ذُراها التُّرابْ

ويُصْبِحُ مَنْ كانَ يَمْشى الهُوَيْنا

يُحَلِّقُ كالطَّيْرِ

بَلْ كالشِّهابْ

ويَجْتاحُنا الحُزْنُ حتَّى كَأنَّا

كَفُلْكٍ

تَرَامَتْ بطَامِى العَبَابْ

وَدَاعاً أبى

وَدَاعاً فللمَوْتِ جُرْحٌ عَمِيقٌ

وَدَاعاً فللمَوْتِ ظُفْرٌ وَنَابْ

ودَاعاً أبى وَلْتَنُلْ حَيْثُ تَرْقَى

رَفيعَ الجِنانِ وحُسْنَ المَآبْ

أبي

  • إيليا أبو ماضي شاعر لبناني ولد في عام 1891م، وهو أحد مؤسسي الرابطة القلمية، ومن أجمل قصائده عن الأب:[٢]

طوى بعض نفسي إذ طواك الثّرى عني

أبي خانني فيك الرّدى فتقوضت

وكانت رياضي حاليات ضواحكا

وكانت دناني بالسرور مليئة

فليس سوى طعم المنيّة في فمي

ولا حسن في ناظري وقلّما

وما صور الأشياء بعدك غيرها

على منكي تبر الضحى وعقيقه

أبحث الأسى دمعي وأنهيته دمي

فمستنكر كيف استحالت بشاشتي

يقول المعزّي ليس يحدي البكا الفتى

شخصت بروحي حائرا متطلعا

كذات جناح أدرك السيل عشّها

فواها لو أنّي في القوم عندما

ويا ليتما الأرض انطوى لي بساطها

لعلّي أفي تلك الأبوّة حقّها

فأعظم مجدي كان أنك لي أب

أقول لي إنّي كي أبرّد لوعتي

أحتّى وداع الأهل يحرمه الفتى

أبي وإذا ما قلتها فكأنني

لمن يلجأ المكروب بعدك في الحمى

خلعت الصبا في حومة المجد ناصعا

فذهن كنجم الصّيف في أول الدجى

وكنت ترى الدنيا بغير بشاشة

فما بك من ضرّ لنفسك وحدها

جريء على الباغي، عيوف عن الخنا

وكنت إذا حدّثت حدّث شاعر

فما استشعر المصغي إليك ملالة

برغمك فارقت الربوع ىوإذا

طريق مشى فيها الملايين قبلنا

نظنّ لنا الدنيا وما في رحابها

تروح وتغدو حرّة في عبابه

وزنت بسرّ الموت فلسفة الورى

فأصدق أهل الأرض معرفة به

فذا مثل هذا حائر اللبّ عنده

فيا لك سفرا لم يزل جدّ غامض

أيا رمز لبنان جلالا وهيبة

ضريحك مهما يستسرّ وبلذة

أحبّ من الأبراج طالت قبابها

على ذلك القبر السلام فذكره

ما كنتُ أحْسَبُ بعدَ موتَك يا أبي

  • أبو القاسم الشابي شاعر تونسي وهو من شعراء العصر الحديث، توفي في عام 1934م، وقال في رثائه لوالده:[٣]

ما كنتُ أحْسَبُ بعدَ موتَك

أني سأظمأُ للحياة وأحتسي

وأعودُ للدُّنيا بقلبٍ خَافقٍ

ولكلِّ ما في الكونِ من صُوَرِ المنى

حتى تحرّكتِ السّنون، وأقبلتْ

فإذا أنا ما زلتُ طفِْلاً، مُولَعاً

وإذا التشأوُمُ بالحياة ِ ورفضُها

إنَّ ابنَ آدمَ في قرارة ِ نفسِهِ

لِمَ لَمْ أَرْثِ أَبي

  • أحمد شوقي كاتب وشاعر مصري وهو من أشهر شعراء العصر الحديث، ولد في عام 1868م، وتوفي في عام 1932م، وقال في رثاء الأب:[٤]

سأَلوني لِمَ لَمْ أَرْثِ أَبي

أَيُّها اللُّوّامُ ما أَظلمَكم

يا أبي ما أنتَ في ذا أولٌ

هلكَتْ قبلك ناسٌ وقرَى

غاية ُ المرءِ وإن طالَ المدى

وطبيبٌ يتولى عاجزاً

إنَّ للموتِ يداً إن ضَرَبَتْ

تنفذ الجوَّ على عق

وتحطُّ الفرخَ من أَيْكَته

أنا منْ مات ومنْ مات أنا

نحن كنا مهجة ً في بدنٍ

ثم عدنا مهجة في بدنٍ

ثم نَحيا في عليٍّ بعدَنا

انظر الكونَ وقلْ في وصفه

فقدا الجنة َ في إيجادنا

وهما العذرُ إذا ما أُغضِبَا

ليتَ شعري أيُّ حيٍّ لم يدن

ما أَبِي إلاَّ أَخٌ فارَقْتُه

طالما قمنا إلى مائدة ٍ

وشربنا من إناءٍ واحدٍ

وتمشَّيْنا يَدي في يدِه

نظرَ الدهرُ إلينا نظرة ً

يا أبي والموتُ كأسٌ مرة ٌ

كيف كانت ساعة ٌ قضيتها

أَشرِبْتَ الموت فيها جُرعة ً

لا تَخَفْ بعدَكَ حُزناً أَو بُكاً

أنت قد علمتني تركَ الأسى

ليت شعري هل لنا أن نتلقي

وإذا متُّ وأُودعتُ الثرى

أبي

  • نزار توفيق القباني، هو دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، أصدر أول ديوان له في عام 1944م، وقال نزار قباني في رثاء والده:[٥]

