حكم السباحة في رمضان

حكم السباحة في رمضان
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

السباحة في الإسلام

شرع الإسلام لعباده القيام بشتى الأعمال التي يكون لهم فيها صلاح ونفعٌ في الدنيا، وليس فيها ضرر، على ألا تؤثر في عباداتهم ومعتقداتهم، وألا تُخالف أحكام الإسلام وتشريعاته السمحة، وقد حبب الإسلام بالرياضة ودعا لها، وذلك من خلال الدعوة لتعلم جميع ما فيه منفعةٌ للجسد كالسباحة والرماية وركوب الخيل، وغير ذلك من الرياضات القديمة والمعاصرة، ومن ذلك ما ثبت في الحديث الصحيح من رواية بكر بن عبدالله بن سعيد الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عَلموا بنيكُمُ السباحةَ والرميَ ولَنعمَ لهوُ المرأةِ مغزلُها وإذا دعاكَ أبوكَ وأمُّكَ فأجبْ أمُّكَ)،[1] لذلك ينبغي على المسلم السعي لتحصيل الدراية التامة بجميع أنواع الرياضات التي توافق الشريعة ولا تخالفها، أو يكون فيها حرامٌ صريح، أمّا السباحة في رمضان للصائم فلا تخرج عن كونها عملية جسديّة رياضيّة، فهل تؤثر تلك العملية في صحة الصيام، وإن كان لها تأثيرٌ عليه فما حكم السباحة أثناء الصيام؟ ذلك ما ستبحثه هذه المقالة بعد توفيق الله.

حكم السباحة في رمضان

حكم السباحة للصائم في نهار رمضان مرتبط بأمرين؛ فإما أن يضمن الصائم أثناء السباحة ألا يدخل شيءٌ من ماء السباحة إلى جوفه، وإمّا ألا يضمن ذلك، ولكل حالةٍ منهما حكمٌ مستقل، وبيان ذلك فيما يلي:[2]

  • إذا غلب على ظن الصائم أنّه لن يدخل شيءٌ من الماء إلى جوفه أثناء السباحة عن طريق الفم، أو الأنف، أو أي منفذٍ يوصل الماء للجوف، بحيث كان يُتقن السباحة ويضمن الحفاظ على صيامه، فصيامه صحيحٌ ولا بأس في السباحة له، بشرط أن يواظب ويحافظ على عدم دخول الماء إلى جوفه ما أمكن، وحكمه بذلك وحكم سباحته أثناء الصيام كحكم الاغتسال في نهار رمضان للصائم، حيث أجاز العلماء الاغتسال للصائم في نهار رمضان، ولو كان القصد من اغتساله التبرد فقط، وقد ثبت أن ابْن عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كان قد بَلَّ ثَوْبًا فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ، حيث أورد البخاري ذلك في صحيحه، مما يعني جواز ذلك في نهار رمضان للصائم.
  • إذا غلب على ظن الصائم الذي يريد السباحة أثناء الصيام أنّ الماء سيدخل إلى جوفه، فلا تجوز له السباحة أثناء الصيام تحرُّزاً من ذلك لكي لا يفسد صيامه، والدليل على ذلك ما رواه لَقِيْطٍ بنِ صَبِرَة رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ أنّه قَالَ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنْ الْوُضُوءِ؟ قَالَ: أَسْبِغْ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ، إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا).[3]
  • يرى جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية أنّ الصائم في هذه الحالة يبطُل صومه حتى لو غلب على ظنه أنّه لن يدخل شيءٌ من الماء إلى جوفه.
  • ذهب بعض العلماء كالحنابلة وبعض فقهاء التابعين إلى عدم بطلان صيام الذي يسبح في نهار رمضان، ثم يدخل شيءٌ من الماء إلى جوفه.

تعريف رمضان والصيام

  • رمضان لغةً: مُشتق من الرَّمض، ويعني ذلك حرّ الحجارة الذي ينتج عن اشتداد الحر، والرّمضاء؛ الصحراء، سُميّت بذلك لشدّة الحرّ فيها، وسُمي رمضان بذلك لأنّ فرضيته جاءت في وقت اشتداد الحر، قيل بل إنّ تسمية العرب له كانت في وقت اشتداد الحر.[4]
  • رمضان اصطلاحاً: اسمٌ لشهرٍ من أشهر السنة الهجريّة، سُمي بذلك لأنَّه صادف وقت تسميته وقت اشتداد الحر ورمض الصحراء، فسمّوه العرب بذلك اشتقاقاً من الرمضاء والرمض الذي يعني حرَّ الحجارة في الصيف كما ورد في التعريف اللغوي للصيام.[5]
  • الصّيام لغةً: مصدر صام يصوم صياماً وصوماً، وهو يعني الإمساك والامتناع، ويُستخدم في الغالب للتعبير عن امتناع المسلم عن الأكل والشُّرب في شهر رمضان رمضان وغيره من أيام الطاعات.[6]
  • الصّيام اصطلاحاً: لا يخرج الصيام في الاصطلاح عن معناه اللغوي، حيث يعني في الاصطلاح الإمساك، والامتناع عن الطّعام والأكل والشرب وجميع المفُطِّرات الحسيّة والشهوات الجسديّة خلال أوقات مخصوصة.[7]

المراجع

  1. ↑ رواه محمد بن محمد الغزي، في إتقان ما يحسن، عن بكر بن عبدالله بن سعيد الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1/363، حسنٌ لغيره.
  2. ^ أ ب محمد صالح المنجد (25-10-2005)، "حكم السباحة في رمضان"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 30-6-2017.
  3. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن لقيط بن صبرة، الصفحة أو الرقم: 788، حسنٌ صحيح.
  4. ↑ الفراهيدي، العين، السعودية: دار ومكتبة الهلال، صفحة 39، جزء 7.
  5. ↑ أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، بيروت: المكتبة العلمية، صفحة 238، جزء 1.
  6. ↑ أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي (1996)، المخصص (الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 58، 59 جزء 4.
  7. ↑ محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن بطال الركبي (1988)، النَّظْمُ المُسْتَعْذَبُ فِي تفْسِير غريبِ ألْفَاظِ المهَذّبِ، مكة المكرمة: المكتبة التجارية، صفحة 169، جزء 1.