أماتَ أَبوك

ضَلالٌ أنا لا يموتُ أبي

ففي البيت منه

روائحُ ربٍّ وذكرى نَبي

هُنَا رُكنُهُ تلكَ أشياؤهُ

تَفَتَّقُ عن ألف غُصنٍ صبي

جريدتُه. تَبغُهُ. مُتَّكَاهُ

كأنَّ أبي بَعدُ لم يّذهَبِ

وصحنُ الرمادِ وفنجانُهُ

على حالهِ بعدُ لم يُشرَبِ

ونَظَّارتاهُ أيسلو الزُجاجُ

عُيُوناً أشفَّ من المغرب

بقاياهُ في الحُجُرات الفِساحِ

بقايا النُسُور على الملعبِ

أجولُ الزوايا عليه فحيثُ

أمرُّ .. أمرُّ على مُعشِبِ

أشُدُّ يديه.. أميلُ عليهِ

أُصلِّي على صدرهِ المُتعَبِ

أبي.. لم يَزل بيننا والحديثُ

حديثُ الكؤوسِ على المَشرَبِ

يسامرنا.. فالدوالي الحُبالى

تَوَالَدُ من ثغرهِ الطَيِّبِ

أبي خَبَراً كانَ من جَنَّةٍ

ومعنى من الأرحَبِ الأرحَبِ

وعَينَا أبي.. ملجأٌ للنجومِ

فهل يذكرُ الشَرقُ عَينَي أبي؟

بذاكرة الصيف من والدي

كرومٌ وذاكرةِ الكوكبِ..

أبي يا أبي .. إنَّ تاريخَ طيبٍ

وراءكَ يمشي فلا تَعتبِ..

على اسمِكَ نمضي فمن طّيِبٍ

شهيِّ المجاني إلى أطيبِ

حَمَلتُكَ في صَحو عَينَيَّ.. حتى

تَهيَّأ للناس أنِّي أبي..

أشيلُكَ حتى بنَبرة صوتي

فكيف ذَهَبتَ.. ولا زلتَ بي؟

إذا فُلَّةُ الدار أعطَت لدينا

ففي البيت ألفُ فمٍ مُذهَبِ

فَتَحنَا لتمُّوزَ أبوابَنا

ففي الصيف لا بُدَّ يأتي أبي

كيف أنساك يا أبي

  • عبد الله الفيصل بن عبد العزيز آل سعود هو الأمير والشاعر والابن البكر للملك فيصل بن عبد العزيز، ولد عام 1922م في الرياض، ومن قصائده عن الأب:[٦]

أيّ ذكرى تعودُ لي بعد عامٍ

أيّ شهرٍ ربيعُ عمري ولّى

أيّ خطبٍ مروّعٍ كنت أخشا

أيّ يتمٍ أذلّ كبرَ أنيني

أيّ يومٍ ودّعتُ فيه حبيبي

إنه يوم ميتتي قبل موتي

إنه يومُ من تمنيتُ لو ظلّ

إنه يومُ فيصلٍ خرّ فيه الـ

يوم من كان للوجود وجوداً

ليتني كنتُ فديةً للذي ما

"فيصلي" يا مهنداً ما أحبّ الـ

يا حساماً في قبضة الحقّ والإيـ

راح "عبد العزيز" ملحمةُ العز

كيف أرثيك يا أبي بالقوافي

كيف أبكيك والخلودُ التقى فيـ

كيف تعلو ابتسامةُ الصفو ثغري

كيف لا أحسبُ الوجود جحيماً

كيف أقوى على احتباس دموعي

كيف أنساك يا أبي .. كيف يمحو

ليس لي والذهول أمسى نديمي

غيرُ ربّي أرجوه مدّيَ بالصبـ

المراجع

  1. ↑ محمد أبو العلا ، "وداعاً أبى"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-30.
  2. ↑ إيليا أبو ماضي، "أبي"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-30.
  3. ↑ أبو القاسم الشابي، "ما كنت أحسب بعد موتك يا أبي"، www.diwandb.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-30.
  4. ↑ أحمد شوقي، "سألوني لم لم أرث أبي"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-30.
  5. ↑ نزار قباني، "أبي"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-30.
  6. ↑ عبدالله الفيصل ، "كيف أنساك يا أبي"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-30.